تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تقرير الـsns: السعودية: حكم الصبية.. عاصفة الفجر: المُلك للسديريين.. بيريسترويكا سلمان!!

               الأمير مقرن خارج الحكم، محمد بن نايف ولياً للعهد، محمد بن سلمان ولياً لولي العهد، وعادل الجبير مكان سعود الفيصل. هكذا استفاق السعوديون، أمس، على «عاصفة» التغييرات التي أجراها الملك سلمان، فجراً، والتي لم تقتصر على مسؤولي الصفين الأول والثاني في رأس الهرم داخل السعودية، بل شملت مسؤولين من الصفوف الأدنى في جهاز الحكم السعودي، ليستكمل بها ما يمكن وصفه بـ«الانقلاب الأبيض»، الذي لاحت بوادره سريعاً منذ اتخاذ الملك الجديد سلسلة قرارات ملكية غداة وفاة اخيه الملك عبد الله في كانون الثاني الماضي، وتسلمه العرش، في إطار إجراءات سريعة لانتقال الحكم في المملكة النفطية.

وأفادت السفير أنّ قرارات الفجر تلك، اتخذت شكل اوامر ملكية متلاحقة، استُهلت بإعفاء الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود من ولاية العهد ومن منصب نائب رئيس مجلس الوزراء «بناء على طلبه»، واختيار الأمير محمد بن نايف ولياً للعهد، وتعيينه نائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للداخلية ورئيساً لمجلس الشؤون السياسية والأمنية. أما الأمر الملكي الثاني فتضمن اختيار الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولياً لولي العهد، مع تعيينه نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للدفاع ورئيساً لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.

والى جانب التغييرات الدراماتيكية على مستوى ولاية العهد، اصدر الملك سلمان ثلاثة اوامر اخرى سيكون لها تأثيرها الواضح على السياسة الخارجية للمملكة النفطية، قضى أولها بـ «الموافقة على طلب» سعود الفيصل إعفاءه من منصبه كوزير للخارجية بسبب «ظروفه الصحية»، وثانيها، تعيينه وزير دولة وعضواً في مجلس الوزراء، ومستشاراً ومبعوثاً خاصاً للملك سلمان، ومشرفاً على الشؤون الخارجية»، فيما تضمن الثالث تعيين سفير السعودية لدى الولايات المتحدة عادل بن أحمد الجبير وزيراً للخارجية. ولفتت السفير إلى أنّ عاصفة التغييرات هذه لم تكن مفاجئة تماماً، فالمؤشرات أتت باكراً بشأن رغبة الملك السعودي في طي صفحة اخيه الراحل، وهو ما تبدّى في الترتيبات الاولى لانتقال الحكم، وما تلاها بعد ذلك بأيام من تعيينات عززت قبضة السديريين على الحكم، وفتحت الباب للمرة الاولى أمام «الجيل الثاني» للوصول الى السلطة وسط عاصفة من التغييرات والتحديات الداخلية والإقليمية.

لكن الخطوة الأخيرة، وبصرف النظر عن التوقعات السابقة بشأنها، أثارت تساؤلات بشأن الطريقة التي اتخذت من خلالها، وتحديداً لجهة تعمّد إصدار الأوامر الملكية فجراً من دون مبرر شكلي كذاك الذي قيل حين توفي الملك عبد الله، أو في توقيتها الحساس، الذي تخوض فيه المملكة النفطية حربها على اليمن، التي باتت ميداناً للصراع الحاد بين السعودية وإيران. وفي العموم، فإن عاصفة التعيينات تلك تعكس تكريس نفوذ السديريين في حكم السعودية، سواء في الوقت الراهن، او في المستقبل، وذلك بعدما تلاشت احتمالات تولي مقرن الحكم خلفاً للملك سلمان بتنحيته عن ولاية العهد، التي انتقلت عملياً الى أميرين من الجيل الثاني في الأسرة الحاكمة، أكبرهما في مطلع الخمسينات من العمر (محمد بن نايف)، وأصغرهما في حدود سن الثلاثين (محمد بن سلمان).

