هآرتس/ذي ماركر 14/3/2013
مل الملياردير السعودي الوليد بن طلال التواجد في المرتبة 26 في تصنيف أغنياء العالم لدى مجلة "فورباص". وكمن تعانق أعماله التجارية العالم، من روتانا، شركة الافلام والموسيقى الاهم في الشرق الاوسط التي بملكيته، عبر الشراكة مع شركة ديزني، من فنادق سافوي وحتى نيوز كورب، يجد بن طلال صعوبة في هضم الاهانة اللاذعة بانه ليس ضمن العشرية الرائدة لاغنياء المعمورة.
فقرر بن طلال القيام بعمل ما، وبدلا من زيادة رأسماله قطع علاقاته مع "فورباص". وادعاؤه هو أن قائمة أغنياء المجلة "مخططة بحيث تميز ضد المستثمرين والمؤسسات من الشرق الاوسط". وقد اهين على نحو خاص من أن محرري "فورباص" لم يوافقوا على قبول تقدير قيمة أسهمه حسب معطيات البورصة السعودية، وذلك لان "فورباص" بزعمه، تلمح بان البورصة السعودية تشكل بديلا عن الكازينو في الدولة التي يحظر فيها الكازينو. ولو كانت المجلة تبنت تقدير البورصة السعودية، لقدرت أملاك بن طلال باكثر من 29 مليار دولار ولكان يمكنه أن يستمتع بان يكون واحدا من المراتب العشرة الاوائل.
ولم يتنازل بن طلال عن الصراع. وبدلا من علاقاته الوثيقة مع "فورباص" قرر من الان فصاعدا التعاون مع مؤشر أصحاب المليارات في "بلومبرغ"، والذي تأسس في السنة المالية ليتنافس مع قائمة "فورباص". ولا يعتبر الصراع على المكانة مجرد صراع على المكانة الشخصية. فبن طلال هو ابن أخ الملك السعودي ورئيس قائمة الاغنياء في الشرق الاوسط هو قدوة للاخرين. وتزين وسائل الاعلام الاقتصادية في دول الخليج منشوراتها بقوائم تشجع المنافسة مثل "الـ 100 امرأة غنية في الشرق الاوسط"، أو "الاغنى في دول الخليج"، "الشركات الاغنى في دولة الامارات" – منشورات يكاد لا يكون ممكنا ايجاد مثلها في وسائل الاعلام في الاجزاء الفقيرة من المنطقة.
أصحاب المليارات أو الملايين في مصر أو تونس، الاردن أو الجزائر هم بشكل عام موضع مطاردة بتهمة الفساد والجريمة. أما في دول الخليج، بالمقابل، فأصحاب المليارات يصممون صورة الدول. في مصر والاردن الاغنياء المشبوهون يقدمون الى المحاكمة، أما في دول الخليج فيصعب على المرء أن يتذكر متى قدم ملياردير الى المحاكمة على مخالفات أخلاقية.
ومثلما تعلم بن طلال على جلدته، فان عظمته في السعودية ليست ضمانة لان يحظى بذات الاعجاب في مصر. فهو لم يسيطر فقط على صناعة الموسيقى المصرية، بل وحظي ايضا في عهد حكم حسني مبارك باتفاق سخي للغاية، بموجبه حصل على ملكية نحو 300 ألف دونم في المشروع الاعتباري (الذي فشل) في منطقة توشكا غربي الدولة. وكان هذا مشروع العلم لدى مبارك والذي يستهدف ازدهار الصحراء، وقد بحث الرئيس المصري عن مستثمرين يساعدون في تطويرها. واستجاب بن طلال واشترى الصحراء مقابل مبالغ زهيدة واعفاء كامل من الضرائب.
بعد الثورة اصبحت هذه الصفقة علما للفساد رفعته حركات الاحتجاج التي طالبت بالغائها. بعد أربعة اشهر من بدء الثورة تخلى بن طلال عن معظم الارض مقابل الملكية على الـ 30 ألف دونم و 45 الف دونم آخر يمكن للامير أن يحقق منها الربح، ولكن ليس الملكية. وقد فهم بن طلال جيدا بان للثراء يوجد تفسير مختلف في مصر الجديدة.
الموقع الاقتصادي الالكتروني الهام "آربيان بزنس" اقتبس الاسبوع الماضي توقعات شركة الاستشارات Frank’s Knight وبموجبها عدد كبار الاغنياء في الشرق الاوسط (اولئك الذين تزيد أملاكهم عن 30 مليون دولار) سيرتفع حتى 7.300 في العام 2022، بينهم 203 ملياردير. وذلك مقابل 4.675 غني كبير في 2012، بينهم 140 ملياردر. وحسب تقرير الشركة، فان الشرق الاوسط سيسجل في العقد القادم نموا بمعدل 58 في المائة في عدد كبار الاغنياء، مقابل متوسط عالمي بمعدل نمو 50 في المائة.
هذه معطيات مثيرة للانطباع، ولا سيما عندما يكون العراق بالذات سيعطي العدد الاعلى من اصحاب المليارات في العقد القادم. ولا يوزع التقرير مجموعة كبار الاغنياء على الدول وليس واضحا اي دول يضم تعريف الشرق الاوسط في شركة الاستشارات، وهل ايران وتركيا تعتبران جزء من المنطقة. ومع ذلك، فان استعراضا غير علمي لقوائم المائة غني عربي على عدة سنوات يبين ما سيأتي: معظمهم من مواطني دول النفط الغنية.
الفرق بين دول الخليج وباقي الدول العربية ليس فقط في اعتبار الثراء كرمز للمكانة والنجاح مقابل الفساد والعفن، بل ان توزيع الغنى في كل دولة يمثل ابتعادها الواحدة عن الاخرى في شطري الشرق الاوسط. فالمقارنة بين الدخل للفرد في دول الخليج وباقي الدول العربية تشير الى أن ثراء الالفية العليا في دول الخليج يؤثر بشكل نسبي على الوضع الاقتصادي لمعظم مواطني الدولة (باستثناء الاقليات العرقية التي توجد في أقصى الهوامش، والعمال الاجانب). وبالمقابل، ففي معظم الدول العربية لا تتسلل شريحة الثراء الرقيقة الى الطبقة الوسطى والدنيا.
والنتيجة هي أنه في دول الخليج يعد المبنى الاقتصادي، الذي ينشأ عنه المبنى الاجتماعي، بشكل عام داعم للاستقرار. في دول مثل مصر، المغرب، الجزائر والاردن، فان الفجوة بين العدد الصغير لمن يتحكم بالثراء وبين باقي السكان تشجع على الاضطرابات الدائمة، التي قد تنفجر في كل لحظة.