تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

ويكيليكس يسرب وثائق لخارجية آل سعود: مليارات الدولارات لشراء وسائل إعلام

                        أظهرت وثائق وزارة الخارجية السعودية التي سربها موقع ويكي ليكس أن أرشيف الوزارة يعج ببرقيات التحويلات المالية إلى السفارات لشراء صمت وسائل الإعلام في كل أصقاع العالم من كندا إلى إندونيسيا ومن أستراليا إلى باكستان وصولاً إلى دول نائية كالتشاد والنيجر وبوروندي ومن أجل إخراس النقاد بالإغراء والاستمالة والتهديد والابتزاز.

وقالت صحيفة الأخبار اللبنانية التي تنشر الوثائق بالتعاون مع موقع ويكيليكس “إن مقدار السطوة التي فرضها النظام السعودي على الإعلام في الإقليم والعالم يفوق التصورات ويظهر جانباً مخيفاً من تعامله مع النقاد ويجعل من الكلام عن هيمنة سعودية على الإعلام حقائق وأرقاماً لا مجرد شائعات واتهامات”.

ووفق الصحيفة فإن حكومة آل سعود اتخذت عام 2004 قراراً بإغلاق المكاتب الإعلامية الملحقة بسفاراتها واستبدالها بعقود تجارية مع شركات متخصصة بالعلاقات العامة لتقوم هي بترويج صورة المملكة وتنفيذ حملاتها الإعلامية.

وأشارت الصحيفة إلى أن “15 سفارة سعودية كانت قد وقعت عقوداً مع هذه الشركات بحلول عام 2013 وفواتير العقود موجودة في الوثائق وهي بملايين الدولارات”.

وأوضحت الصحيفة أن الهم الأول للعقل الدبلوماسي السعودي صاحب المال الكثير والكفاءة القليلة وفق الوثائق هو ملاحقة أي نقد لمملكة ولو في أقاصي الدنيا والعمل على استمالة أو إسكات قائله حتى لو كان موقعاً صغيراً على الانترنت لم يسمع به أحد.

وبينت الصحيفة أن “نظام آل سعود يدفع الملايين وينسق حملات كبيرة لمنع القنوات الإيرانية من البث عبر الأقمار الصناعية ويهدد وسائل إعلام عريقة بالمحاصرة وقطع العائدات الإعلانية ومنع البث الفضائي”.

وقالت الصحيفة “إن الدبلوماسيين السعوديين اتبعوا أسلوبين لاستمالة وسائل الإعلام هما التحييد والاحتواء.. والتحييد هو أن تقيم السفارة صلة مالية مع مؤسسة أو كاتب أو شخصية حتى يكون نتاجهم الإعلامي خالياً من أي نقدٍ للمملكة وسياساتها ورموزها ومن أجل ذلك ترصد السفارات السعودية في كل بلد تقريباً ميزانية خاصة لدعم أكبر عدد من وسائل الإعلام المحلية تقدم على شكل اشتراكات وتكون بقيمة محددة لكل وسيلة إعلامية وفق حجمها وتأثيرها”.

وأوضحت الصحيفة أن أسلوب الاحتواء “يتم تحت مسمى الاشتراكات ويهدف إلى تحويل الوسيلة الاعلامية أو الشخصية أو كاتب إلى رصيد في الترسانة السعودية يسهم في الترويج لخط النظام ويشارك في حملاته ضد خصومه”.

وأعطت الصحيفة مثالا على مبدأ الاحتواء “وهو استنفار النظام السعودي لبعض وسائل الإعلام اللبنانية مثل صحف النهار والمستقبل والجمهورية والطلب منها رفع لهجتها ضد من ينتقدون المملكة كتاباً كانوا أو وسائل إعلام”.

وأظهرت إحدى الوثائق كيف قام آل سعود بالطلب من سفارتهم في القاهرة التحري عن تلفزيون أون تي في بعد بثه مقابلة مع المعارض السعودي سعد الفقيه ومعرفة كيفية التعامل مع القناة من أجل شرائها وهو ما حصل عندما قام مالك القناة بتأنيب المشرف والطلب منه عدم استضافة المعارض الفقيه مرة أخرى واعداً سفير آل سعود بعدم تكرار هذا الأمر وعارضاً عليه أن يكون ضيفاً على القناة.

وأشارت إحدى الوثائق إلى “أن النظام السعودي أجرى بعد سقوط نظام حسني مبارك عملية إعادة تقييم شاملة للإعلام المصري ووضع استراتيجية جديدة تتضمن التعاقد مع شركة إعلامية مصرية متخصصة يقوم عليها العديد من الإعلاميين المصريين ذوي الخبرة العالية والتأثير الكبير لمواجهة الإعلام السلبي واستمالة الفاعلين في الجو الإعلامي الجديد بمصر وتوجيه دعوات السفر إليهم ومحاولة احتوائهم”.

وبينت الوثائق أن النظام السعودي سارع إلى تقديم الدعم المالي للمؤسسات الصحفية الموءثرة في تونس بعد خروج الرئيس زين العابدين بن علي منها.

وأظهرت الوثائق كيف أمر النظام السعودي صحيفتي الحياة والشرق الأوسط بوقف أي كتابات تنتقد سعد الحريري وقناة العربية بمنع ظهور أي مسؤول من حركة انصار الله اليمنية.