واعتبرت السفير أنه حتى الآن، لا يمكن توقع مجريات الأحداث في مطبخ السياسة الملكي، باعتبار أن كل ما يتصل بالشؤون الداخلية للعائلة السعودية الحاكمة، في ما عدا بعض ما «غرّد» به الأمير المجهول «مجتهد» عبر حسابه على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي، والذي بات قبلة الباحثين عن خفايا ما يدور في كواليس آل سعود. ومما كشف عنه «مجتهد» بداية في هذا الخصوص سبق القرارات الأخيرة بيومين، حين «غرّد» عبر «تويتر» في السادس والعشرين من نيسان الحالي، قائلاً إن الأمير مقرن «يتعرّض لضغط من قبل (أحد الأقوياء) لكي يبادر بنفسه الى إعلان التنحّي بصيغة يجري الاتفاق عليها، بدلاً من أن يتمّ إبعاده بأمر ملكي»، وأن «متعب بن عبدالله يُحذّره من الموافقة» على هذا المخرج، لأن الأخير «لا يزال يراهن بأن مقرن يستطيع إعادته بعد وفاة سلمان وإقصاء محمد بن نايف».

وفور صدور الأوامر الملكية، فجر أمس، نشر «مجتهد» سلسلة «تغريدات» جديدة، أشار فيها الى أن الأمير مقرن «كان على علم أنه سيتمّ إبعاده، وفهم من الضغوطات الأخيرة أنه مغادر، لكن لم يصله أي طلب رسمي من الملك حتى مساء أمس (الأول)». وعن تعيين عادل الجُبير وزيراً للخارجية، غرّد «مجتهد» أن سفير السعودية لدى واشنطن كان على وشك أن يُقال لأنه محسوب على التويجري لكنّ ترشيحه جاء بـ «توصية أميركية».

وبينما تبقى مصداقية هذه التفاصيل على ذمة مطلقها، يبدو واضحاً أن قرارات الملك سلمان تحمل بصمات محمد بن نايف، الذي تولى ترتيب البيت الداخلي قبل وفاة الملك عبد الله، بحكم علاقاته الوطيدة بمراكز القرار في الولايات المتحدة... ويبدو أن الأمير النافذ، قد استعجل إقصاء مقرن (70 عاماً)، الذي كان يفترض أن يكون آخر الملوك من «الجيل الاول»، في خضم الحرب على اليمن، التي استغلها الثنائي محمد بن نايف (صاحب النفوذ القوي داخل المؤسسة الأمنية) ومحمد بن سلمان (الذي سطع نجمه سريعاً في قيادة القوات المسلحة)، لتحييد متعب بن عبد الله عن الصراع الداخلي، عبر تكليف الحرس الوطني، الذي يقوده، حماية الحدود، وهو قرار سبق الإعلان عن إنهاء عملية «عاصفة الحزم».

وتبدو كذلك بصمات محمد بن نايف (56 عاماً)، الذي يوصف بأنه «جنرال الحرب على الإرهاب»، واضحة، من خلال بعض التفاصيل التي سبقت صدور الأوامر الملكية، ومن بينها الإعلان عن تفكيك خلايا تابعة لتنظيم «داعش»، كانت إحداها تخطط لمهاجمة السفارة الأميركية في الرياض. كذلك، فإنّ تعيين محمد بن سلمان ولياً لولي العهد يكشف عن بعض الأهداف الداخلية لعملية «عاصفة الحزم»، التي سطع نجمه فيها، وتردد أنها كانت فكرته. ولعلّ ما ورد في الأمر الملكي بشأن تعيينه يؤكد بعض التكهنات بشأن استغلال الحرب على اليمن لتعزيز نفوذ الملك الشاب (30 عاماً) الذي «اتضحت قدراته للجميع من خلال كل الأعمال والمهام التي أنيطت به، وتمكن - بتوفيق من الله - من أدائها على الوجه الأمثل».

وإلى جانب الترتيبات المتعلقة برأس الهرم، فإن ما تضمنته الأوامر الملكية الأخرى بشأن التعيينات الأخرى على مستوى جهاز الحكم، تعكس توجهاً لإحكام الجناح المحافظ في المملكة قبضته على كل مفاصل الدولة.

