تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تحليل: النفط والإنفاق الحكومي يعززان استقرار الخليج

 

محطة أخبار سورية

تهدد التوترات السياسية في منطقة الخليج إنفاق واستثمار القطاع الخاص لكن ارتفاع أسعار النفط يزود الحكومات بما يكفي للحيلولة دون وقوع اقتصاداتها في براثن تباطؤ حاد.

 

ووصلت الاحتجاجات التي شاب بعضها العنف إلى كل دول الخليج تقريبا خلال الشهرين الماضيين. وباستثناء البحرين كان الأثر الاقتصادي المباشر المتمثل في خسارة في الناتج محدودا. لكن الاحتجاجات أبرزت احتمال حدوث المزيد من المتاعب إذا لم تحل المسائل السياسية وهو ما يعكر معنويات القطاع الخاص.

 

ومع ذلك يعزز ارتفاع أسعار النفط العالمية - الذي يرجع هو نفسه جزئيا إلى الاضطرابات في الخليج وشمال أفريقيا- قطاعات الطاقة في المنطقة ويوفر للحكومات ما يكفي من السيولة لإنفاق ما يعينها على تجاوز المتاعب.

 

وقال ماريوس ماراثيفتيس المدير الاقليمي لأبحاث الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان لدى ستاندرد تشارترد في دبي "سيعزز ارتفاع أسعار النفط العوامل المحركة للنمو بصورة كبيرة سواء بصورة مباشرة أو من خلال أثر الثروة."

 

واندلعت الاضطرابات في الخليج بينما لا تزال البنوك في بعض البلدان مثل الإمارات العربية المتحدة تحجم عن الإقراض في أعقاب أزمة الائتمان العالمية ومشكلات الديون المحلية.

 

وقال سايمون وليامز كبير الاقتصاديين لدى بنك اتش.اس.بي.سي في دبي إنه نتيجة لذلك "تدهورت" آفاق الاستثمار الأجنبي المباشر في المنطقة "في الأجل القصير حتى في الدول التي لم تشهد احتجاجات واسعة."

 

ويضيف "الحصول على رأس المال الأجنبي سيكون أكثر صعوبة وأعلى كلفة إلى أن تقتنع السوق باستعادة الطلب في الأجل الطويل."

 

وفي أعقاب الأزمة العالمية هوى الاستثمار الأجنبي المباشر بأكثر من 70 بالمئة في السعودية والإمارات في 2009 وبنحو 86 بالمئة في البحرين. وليست هناك بيانات متاحة أحدث من ذلك إلا أن التوترات السياسية تعرقل تعافي الاستثمار في البحرين وربما في دول أخرى.

 

وقال مستثمر في الأجل الطويل في البحرين طلب عدم ذكر اسمه "تأجل مشروعي الاستثماري بسبب هذه الأحداث لمدة شهر كامل... لابد لي من التساؤل إذا كانت البحرين هي أفضل مكان لذلك بالمقارنة مع دبي على سبيل المثال."

 

وكان اقتصاد البحرين -المركز المالي الإقليمي والتي استخدم نظامها الحاكم السني الدبابات لقمع احتجاجات قادها الشيعة في المقام الأول- هو الأكثر تضررا. وقتل نحو 24 شخصا خلال شهر من الاحتجاجات التي أغلقت البنوك والمتاجر ودفعت رؤوس أموال للنزوح. وبلغت الخسائر الاقتصادية مليار دولار أو نحو 20 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي الفصلي وفق تقديرات الأهلي كابيتال.

 

لكن لم تغادر كل الأموال التي هربت من البحرين -والتي تقدر بعشرات وربما مئات الملايين من الدولارات- منطقة الخليج بالكلية بل انتقل بعضها ببساطة إلى دول أكثر استقرارا في المنطقة لتستفيد ولو في الأجل القصير.

 

وتراجعت تكاليف تأمين ديون دبي التي تعتبر ملاذا آمنا في الخليج عما كانت عليه قبل الاضطرابات لتصل إلى 389 نقطة أساس انخفاضا من أعلى مستوى في ثلاثة أشهر البالغ 459 نقطة الذي سجلته في فبراير شباط.

 

في الوقت نفسه تستفيد جميع اقتصادات الخليج من ارتفاع أسعار النفط الخام الأمريكي إلى أعلى مستوى في عامين ونصف فوق 108 دولارات للبرميل. وتشير تقديرات البنك السعودي الفرنسي أن ارتفاع متوسط سعر النفط المتوقع في الميزانية السعودية بمقدار عشرة دولارات إلى 92 دولارا للبرميل سيضيف نحو 43 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي الاسمي للمملكة هذا العام وهو ما يمثل نحو 10 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي.

