تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تقرير: دول الخليج تواجه تهديدات لاستدامتها الاقتصادية

 

محطة أخبار سورية

دعا تقرير اقتصادي دولي دول الخليج إلى التركيز على سياسات خلق الطلب على المنتجات المبتكرة ونشر المعرفة عبر تعزيز نشاطات الأبحاث والتطوير على المستويين العام والخاص.

 

وقال التقرير الصادر من شركة «بوز آند كومباني» إن التجديد والابتكار هما المحرك الأساسي الذي يدفع الأمم إلى التقدم والازدهار، داعيا دول الخليج إلى أن تخطو بخطى حثيثة لبناء اقتصاديات تزدهر فيها الأفكار وتترجم إلى منتجات وأعمال جديدة، موضحا أن ذلك سيكون عن طريق استراتيجيات شاملة للتجديد والابتكار تبني على التقدم الذي حققته في الانتقال من اقتصاديات قائمة على الموارد إلى اقتصاديات قائمة على المعرفة.

 

وأضاف التقرير الذي عنون بـ«بناء اقتصاد الابتكار في دول مجلس التعاون الخليجي» أن دول المجلس تواجه تحديات كبيرة تتطلب حلولا ابتكارية، حيث إن الزيادة في معدل النمو السكاني على مدى العقود الأربعة الماضية أدت إلى وجود غالبية سكانية من الشباب وشريحة متزايدة من المتقدمين في السن، مما يقتضي إيجاد سبل جديدة لتقديم خدمات ابتكارية في مجالات مثل التعليم والرعاية الصحية.

 

وقال الدكتور حاتم سمان مدير واقتصادي أول في «مركز الفكر» التابع لشركة «بوز آند كومباني» في الشرق الأوسط، إن التزايد السكاني، إضافة إلى التطور الاقتصادي والعمران، أدى إلى ارتفاع كبير في الطلب على المياه، حيث بلغ نصيب استهلاك الفرد في دول المجلس ما بين العامين 2003 و2007 أعلى من قرينه في اليابان أو الصين في عام 2000. وتابع: «يتوقع أيضا ازدياد الطلب على المياه في كل من السعودية ودبي وقطر بما يعادل 52 و58 و86 في المائة على التوالي في خلال العقد القادم»، مشيرا إلى أنه على دول مجلس التعاون الخليجي أن تجد حلولا ابتكارية للحفاظ على - بل وزيادة - موارد المياه.

 

وأضاف سمان خلال التقرير الذي حصلت عليه «الشرق الأوسط» أن المنطقة تواجه تهديدات لاستدامتها الاقتصادية بما أن النفط، الذي لا يزال حجر الزاوية لمعظم اقتصاديات بلدان مجلس التعاون الخليجي، عرضة لتقلبات الأسعار، وللنضوب في نهاية المطاف، بالإضافة إلى احتمال الاستغناء عنه على المدى البعيد لمصلحة أنواع الطاقات المتجددة. أخيرا، لا تزال اقتصاديات دول مجلس التعاون تعتمد اعتمادا كبيرا على القطاع العام، في حين أن النشاط القائم للقطاع الخاص لا يتمتع بالتنوع الكافي.

 

وقدم التقرير 4 مزايا لمعالجة تلك المسائل، حيث تستطيع دول مجلس التعاون الخليجي الاعتماد على عدد من المزايا الموجودة، من خلال الميزة الأولى التي تتمثل في ثروتها المالية الضخمة الناجمة عن النفط، والغاز، والبتروكيماويات، مشيرا إلى أن هذا الواقع يمنح دول مجلس التعاون الخليجي الوسائل المالية للاستثمار في العناصر الضرورية للابتكار والتجديد، من خلال مؤسسات الأبحاث والتطوير، والبنى التحتية المادية وتلك الخاصة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

 

في حين تتضمن الميزة الثانية في الإمكانات التي تملكها دول مجلس التعاون الخليجي لتوليد الطاقة من مصادر متجددة مثل الأشعة الشمسية وقوة الرياح، وهذا الأمر يمكن أن يعزز الثروات التي بنتها المصادر التقليدية لأن دول المنطقة تستطيع تصدير الطاقة المولدة أو استخدامها لتلبية حاجاتها المحلية، الأمر الذي يوفر مزيدا من كميات النفط والغاز المعدة للتصدير.

 

ويشكل سكان المنطقة الميزة الثالثة، خاصة شريحة الشباب الكبيرة التي تمثل طاقة كبيرة للابتكار والتجديد إن توفر لها التعليم والتدريب المناسبان، في حين تتلخص الميزة الرابعة، في تملك منطقة مجلس التعاون الخليجي قيادة إقليمية مصممة على إطلاق إصلاحات على المستوى الاجتماعي والاقتصادي.