وتحت عنوان: متعب بن عبدالله وحيداً على حدود اليمن: فجر القلق السعودي في زمن الحرب، اعتبر خليل حرب في السفير أيضاً أنّ ما من شيء عادي في الأوامر الملكية السعودية، وهي تصدر والناس نيام في ساعات الفجر الاولى، ثم تنشد المبايعة منهم! وما من شيء عادي في الاوامر الملكية، وهي تصدر بهذا الزخم العددي في عهد الملك السابع، مثلما فعل في الساعات الاولى من عهده والملك السادس لم يوارَ في الثرى بعد، وكما فعل بعد أيام على وفاه عبدالله، عندما أعاد هيكلة أركان الدولة، وترسيخ هيمنة العائلة، أو تحديدا «الجناح السديري» فيها. وما من شيء عادي في أن تقوم مملكة، تتسم داخليا بالصمت والقلق السياسي، بسلسلة تغييرات واسعة، تطال في من تطالهم بالإبعاد، ولياً للعهد وهو أخ غير شقيق، وهو في زهوة نشاطه وصحته، ثم ترفع ابناً في الثلاثين من عمره، الى منصب ولي ولي العهد، لأنه برهن، وفق الأمر الملكي، عن أداء واجباته «على الوجه الأمثل»، على الرغم من أنه لم يمض 100 يوم في وزارة الدفاع، أو حتى في رئاسة الديوان الملكي لوالده. وما من شيء عادي في الأوامر الملكية الـ25، وهي تصدر في لحظة احتدام إقليمي، وانخراط سعودي مباشر في حرب على اليمن، واندفاعة تسليحية وسياسية ضد دمشق، وأدوار ملتوية في حمام الدم في العراق.

واذا كان مفهوما ان يتم إعفاء سعود الفيصل «بناءً على طلبه»، من منصبه في وزارة الخارجية، بالنظر الى حالته الصحية المتدهورة التي يلاحظها الجميع، فإن ما يثير استغراب المراقبين إعفاء الامير مقرن «بناءً على طلبه» وهو كما يبدو بحالة صحية أفضل بالتأكيد من صحة الملك نفسه، ومن غالبية أبناء الملك المؤسس، ثم «يجامله» الملك سلمان بالاشارة الى «مكانته العزيزة» لدى جلالته! وتصح التساؤلات هنا ايضا، اذ بينما يبدو إعفاء سعود الفيصل طبيعيا، إلا ان هذا المنصب الديبلوماسي الرفيع، خرج من العائلة الى عادل الجبير، وهو ديبلوماسي مخضرم في واشنطن، كان مقربا من السفير السابق بندر بن سلطان، «عراب» العلاقات مع الادارات الجمهورية والديموقراطية في واشنطن، والمؤامرات الاقليمية.

وأضاف حرب: اذا كان تعزيز مكانة محمد بن سلمان يعبر عن رغبه ابيه الملك، فإن محمد بن نايف يعبّر كما ظهر بوضوح خلال السنوات الماضية عن رغبة غربية، أميركية تحديدا، في ظل ما يوصف بالنجاحات التي حققها في المعركة على الارهاب. انه على ما يبدو التقاء التوافقات الداخلية والخارجية في هذه اللحظة الاقليمية الملتهبة، والمقبلة على تحولات كثيرة، سواء في التطبيع الجاري نووياً بين واشنطن وطهران، أو حرب اليمن ومحاذيرها، أو اشتعال الشمال السوري بغزو «جهادي ـ اقليمي» استبقه محمد بن نايف، بزيارة الى تركيا قبل ثلاثة أسابيع فقط. لكن رائحة القلق تفوح من الأوامر الملكية. ليس حدثا عاديا أن يتوجه السعوديون الى مراسم المبايعة لولي العهد الجديد ونائبه للمرة الثانية خلال أقل من مئة يوم، وفي ظلال حرب سوداء، وأفق إقليمي مظلم، وأمراء من «الجيل الثاني» أقل وئاما داخليا، يصعدون بالمئات، أكثر تحررا وتطلبا من آبائهم، الى رغبات السلطة والحكم، وشهواته.

