تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تقرير الـsns: تل أبيض: «إعادة تدوير» موقع تركيا!

مصدر الصورة
SNS

       رجّحت الحياة في تقريرها ألا يكشف أحد ما دار في لقاء مفاجئ عقده الرئيس أردوغان وسلفه عبدالله غول أمس. لكن الأيام المقبلة ستوضح هل أتى الاجتماع في مصلحة تجديد حزب «العدالة والتنمية» الحاكم وتصحيح مساره، لتجاوز نكسته الانتخابية، أم أنه ليس سوى محاولة لاحتواء تداعيات أزمة نتجت من الكشف عن العلاقة المتوترة بين الجانبين. ووفقاً للحياة، وفاجأ أردوغان وغول الجميع باجتماع في مبنى البرلمان استمر نحو ساعة، لم يحضره سوى رئيس مجلس النواب جميل شيشيك، على هامش تشييع الرئيس السابق سليمان دميريل.

اللقاء كان ضرورياً، بعدما كشف أحمد سيفير، وهو المستشار الصحافي لغول، في كتاب نشره أخيراً «إساءات» وجّهتها حكومة «العدالة والتنمية» إلى الرئيس السابق خلال ولايته، وسعي أردوغان إلى عزله وإبعاده من دائرة صنع القرار وتصفية المقربين منه في الحزب الحاكم، انتهاءً بحرمانه من الترشح مجدداً للرئاسة، أو حتى العودة إلى الحزب بعد نهاية ولايته.

وكانت وسائل إعلام مقربة من أردوغان شنّت حملة عنيفة على غول ومستشاره، معتبرة أن نشر الكتاب يشكّل «مؤامرة» هدفها زرع فتنة داخل «العدالة والتنمية»، بعد تراجع شعبيته في الانتخابات النيابية وخسارته الحكم. وتجاوز كتّابٌ ووسائل إعلام حدود اللباقة في انتقاداتهم، لدرجة دفعت قياديّين في الحزب الحاكم إلى رفض الإساءة إلى غول بهذه الطريقة.

إلى ذلك، وطبقاً لرويترز، اقترح رئيس «حزب الشعب الجمهوري» كمال كيليجدار أوغلو، تولي رئيس حزب «الحركة القومية» دولت باهشلي رئاسة الوزراء، في حكومة ائتلافية تستبعد «العدالة والتنمية». وقال: «أنظر باستحسان إلى ائتلاف مع الحركة القومية. يمكننا أن نجعل منصب رئيس الوزراء بالتناوب، وليتولَّ (باهشلي) رئاسة الحكومة في الائتلاف». ومع استبعاد الحزب الحاكم، سيحتاج ائتلاف من حزبَي «الشعب الجمهوري» و«الحركة القومية» إلى دعم «حزب الشعوب الديموقراطية» الكردي، لكن يوسف حلاج أوغلو، نائب رئيس «الحركة القومية»، رفض المشاركة في ائتلاف مع الحزب الكردي، مشدداً على أن باهشلي «لن يتخلى عن مبادئه من أجل أن يصبح رئيساً للوزراء».

من جانب آخر، نقل محمد نور الدين في تقريره في السفير أنّ أحمد سيفير، كبير مستشاري الرئيس التركي السابق عبد الله غول، ينقل إن الأخير كان يعارض دائماً سياسة أردوغان - داود أوغلو، ولا سيما في سوريا ومصر. يقول إنهما كانا يتصرفان كما لو أنَّ أردوغان رئيس حكومة مصر وسوريا، أكثر منه رئيساً لحكومة تركيا، وداود أوغلو كما لو أنَّه وزير خارجية سوريا ومصر، أكثر من كونه وزيراً لخارجية تركيا. وينقل سيفير عن غول قوله إنَّ أردوغان وداود أوغلو، بذلك، كانا يعرِّضان مصالح تركيا للخطر، وأنهما فقدا إبرة القبان. وقد قال ذلك غول لداود أوغلو في وجهه.

كلام سيفير جاء في كتاب أحدث ضجة كبيرة في الأوساط السياسية والشعبية، وخصوصاً داخل حزب «العدالة والتنمية». إذ إنَّ الكتاب الذي أسماه سيفير «12 عاماً مع عبدالله غول»، تضمَّن كماً كبيراً من المواقف التي لم تُعرف عن غول علناً، ولكنَّه قالها خلف الكواليس لكل من أردوغان وداود أوغلو، وكلّها تنتقد سلوكهما في العديد من القضايا. الكتاب قوبل بانتقادات عنيفة من داخل حزب «العدالة والتنمية»، ووصفه النائب عن الحزب شامل طيار بأنَّه قنبلة يدوية ألقيت داخل الحزب. على اعتبار أنَّ الكتاب يعرِّي الخلافات بين قادة الحزب، وهنا آخر آلية بعدما تلقَّى الحزب ضربة قاصمة في الانتخابات الأخيرة تنتظر من يتحمل مسؤوليتها.

بطبيعة الحال، وجِّهت انتقادات لغول بأنَّه رغم انتقاداته غير العلنية، فإنَّه كان في النهاية يسير في ما كان يقرره أردوغان. وانتقاداته لم تحدث تغييرا في حينه. بل أكثر من ذلك، صادق غول، كرئيس للجمهورية، على أكثر القرارات غير الديموقراطية مثل الرقابة على الانترنت وتغيير قوانين القضاء. والذريعة أنَّ غول لم يكن يريد الاصطدام بأردوغان، فكان ذلك على حساب تعزيز الديموقراطية والعدالة.

