تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

قطر- مصر العلاقات الاقتصادية ثمن الصداقة

                                                                                       هآرتس/ذي ماركر – 17/1/2013

 

 

"رعاية قطرية على مصر؟ هذه نكتة غبية. فكيف يمكن لدولة كبيرة بهذا القدر وذات مقدرات كثيرة بهذا القدر يمكنها على الاطلاق ان تكون مرعية لدولة اخرى!" هكذا صرح بغضب رئيس الوزراء القطري، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. ما أغضب جدا الزعيم القطري كان التحليلات والتعليقات الكثيرة على التويتر في أن قطر الصغيرة اصبحت ذات هيمنة على مصر بفضل المال الكثير الذي تغدق بها عليها.

في الاسبوع الماضي اعلنت قطر عن مضاعفة المساعدات لمصر من 2.5 مليار دولار، المبلغ الذي تعهد به قبل بضعة اشهر، الى 5 مليار دولار، منها مليار دولا كمنحة. وهذا مبلغ هائل، اذا أخذنا بالحسبان المفاوضات المضنية التي تديرها مصر مع صندوق النقد الدولي على قرض بمبلغ 4.8 مليار دولار، ومقابل المساعدات الامريكية بمبلغ نحو مليار دولار.

يرى معارضو الاخوان المسلمين في مصر المساعدة القطرية اكثر من مجرد مساعدة عربية لدولة في أزمة. وهم يشيرون الى أن محطة "الجزيرة"، التي بملكية عائلة الامير القطري، دعمت محمد مرسي في الازمة السياسية التي ألمت بالدولة. وعرضت معارضي القرارات الرئاسية التي اتخذها مرسي كمن يعمل ضد الدولة، فضلت اجراء المقابلات مع مؤيدي الرئيس، ونحت جانبا معارضيه الى هوامش التغطية الصحفية.

"انت لا تحتاج الى أن تفرض رعايتك على الدولة، يكفي أن ترعى من يقود الدولة"، كتب المحلل الكويتي غنيم الزعبي، ملمحا بالعلاقة الشخصية بين الحاكم القطري ومحمد مرسي. "الثمن السياسي الذي ندفعه على المساعدة القطرية قد يكون باهظا اكثر من الثمن الاقتصادي الذي سندفعه على القرض من صندوق النقد الدولي"، كتب المحلل المصري، الذي بنفسه يقدر بان مصر يمكنها أن تتدبر أمرها دون هذا القرض اذا ما بثت استقرارا اقتصاديا يعيد المستثمرين الى مصر.

وبالفعل، فان احد المصادر المحتملة لتمول العجز الهائل في الميزانية هو المال الموجود في حسابات رجال أعمال مصريين يسكنون في خارج البلاد. محمد الجمل، منسق اعمال الجاليات المصرية في المنفى، روى بان مهاجرين مصريين نقلوا هذه السنة الى البنوك في مصر ودائع بمبلغ نحو 18 مليار دولار. "وهم يمكنهم ان يودعوا حتى 30 مليار دولار، اذا ما تحققت المصالحة الوطنية وانتهت الصراعات السياسية".

ولكن يوجد للمهاجرين المصريين شرط آخر معروف جيدا أيضا في منظومة العلاقات بين اسرائيل والجاليات اليهودية في الولايات المتحدة. "الحكومات المصرية تتعامل مع المهاجرين وكأنهم مصدرا ماليا ليس الا"، احتج عصام عبد الصمد، رئيس اتحاد المهاجرين المصريين في اوروبا. ويطالب عبد الصمد الحكومة المصرية باشراك المهاجرين ايضا في القرارات السياسية. وهو يشير الى انه في المداولات على الدستور الجديد لم يدعَ احد من بين المهاجرين، وانه عندما يصل في زيارة الى القاهرة ويطلب اللقاء مع مسؤولين مصريين، فان احدا لا يرد على مكالماته الهاتفية.

المشكلة هي أنه الى أن تهدأ السياسة المصرية التي تستعد الان الى انتخاب البرلمان في شباط، والى أن يقرر المهاجرون المصريون زيادة تحويلاتهم المالية الى مصر، هذا اذا قرروا – فسيمر وقت باهظ الثمن ليس تحت تصرف مصر. "مصر وصلت الى حافة الهاوية"، قدر وزير المالية السابق، مصطفى السعيد. ليست هذه مبالغة. فقد هبطت احتياطات العملة الصعبة الى 15 مليار دولار، تكفي ثلاثة اشهر استيراد فقط، سعر الجنيه المصري هبط اكثر مقابل الدولار، وتهدد ارتفاعات اسعار الغذاء باخراج المواطنين الى الشارع، هذه المرة ليس لطلب الديمقراطية والحرية بل الخبز والسكر.

فرع السياحة، الذي يعيل اكثر من 4 مليون عامل، يقف هو الاخر على حافة الانهيار، وفي الاسبوع الماضي، للمرة الثالثة، وافقت البنوك المصرية على تأجيل دفعات الديون على الشركات السياحية، وفي عدة حالات الدخول في شراكة مع هذه الشركات مقابل شطب جزء من هذه الديون. ولكن هذه الخطوات، التي ستساعد اصحاب الفنادق على البقاء، لن تملأ غرف الاستضافة بالسياح اذا لم تنجح مصر في أن تبث الاستقرار والسيطرة مما يبدد مخاوف السياح من الوصول الى بلاد الاهرامات.

في هذا الوضع لا يمكن لمصر ان تكون انتقائية بالنسبة لمصادر دخلها. والمنافسة بين قطر والسعودية على حجم النفوذ في مصر تملأ حاليا بعض الثقوب السوداء في الاقتصاد المصري، و "يوم الدفع" السياسي سيصل، على ما يبدو، عندما ستكون مصر مطالبة بان تقرر مواقفها بالنسبة للازمات في الشرق الاوسط او في اعطاء موطيء قدم لايران. الرعاية او الهيمنة على مصر لا تحتاج الى الاعلان او النفي؛ عندما يكون واضحا من يحتاج الى من، يمكن الاكتفاء بغمزة فقط.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.