وفي صحيفة الأخبار، وتحت عنوان: السعودية: حكم الصبية، اعتبر فؤاد إبراهيم أنّ «انقلاب الفجر»، هي التسمية الأكثر دقة لسلسلة الأوامر الملكية، الثالثة من نوعها في عهد الملك سلمان. كانت أشبه برصاصة الرحمة على ما بقي من إرث الملك الراحل عبد الله، وتطرح تساؤلات عن مصير ابنه متعب. تعبير عن صراع يعتمل داخل الأسرة الحاكمة، وتعكس شخصنة للسلطة التي باتت في عهدة «الصبية». وأوضح الكاتب أنّ الملك سلمان أجهز أمس على ما تبقى من تركة سلفه عبدالله، بإعفاء الأمير مقرن من ولاية العهد، بعدما كان الضمانة الوحيدة لوصول الأمير متعب بن عبدالله، إلى العرش... وبذلك تصبح المملكة السعودية خاضعة بالكامل لسلمان وابنه محمد، وزير الدفاع وولي ولي العهد ورئيس لجنة الشؤون الاقتصادية والتنمية، وابن شقيقه محمد بن نايف، ولي العهد ووزير الداخلية ورئيس لجنة الشؤون السياسية والأمنية.

وفي سابقة في تاريخ الدولة السعودية يتمّ إعفاء ولي العهد من منصبه، إذ لم يصل الخلاف الذي نشب بين سعود وفيصل في مطلع الستينيات من القرن الماضي إلى حدّ إعفاء سعود لأخيه فيصل من منصبه، ولكن سلمان فعل ذلك رغم أن الأمر الملكي رقم أ/86 الصادر عن الملك عبدالله بتاريخ 28 آذار 2015 ينص على أن أمر تعيين مقرن في ولاية العهد «لا يجوز بأي حال من الأحوال تعديله، أو تبديله، بأي صورة كانت من أي شخص كائناً من كان، أو تسبيب، أو تأويل، لما جاء في الوثيقة الموقّعة منّا ومن أخينا سموّ ولي العهد..» أي سلمان. ومن الواضح أن هذه الفقرة كان يراد منها قطع الطريق على الملك، بعد عبدالله، في إجراء أي تعديل، إذ لا يمكن تصوّر حصوله في عهد الملك عبدالله.

وتابع الكاتب بأن حجم الأوامر الملكية ونوعها ودلالاتها في غضون ثلاثة شهور منذ تولي سلمان العرش تعبّر عن أزمة الدولة السعودية.. التعديلات أخذت إلى حدّ كبير طابعاً شخصياً، تجاوزت الأعراف السائدة في ما يرتبط بالمناصب السيادية. وفي دلالات الأوامر الملكية الجديدة، اعتبر الكاتب؛ أن ثمة أزمة حكم في البيت السعودي؛ وضع حدّ للتباينات داخل العائلة المالكة حول العدوان على اليمن، بعد ظهور مؤشرات على معارضة أمراء للمقاربة العسكرية منذ البداية واستفراد محمد بن سلمان بقرارات الحرب والسلم؛ احتواء تداعيات فشل العدوان على اليمن، الأمر الذي يتطلب «تماسك» الجبهة الداخلية في حال تقرر وقف الحرب دون تحقيق منجزات ميدانية يمكن التعويل عليها؛ إن الأوامر الملكية أخذت إلى حدّ كبير طابعاً شخصياً، وأن سلمان تجاوز الأعراف السائدة فيما يرتبط بالمناصب السيادية، وفرض معيار الولاء له شخصياً وليس الولاء للعائلة المالكة.

ولفت الكاتب إلى أنّ التأمل في الأوامر الجديدة يوصل إلى نتيجة مفادها أن سلمان دخل مع الأميركي في ترتيبات السلطة، وتقوم على انتقاء أشخاص مقرّبين من واشنطن (مثل وزير الداخلية محمد بن نايف ووزير الخارجية عادل الجبير) في إطار صفقة تشمل تعيين محمد بن سلمان في منصب ولي ولي العهد وإعفاء مقرن وتالياً تهميش جناح عبدالله. أما السيناريوهات المحتملة في المرحلة المقبلة سوف فتأتي في السياق نفسه الذي بدأه سلمان منذ الساعات الأولى لاعتلائه العرش، وهناك سيناريوان مطروحان في الوقت الراهن:

ـ الأول: تنحّي الملك عن السلطة وتعيين محمد بن نايف ملكاً ومحمد بن سلمان ولياً للعهد. الثاني: إلغاء وزارة الحرس الوطني وإعفاء الأمير متعب من منصبه كوزير للحرس، وإلحاقها بوزارة الدفاع التي يتولاها محمد بن سلمان، فيما يتولى متعب منصباً شرفياً. رسالة الرئيس أوباما إلى الأمير متعب ليست معزولة عن تطوّرات أمس، بل قد تأتي في سياق احتواء ردود فعل متوقّعة من قبل جناح وجد نفسه بلا «ريش» في غضون فترة قياسية.