وكشفت الوثائق “عن استنفار النظام السعودي لمواجهة فيلم ملك الرمال للمخرج نجدت أنزور والذي تحدث عن سيرة جدهم الأكبر الملك المؤسس عبد العزيز حيث خاضت سفارات المملكة حول العالم حرباً أدواتها المال والنفوذ لمنع عرض الفيلم أو مواجهة آثاره على الرأي العام”.

وأظهرت الوثائق تخصيص “آل سعود ملايين الدولارات لتكليف فريق محامين ومستشارين سياسيين واعلاميين وتجنيد شخصيات سعودية وعربية للاستعانة بها لمواجهة الفيلم والإيعاز للمسؤولين في الإمارات بإيقاف جميع التعاملات مع المخرج أنزور والطلب من دول مجلس التعاون منعه من دخول دول المجلس”.

وكشفت الوثائق أن فريق 14 آذار في لبنان والذي لا يترك مناسبة إلا ويصم فيها آذان اللبنانيين بكلمات عن الحرية والسيادة والاستقلال ليس إلا منفذاً للسياسة الأميركية ومتماهياً مع أدبياتها الداعمة للعدو الإسرائيلي حيث طلب مرات عدة أموالا من السعودية لمواجهة حزب الله.

وقالت وثيقة مرسلة من السفارة السعودية في بيروت إلى وزارة خارجية آل سعود عام 2012 “إن السفير السعودي استقبل إيلي أبو عاصي موفداً من قبل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وأبلغه أن الحزب يعيش أوضاعا صعبة وبات عاجزا عن تأمين رواتب العاملين ودفع تكاليف حماية جعجع”.

ووفق الوثيقة فإن السفير السعودي نوه بمواقف جعجع المدافعة عن السعودية بعد الفتوى التي أصدرها مفتي آل سعود عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ بوجوب “هدم الكنائس في جزيرة العرب” وقال في البرقية “إن جعجع يبدي استعداده للقيام بما تطلبه منه المملكة وله موقف ثابت ضد سورية”.

وأظهرت إحدى الوثائق التي تعود لعام 2012 أن مندوبين من وزارة الخارجية ووزارة المالية ووزارة الثقافة والإعلام ومن الرئاسة العامة للاستخبارات في السعودية اجتمعوا وقرروا تمويل محطة إم تي في اللبنانية بمبلغ مليوني دولار سنويا والتي تعاني من ظروف مالية صعبة مقابل تنفيذ تعليمات النظام السعودي وخدمة مصالح المملكة وسياستها وهو ما لم يرفضه رئيس مجلس إدارة القناة ميشال غبريال المر.

ووفق الوثائق فإن المر طلب بداية 20 مليون دولار من السعودية لكنها وافقت على مليوني دولار مقسطة على سنتين ومرفقة بلائحة شروط ومطالب أهمها التزام القناة بتوظيف إمكاناتها الإعلامية والتقنية لخدمة المملكة وذلك عبر رسائل إعلامية واضحة والطلب من المحطة المقارعة والتصدي للإعلام المنتقد للمملكة.

وطلب النظام السعودي وفق الوثائق من سفيره في بيروت أن يجتمع بالمسؤولين عن القناة وأن يتوصل معهم إلى اتفاق وخطة عمل تخدم مصالح الطرفين وهو ما تحقق حيث أرسل المر عبر السفارة السعودية في بيروت خطة العمل إلى الرياض مع طلب استعجال بصرف الأموال من قبل السفير نظراً إلى ما تعانيه المحطة من ظروف مالية صعبة ووافق الأطراف جميعهم بمن فيهم الاستخبارات السعودية على خطة العمل وعلى أن يقبض المر الأموال على أن يكون الدعم المالي مصحوباً بتقويم مدى التزام القناة بخدمة سياسة آل سعود.

ووفق الوثائق “فإن رئيس تحرير جريدة الشرق عوني الكعكي ومي شدياق التي تدير معهدا إعلاميا باسمها طلبا من النظام السعودي عبر سفارته في بيروت أموالا مقابل مواقفهم ضد سورية والمقاومة وهو ما استجاب له آل سعود من أجل كسب هؤلاء إلى صفوف من يقدمون الطاعة”.

من جهته قال ابراهيم الأمين في مقال بجريدة الأخبار تعليقا على الوثائق انها تؤكد بالدليل القاطع أن سلطة آل سعود “قائمة بقوة الحديد والنار والمال وأنها سلطة تريد كم الأفواه حيث أمكن ولا تقف عند حدود جغرافية ولا عند خصوصيات دول أو شعوب ولا تهتم لثقافات أو تنوع بل كل ما يهمها هو أن تمنع أي نقد لحكامها أو سياساتها أو لما تقوم به في السر أو العلن”.

وأوضح الامين “أن مؤسسات مملكة القهر لا تزال بدائية ليس فيها هيكلية واضحة ولا أي نوع من المهنية وليس فيها أولويات أو تنظيم إداري دقيق وليس لها مرجعية ثابتة وكل من يقع تحت نطاق عمل هذه المملكة يتصل أولاً وأخيراً بالعائلة الحاكمة ولكن ليس لأي موظف في مؤسسات هذه الدولة أن يأتي على ذكر أمير أو أميرة بغير المدح والحمد”.


إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.