تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

وراء الشمس يغرد خارج السرب

محطة أخبار سورية

في خروج عن المكرر والمألوف والعادي في الدراما التلفزيونية السورية يغرد المخرج سمير حسين خارج السرب، ويخرج عنه بعمل جريء ومغامر يحمل اسم (وراء الشمس)، ويتناول (ذوي الاحتياجات الخاصة)، وإذا كان هذا هو وجه الجرأة الأول والإيجابي في المسلسل، فإن الجرأة القصوى تتمثل في أن يختار شاباً منغولياً ليسند إليه دور البطولة الرئيس الثاني، وأن يعيد صياغة بعض المشاهد بحسب تصرفات وأداء هذا الشاب الذي قام بتدريبه عدة أشهر كي يؤدي شخصيته ذاتها في المسلسل.

 

أما وجه المغامرة الثاني في هذا المسلسل فيتمثل في الفنان القدير بسام كوسا الذي يدخل في كل مرة في تحد مع قدراته فيكسب التحدي، ويضعنا جميعاً في حالة إعجاب ودهشة، لنزداد اقتناعاً بأنه الفنان الذي يطوّع التمثيل لأسلوبه في التمثيل. فهو يقوم بدور البطولة الأول مجسداً شخصية (بدر) المصاب بالتوحد و(العبقري) في إصلاح الساعات، ويتوق أحدنا منذ الآن ليشاهد كيف جسد بسام هذا الدور المعقد والمركب، ولاسيما أنه درس المرض والشخصية معاً، وأقام ما يشبه الورشة الدرامية لبناء شخصية بدر على نحو أكثر واقعية ومصداقية. وهذا ليس جديداً على فنان مثقف ومتمكن، بل وكاتب أيضاً. ‏

 

ليس من شأننا هنا أن نروي حكاية مسلسل (وراء الشمس) ويكفينا منه الشخصيتان الرئيستان والمحاور الدرامية التي اشتغل عليها نجوم كبار، لنجد أنفسنا أمام أول عمل درامي سوري واقعي يسلط الأضواء على ذوي الاحتياجات الخاصة كبشر لهم حقوقهم، وكأفراد يتمتعون بمواهب خاصة ومتميزة، وبذلك فإن هذا المسلسل يعكس رغبة لدى المخرج والجهة المنتجة بالخروج من دائرة الموضوعات المكررة والمعادة والقصص المألوفة التي أصبح بإمكان المشاهد العادي أن يكون مستشاراً درامياً لها!. ‏

 

أما العمل الثاني الذي يخرج عن المكرر فهو مسلسل (بعد السقوط) للمخرج سامر برقاوي، والذي يستند إلى حادثة انهيار بناء، وسقوط السكان تحت أنقاضه، لينطلق من هذه الواقعة إلى ثلاثة محاور، الأول عمليات الإنقاذ، والثاني محاولات المحاصرين بالأنقاض النجاة، ليصور تلك اللحظات الرهيبة التي يعيشها الإنسان وهو يواجه الموت، وليكشف عن تلك القوة الهائلة التي تتفجر داخله، عندما يتمسك بحياته، ويقاوم الموت. أما المحور الثالث فهو الأكثر غنى، لأنه وبأسلوب (الفلاش باك) سيتسلل من بين الأنقاض وفرق الإنقاذ وسكرات الموت إلى الحياة الماضية للشخص المحاصر ليستعرضها بكل سلبياتها وإيجابياتها. ‏

 

واللافت أن الفترة الزمنية لأحداث المسلسل هي أربع وعشرون ساعة، ما بين انهيار البناء وإزالة الأنقاض وإنقاذ من تبقى على قيد الحياة، لكن أحداث الساعات الأربع والعشرين ستقدم للمشاهد على مدى ثلاثين حلقة. ‏

 

صحيح أن المسلسل يحمل شيئاً من الفانتازيا الافتراضية في قالب من الإثارة والتشويق، لكنه يقدم إضافة مهمة على صعيد الدراما التلفزيونية السورية محلياً على الأقل. ‏

 

وعلى اختلاف ما فيهما، وما يحملانه من رسائل، وما يتميز به كل منهما من أسلوب فني مختلف، فإن ما يجمع بين مسلسلي (وراء الشمس) و(بعد السقوط) هو التجديد والخروج عن التقليد والتكرار. وهو ما يجعلنا نتفاءل بأن الدراما التلفزيونية السورية قادرة على التجدد والتجديد، والخروج من دائرة المراوحة عند موضوعات بعينها، كي تواصل تألقها الدائم. ‏

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.