وتحت عنوان: «بيريسترويكا» سلمان، اعتبر ابراهيم الأمين في افتتاحية الأخبار انّ سلمان آل سعود، يكاد يشبه ميخائيل غورباتشوف. قاد الأخير عملية تفكك ــ يعتقد كثيرون أنها كانت حتمية ــ للاتحاد السوفياتي العظيم. وها هو سلمان، يفتتح عملية تفكيك مملكة آل سعود غير العظيمة. عناصر الشبه تتصل حصراً بالاعتقاد بأن المشكلة هي في الأشخاص الذين يتولون المناصب الرفيعة التي تحكم البلاد. توهم آخر زعماء الاتحاد السوفياتي أن مشكلة الحريات يمكن معالجتها من خلال كلمة «غلاسنوست» أو الشفافية... كانت لعبة سمجة استمرت بضعة أشهر لا أكثر، قبل أن يُنسف العمود الرئيسي ثم بدأ البناء بالسقوط.

اليوم، يجد سلمان ــ وللدقة ــ يجد من يدير عقل سلمان، أن علاج أزمة مملكة القهر يكمن في نسف قواعد بُني عليها اختيار المسؤولين البارزين منذ استيلاء آل سعود على الجزيرة العربية. وهو لا ينفك يقيل هذا ويعين هذا منذ الساعة الأولى التي أعلن فيها طبيب العائلة وفاة سلفه عبدالله. وبرغم أن «أوامره الملكية» بدت كأنها مطبوعة ومعدة سلفاً، إلا أنها لا تنمّ عن تخطيط أو وعي لحقيقة المشكلة. إنها تعكس العقل الانقلابي الذي يسيطر على هذا العقل البدوي. وهي تقود عادة إلى محاولة الإمساك بكل شيء، وإشراك من لا يمكن تجاهله. وفي هذه الحالة، لا ينمّ تواضع سلمان وفريقه إزاء عائلة نايف عن احترام للمقامات والعادات، بل هو إجراء اضطراري، لأن الولايات المتحدة الأميركية، وافقت على تغطية كل ما يريد القيام به، شرط عدم التعرض لمحمد بن نايف. قال الأميركيون منذ اليوم الأول لسلمان: لك الحكم، لكن محمد بن نايف شريك فعلي. وهذا ما يحصل.

وأضاف الأمين: جاء العدوان على اليمن ليكشف الغطاء عن عجز التغييرات الأولى عن تحقيق أي هدف. وجاءت قرارات أمس، لتظهر للجمهور عن الجزء الثاني من الانقلاب. لكنها لم تأت بجديد. فالكل يعلم أن مقرن كان ولياً للعهد بالاسم فقط. والكل يعلم أن عادل الجبير كان وزير الخارجية منذ اليوم الأول، والكل يعلم أن تغييرات واسعة كانت تجري في الديوان وبعض مؤسسات الدولة، وقد حان وقت إنجازها علناً. والمشكلة الوحيدة الباقية، هي في متعب ابن عبدالله، الذي يقود الحرس الوطني، ولكنه يعرف أنه محاصر من كل جانب. وها قد قرر محمد بن نايف، اللجوء إلى بدعة الأفواج التي تتشكل من القبائل، والتي تتبع له ــ والتي ستتولى المهمات الأساسية عند الحدود الجنوبية، ثم الشرقية ــ وهي التي ستشكل النواة الإضافية للقوة الضاربة في وزارة الداخلية، والموازية لكل الأطر العسكرية الأخرى.