 

وأشار التقرير إلى أن جعل هذه المزايا مصدرا للتجديد والابتكار، فعلى حكومات المنطقة القيام بخطوات مختلفة، حيث تستطيع الحكومات تغيير سياساتها المتعلقة بالشراء والتجهيز، بحيث تعطي أفضلية لرجال الأعمال الشباب أصحاب الأفكار التجديدية، مبينا أن للحوافز المالية التي تعطى للجامعات والطلاب، مصحوبة بقوانين مرنة متعلقة بحقوق الملكية الفكرية، المساعدة في تحفيز وتشجيع إصدار المطبوعات الخاصة بالأبحاث والعلوم. يضاف إلى ذلك أن القوانين والنظم التي تقرها الدول التي تساعد في تعزيز المنافسة السليمة في مجالي الرعاية الصحية، والتعليم، وخصوصا في القطاع المالي، سوف توفر الوصول إلى مزيد من الأموال، مثل رؤوس الأموال الاستثمارية، التي يمكن ضخها في عمليات الابتكار والتجديد بحسب شركة «بوز آند كومباني».

 

إلى جانب ذلك، طالب التقرير حكومات دول مجلس التعاون الخليجي بمواصلة تحرير الأسواق، بغية جذب الشركات المتعددة الجنسيات القادرة على نقل المعرفة وزيادة التنافس، الأمر الذي يحفز على الابتكار والتجديد، بالإضافة إلى توسع قاعدتها المعرفية عبر إنشاء المزيد من مؤسسات الأبحاث والتطوير والمؤسسات الأكاديمية الوطنية، المرتبطة بالقطاعات الاقتصادية الاستراتيجية.

 

كما أشار إلى حاجة دول المجلس إلى إنشاء جسر بين مراكز الأبحاث والتطوير من جهة والأسواق من جهة أخرى، وتطوير هذا الجسر وتعزيزه، عبر إنشاء كيانات يمكن أن ترعى الأبحاث وتسهل نقل التكنولوجيا بين الصناعات والقطاعات، إلى جانب إنشاء حاضنات تكنولوجية وواحات للعلوم والتكنولوجيا.

 

وقال الدكتور سمان إن ذلك الأمر يشجع القطاعين العام والخاص على اعتماد تكنولوجيات جديدة، ويزيد الإنتاجية، بالإضافة إلى أن دول مجلس التعاون تستطيع المساعدة في توفير الدعم المالي لرجال الأعمال على كل مستويات الاستثمار، بدءا من التشغيل، والنمو، والتوسع عبر تعزيز القطاع المالي وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية من خلال مؤسسات مالية وقانونية سليمة.

 

وأكد أن دول مجلس التعاون الخليجي تستطيع عقد شراكات مع جيرانها في مجال الأبحاث والتطوير، بغية الحؤول من دون ازدواجية الجهود المبذولة في مجالات تعتبر حيوية للمنطقة ككل، كتحلية المياه والطاقة المتجددة على سبيل المثال، إضافة إلى أنه يجب على الحكومات وضع سياسات تتيح وجود سوق عمالة فعالة ومرنة تلبي حاجات النشاطات التي تدخل في إطار الابتكار والتجديد.

 

وأشار التقرير إلى أن دول الخليج العربي تحتاج إلى تنمية قواعدها من المواهب بغية بناء رأسمالها البشري، فعلى المدى القصير، يجب أن تجذب المواهب وتحتفظ بما لديها لدعم نشاطات الابتكار القائمة واستحضار المعرفة التكنولوجية التي يمكن توزيعها عبر القطاعات الاقتصادية المختلفة.

 

وتشدد شركة «بوز آند كومباني» إلى أهمية إجراء إعادة نظر شاملة في النظام التعليمي بما يتوافق مع استراتيجية الابتكار والتجديد، بهدف بناء الموارد البشرية على المدى الطويل، مشيرة إلى أن هذا الأمر قد يتطلب عمل مراكز الأبحاث والتطوير بما فيها الجامعات مع القطاع الخاص، لضمان كونها تعلم علماء ومهندسين تحتاج إليهم الصناعات الأساسية في المنطقة، لافتة إلى أنه يجب على الحكومات أيضا أن تشجع تطور رجال أعمال قادرين على السعي الدؤوب إلى تنفيذ أفكارهم، وتطور رؤساء تنفيذيين يناصرون جهود الابتكار والتجديد. وتؤكد شركة الدراسات العالمية أن هذه الجهود مجتمعة ستساهم في تعزيز المعرفة الجماعية التي يجب توسيعها باستمرار بغية تحقيق التفوق والتميز في الابتكار على المستوى العالمي.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.