ولفت التقرير إلى أنّ معركة تل أبيض التي انتهت باندحار تنظيم «داعش» عن المدينة المختلطة من عرب وتركمان وأكراد، أعادت التذكير بما كان غول يعتبره أخطاء في سياسة أنقرة تجاه سوريا. بل أكثر من ذلك، فإنَّ ردة فعل الرئيس أردوغان على استيلاء الأكراد على تل أبيض، واعتبار ذلك تهديداً لتركيا، وأن على الآخرين أن يأخذوا في الاعتبار الحساسيات التركية، إنَّما تكرر تأكيد مسألتين:

الأولى هي أنَّ تركيا لا تقلق أبداً من وجود «داعش» على حدودها، بينما تقلق من وجود قوات الحماية الكردية. وهو ما يؤكِّد التحالف الوثيق بين سلطة حزب «العدالة والتنمية» و «داعش». الثانية، أنَّ العقدة التركية لا تزال هي هي. أي العداء لكل ما هو كردي. وقد كرَّر أردوغان الخطأ نفسه، الذي ارتكبه سابقا في عين العرب، وتبشيره بأنَّها على وشك السقوط، في تل أبيض بقوله إنَّ الأكراد هناك باتوا تهديداً لتركيا. وتطرح تطورات تل أبيض العديد من الأسئلة والتساؤلات المرتبطة بما يرسم للدور الكردي سواء في تركيا أو في سوريا، في خريطة الشرق الأوسط الجديدة.

السؤال الأول، هل ترتكب قوات الحماية الكردية عمليات تطهير عرقي في تل أبيض لتكون المدينة كانتوناً كردياً رابعاً يضاف إلى الجزيرة وكوباني وعفرين؟ الجواب هو أنَّ الأكراد، حتى الآن، لم يمارسوا أيّ نوع من التطهير العرقي في المناطق التي يسيطرون عليها منذ فترة طويلة. فلماذا يرتكبون هذا التطهير الآن الذي يتعارض كلياً مع طروحاتهم بشأن سوريا متعددة وديموقراطية؟

ووفقاً لتقارير أمنية تركية، فإنَّ الطائرات الأميركية هي التي مارست التطهير العرقي عبر قصفها لخمس قرى عربية في منطقة تل أبيض، فغادروها إلى تركيا لتصبح خالية من سكانها. أي إنَّ الأميركيين هم الذين يمارسون، بقوة القصف الجوي، سياسة تطهير المنطقة.

السؤال الثاني عمَّا إذا كان الأكراد يتجهون إلى تشكيل شريط كردي داخل سوريا على امتداد الحدود مع تركيا؟ الجواب بالنفي ليس واقعياً، والقرار الكردي لم يعد كردياً صافياً. فهم نجحوا في كوباني بفضل الدعم الجوي الأميركي، ونجحوا في تل أبيض أيضاً بفضل الدعم الجوي الأميركي. لذلك، فإنَّ توسيع رقعة سيطرتهم الحدودية تفوق قدراتهم العسكرية الذاتية وتحتاج إلى تحالفات متعددة. ومجرد ربط الكانتونات الثلاثة جغرافياً، أمر يحتاج بالتأكيد إلى قرار كبير. وهنا لن يقف الأكراد عند ما حقَّقوه حتى الآن، إذ سيعملون على الاتصال الجغرافي بالكانتون الثالث، أي عفرين، ودون ذلك مساحة جغرافية يسيطر عليها «داعش» وتشكل الشريان الوحيد لتسليح المعارضة إلى حلب شمالاً. وليس مستبعداً، وفقاً لهذا السيناريو، أن تمتدّ «الحرب الكردية» إلى الغرب.

وأوضح الكاتب أنّ هذا ما أثار قلقاً تركياً بالغاً من تشكيل شريط حدودي داخل سوريا يسيطر عليه الأكراد بحماية أميركية لا تكون تركيا قادرة على التدخل فيه، وفي ما وراءه بفضل الحماية الأميركية لهذا الشريط العازل. وتبقى تركيا بالتالي خارج أيّ اتصال جغرافي مع المناطق العربية في العراق وفي سوريا، خصوصاً في حال تمَّت محاصرة واستئصال الوجود المعارض المدعوم من تركيا في إدلب وجسر الشغور بشكل أو بآخر.

وعلّق الكاتب: ربما استفادت واشنطن من هزيمة أردوغان في الانتخابات الأخيرة، ليس فقط لإذلاله بل أيضاً لفرض خرائط جديدة على تركيا تعيدها إلى حجمها الطبيعي بل أصغر، بعدما تمادت في إظهار فائض قوة انكسر في النهاية. وهو ما يعتبره الإعلام المؤيد لأردوغان خطة لـ «محو» تركيا وإعادة حبسها داخل الأناضول. ولكن السؤال الأساسي الذي يعيد التذكير بمعارضة غول لسياسات أردوغان ـ داود أوغلو: لماذا كان على سلطة حزب «العدالة والتنمية» في الأساس أن تحرِّك نوازعها العثمانية وفق حسابات خاطئة، وأن تكابر بعد فشلها، فتمضي إلى المزيد من الرهانات العقيمة التي فاقمت الفشل ليتحوَّل إلى كارثة فعلية؟

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.