وأوضح الكاتب أنّ بيريسترويكا غورباتشوف، فتحت الباب أمام تدمير أكبر وأعظم دول العالم خلال عامين فقط.... أما تغييرات سلمان آل سعود، فهي ضربات مغمض العينين الذي يحركه منام أو رؤيا. طبعاً لا هو ولا آخرون من حوله سيقرون بأن كل ما يقومون به لن يحفظ لهم هذا البناء المهترئ. حتى أجساد الناس التي تهلك لحماية أساساته لن تنفع. ولعنة اليمن ستسرع انهيار آخر ممالك القهر في بلادنا بعد مملكة إسرائيل. وستكشف المرحلة المقبلة، كم هو هش هذا النظام، وكم هي الثقة مفقودة بين أركانه. وسنسمع يومياً المزيد من اكتشاف خلايا «داعش» وربما طلعوا علينا غداً بخلايا «حوثية» أو خلافه. هم يشعرون بالخناق وهو يضيق، وفي كل مرة، سيضربون من أمامهم ومن حولهم، ولا يصيبون إلا جسمهم. وهو مسلسل سيستمر حتى يتهالك الجسد ويسقط من دون صراخ.

وختم الأمين بأن ما يحصل الآن في مملكة القهر، هو رقصة الجنون. يقف المرء عند خاطر الانتهازيين الذين لم يتعودوا هذا المستوى من الرقص. ليس هناك كلمات سر تعمم في أنظمة التآمر. وعلى المرء الصمت والتحوط، والاستعداد لإعلان الولاء متى يصدر الأمر. لكن لهؤلاء الانتهازيين البال الطويل لأجل قول كل ما يلزم في اللحظة المناسبة. أصلاً لا يعرف هؤلاء من الولاء للدولة إلا الولاء للحاكم. ولنأخذ مثالاً، رئيس حكومتنا المقبل سعد الحريري، الذي لم ينه بيان نعي الملك السابق عبدالله حتى أصدر بيان التهنئة للملك الجديد. ثم ما إن أنهى زيارات التهنئة للقادة الجدد، حتى اضطر إلى إصدار بيان جديد عن «حكمة القيادة» في خلع هؤلاء. وهو سيجلس في منزله يراجع مع العاملين معه كيفية مد التواصل مع الجدد. وستظل مشكلته هي هي: كيف يمكن إرضاء محمد بن نايف!

وعنونت الحياة: السعوديون يبايعون محمد بن نايف ومحمد بن سلمان. وأفادت أنّ التعديلات القيادية انعكست تحسناً ملحوظاً في اسعار الأسهم السعودية. ويبدو أن مستثمرين كثيرين ينظرون إلى التغييرات كعلامة إيجابية على أن الحكومة ستقدم تأكيدات جديدة على حفز النمو الاقتصادي.

ولخصت افتتاحية الوطن السعودية مضمونها بعنوانها: ترتيب البيت السعودي. وقالت: تستكمل بلادنا على يد الملك سلمان، مسيرتها نحو تجديد شباب هذه الكيان الوطني الفتيّ، والعمل على إتاحة الفرصة للمزيد من الدماء الشابة لخدمة هذا الوطن المبارك.  ولفتت إلى أنّ محمد بن نايف، حقق نجاحات كبيرة في مواجهة الإرهاب والقضاء عليه.. أما محمد بن سلمان فأثبت وخلال فترة قصيرة أنه الرجل المناسب في المكان المناسب، وها هي "عاصفة الحزم" ومن بعدها "إعادة الأمل" تؤكد النظرة الثاقبة لخادم الحرمين الشريفين في اختيار رجاله الأقوياء.

واعتبر د. مهند مبيضين في الدستور الأردنية أنّ التغيرات السريعة في الرياض والعاجلة والحازمة، تعني أنّ المُلك الجديد، الذي يواجه خطر الإرهاب ويخوض حرباً ضد النفوذ الإيراني في المنطقة ويحاول تكريس عودة الكتلة السنية لمواجهة الهلال الشيعي الذي حذر منه الأردن مبكراً، يعلن عن قوته في سلسلة تغيرات ومجموعة قرارات داخلية تبين أن الدولة السعودية لم تأخذ وقتاً كبيراً في انتقال الحكم، بقدر ما انتقلت عاجلاً إلى زمن جديد يتطلب المزيد من التجديد وضخ الدماء النشطة. وقال: هذا كله يطرح سؤالا، عن المدى الأردني في العلاقات مع السعودية، هل ثمة برود فيها أم لا؟ الجواب من القريبين مع دوائر القرار، يأتي بالنفي، وأن الأردن جزء من تحالف السعودية، وأن الترويج الإعلامي لوجود خلاف هو محض كلام، لكن في المحصلة لدينا وزير سعودي جديد للخارجية، وطبقة حكم مستقبلية تتشكل ولابدّ من التواصل أكثر معها.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.