 

بالإضافة إلى ذلك تعزز السعودية ودول أخرى الإنفاق الحكومي بشكل كبير لاحتواء الضغوط الاجتماعية. وتوفر لها أسعار النفط المرتفعة المزيد لانفاقه لكن على أية حال فان هذه الدول مستعدة لاستخدام الاحتياطيات المالية إذا ما دعت الحاجة لمواجهة أكبر تهديد سياسي لاستقرارها في أكثر من عشر سنوات.

 

وأعلنت السعودية في فبراير ومارس اذار أنها ستنفق 130 مليار دولار إضافية - في غضون عدة سنوات كما يفترض- على الاسكان والمنح لموظفي الدولة وخلق الوظائف ومشروعات أخرى لتحسين الرعاية الاجتماعية والاقتصاد.

 

ومن المتوقع أن يسهم ذلك في زيادة ناتج القطاع الحكومي بأكثر من خمسة بالمئة للسنة الثالثة على التوالي في 2011 وهي المرة الأولى التي يشهد فيها القطاع مثل هذا النمو المتصل منذ أوائل ثمانينات القرن الماضي.

 

ومع الأخذ في الاعتبار زيادة الإنتاج النفطي لتعويض نقص الإمدادات الليبية فمن المتوقع نمو الاقتصاد السعودي 4.5 بالمئة هذا العام و4.4 بالمئة في 2012 مقارنة مع 3.8 بالمئة في 2010 حسبما أظهر استطلاع أجرته رويترز في منتصف مارس.

 

وارتفعت الأسهم السعودية تسعة بالمئة منذ أن أعلن العاهل السعودي الملك عبد الله أحدث حزمة للتحفيز المالي في مارس.

 

وقالت دينا أحمد المحللة لدى بي.ان.بي باريبا "فيما يتعلق بالآفاق الاقتصادية فجميع هذه الدول مصدرة للنفط وتوقعات اقتصاداتها ايجابية للغاية في الأجل المتوسط لاسيما قطر وكذلك السعودية.

 

"يتفوق هذان البلدان في الخليج من حيث النمو الاقتصادي وآفاق الاستثمار الأجنبي المباشر."

 

وفي قطر -حيث من المنتظر أن يزيد الإنفاق الحكومي 19 بالمئة في السنة المالية التي تنتهي في مارس 2012 - من المتوقع أن ينمو الاقتصاد 15.8 بالمئة مسجلا أحد أعلى معدلات النمو في العالم حسبما أظهر استطلاع أجرته رويترز.

 

وخفض الاقتصاديون توقعاتهم للنمو في البحرين هذا العام إلى 3.4 بالمئة من 4.2 بالمئة التي توقعوها في ديسمبر كانون الأول كما قلصوا توقعاتهم لسلطنة عمان إلى 4.1 بالمئة من 4.6 بالمئة. لكن هناك تحسنات طفيفة متوقعة في 2012.

 

ومن بين العوامل الداعمة للبحرين وعمان أن الدول الخليجية الأكثر ثراء - والحريصة على منع امتداد الاضطرابات السياسية إلى أراضيها- تقدم المساعدات للاقتصادات الأشد تضررا.

 

وتعهدت السعودية وجيران أغنياء آخرون بتقديم عشرة مليارات دولار من المساعدات للبحرين ونفس المبلغ لعمان خلال السنوات العشر المقبلة لتحسين قطاعي الإسكان والرعاية الاجتماعية.

 

وتأمل الحكومات أن يحافظ هذا الإنفاق على مستويات النمو الاقتصادي المريحة حتى تنحسر موجة الاضطرابات السياسية ويستعيد نشاط القطاع الخاص الزخم ربما في وقت لاحق هذا العام.

 

الا أن انتعاش القطاع الخاص ربما لا يكون كافيا في بعض الدول لتعويض تباطؤ محتمل في برامج التحفيز الحكومية العام المقبل خاصة إذا تراجعت أسعار النفط.

 

وقال جون سفاكياناكيس كبير الاقتصاديين لدى البنك السعودي الفرنسي "أتوقع تراجعا في نمو الناتج المحلي الاجمالي "السعودي" العام المقبل لأنني لا أظن ان بوسعهم مواصلة هذا المستوى المرتفع من الإنفاق والإعلان باستمرار عن مثل هذه الإجراءات الاستثنائية."

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.