تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تقرير اسرائيلي عن عمل النساء والبطالة في السعودية

                                                      هآرتس/ذي ماركر 27/6/2013

       حدث تاريخي سجل في الاسبوع الماضي في السعودية. فقد حظيت عائشة الجعفري في أن تكون المرأة الاولى في المملكة التي تنال رخصة "منسقة جوية"، وقد بدأت تعمل في المهنة التي كانت حتى الان من نصيب الرجال وحدهم. لا، ليست هي مراقبة رحلات جوية، وفي منصبها الجديد ليست مسؤولة الا عن تنسيق كل المعطيات اللازمة للطيار – من ظروف حالة الطقس وحتى حالة الاكتظاظ الجوي فوق المطار في البلد المقصود. ولكن هذه هي مجرد العلامة الاولى، وتسع نساء سعوديات اخريات تستعدين لاجتياز الاختبارات المهنية بعد التأهيل الصعب. وستعمل الجعفري وزميلاتها بالطبع في مكاتب منفصلة لا يصلها الرجال، ولكن اختراقا كهذا يؤشر الى المسار الذي ستتخذه نساء اخريات مجالات عملهن محدودة بالقانون.

       الصدوع في سور عمل النساء في السعودية لا تزال لا تحدث ثورة. فمن هذه الناحية، السعودية بعيدة جدا عن مصر أو ايران. ولكن في أواخر ايامه، يتطلع الملك عبدالله ابن الـ 89 الى ان يخلف وراءه إرثا اجتماعيا، لتعليم ابناء وبنات المجتمع للعمل الابداعي ولتقليص قوة العمل الاجنبية، ويمكن منذ الان ملاحظة ميل التغيير.

       هكذا مثلا، امر الملك باعداد خطة لتأميم العمل في القطاع الصحي بحيث أنه في غضون خمس سنوات يكون كل العاملين سعوديين. اليوم، ما لا يقل عن 51 في المائة من العاملين في الجهاز الصحي هم أجانب يأتون من جملة من الدول. وتأميم العمل في الجهاز هو مجرد جزء من خطة طموحة أكثر بكثير، وضعت لها هدفا استثمار نحو 4 مليار دولار في اقامة 22 مستشفى وعيادة جديدة في أرجاء المملكة تضيف 7.400 سرير آخر. وقد خصص المال للمشروع منذ الان ولكن السؤال هو من أين ستأتي القوة البشرية المهنية التي ستعمل في هذه المراكز، في الوقت الذي تتطلع فيه المملكة بالذات الى طرد قوة العمل الاجنبية.

أحد الاجوبة على ذلك هو أنه في السنوات الخمسة القادمة تخطط الدولة لتأهيل رجال مهنة بوتيرة سريعة في كل المهن الطبية والادارية، وكما هو متبع، لا ينقص المال لهذا الغرض. وهكذا، مثلا، وقعت الحكومة السعودية على اتفاقات بحجم 1.1 مليار دولار مع شركات استشارات وتأهيل مهني من بريطانيا، اسبانيا، كندا والولايات المتحدة مهمتها اقامة كليات للتميز في ثماني مدن في السعودية. وسيتعلم في الكليات في المرحلة الاولى 110 الف طالب وعددهم سيرتفع الى 450 ألف حتى 2020، وهذه تشدد على التعليم التطبيقي كالادارة، التكنولوجيا العليا، الصناعة الجوية والهندسة الكيميائية.

عندما لا يكون المال عائقا، وعندما تمول الدولة مؤسسات التأهيل المهني، لا يتبقى سوى تشجيع الشباب السعودي على الخروج الى العمل في القطاع الخاص وترك مسار العمل في الوزارات الحكومية، التي لا يكون فيها في احيان كثيرة من العاملين سوى توقيع البطاقة.

       ولهذا الامر ايضا توجد للمملكة خطط مثيرة للانطباع. فالحكومة السعودية، التي تتطلع الى تقليص عدد العاملين الاجانب، الذي هو اليوم نحو 9 مليون عامل – 90 في المائة منهم في القطاع الخاص – تبحث هذه الايام في قانون عمل جديد ومغري، بموجبه كل العاملين في القطاع الخاص، من سعوديين واجانب، سيحظون بيومي اجازة في الاسبوع بدلا من يوم واحد، وسيكون بوسعهم التغيب عن العمل حتى 40 يوم في سنة العمل دون أي سبب. وتحدث هذه الخطة، كما كان متوقعا، هزة في اوساط أرباب العمل الخاصين، ولا سيما في أوساط مقاولي البناء الذين التزموا بتسليم المشاريع في مواعيد محددة مسبقا. وبالتالي لا يوجد أي يقين بان تخرج الخطة في صيغتها الحالية الى حيز التنفيذ، ولكن المنطق خلفها مفهوم.

       وتتجه النية الى مساواة شروط عمل السعوديين في القطاع الخاص مع تلك في القطاع العام، حيث يلزمون بـ 40 ساعة عمل في الاسبوع فقط (مقابل 48 ساعة في القطاع الخاص)، يحصلون على يومي اجازة وراتب بحد أدنى نحو ألف دولار، مقابل الرواتب المنخفضة المتبعة في القطاع الخاص. وقد اتبعت هذه الخطة مؤخرا بعد أن تبين بان القانون الذي يلزم الشركات السعودية بتشغيل نسبة محددة من السعوديين لا يطبق، لانه لا يوجد ما يكفي من العمال السعوديين المستعدين للعمل في شروط عمل الاجانب من الباكستان او من بنغلادش.

       بشكل رسمي، السعودية ليست دولة مصابة بالبطالة. حسب معطيات مكتب الاحصاء المركزي والتي نشرت في الشهر الماضي، انخفضت البطالة في اوساط الرجال السعوديين من 6.9 في المائة الى 6 في المائة، بينما في اوساط الرجال الاجانب تكاد البطالة تكون صفرا (0.07 في المائة). المعطى الهام الاخر هو معدل البطالة في اوساط النساء السعوديات، 36 في المائة (المعطى يتناول النساء اللواتي بحثن عن عمل ولم يجدن، وليس عموم النساء غير العاملات). والتقدير هو أن المعطيات بشأن بطالة الرجال أعلى من المعطيات الرسمية، ولكن المشكلة الاساس تكمن في تمركز البطالة، ولا سيما في المحافظات الشيعية في شرقي المملكة، حيث يوجد ايضا احساس بالاغتراب والقمع، وفوارق الدخل الهائلة بين المائية العليا وباقي السكان  السعوديين.

       الملك عبدالله، الذي يكاد لا يؤدي مهامه، لا يزال يفهم ويعرف الحاجة السياسية لمنح أبناء مملكته مصادر دخل محترمة، وليس على حساب الدولة. والخوف هو أن الاصلاحات التي يسعى الى تطبيقها ستسير بوتيرة سريعة لا تتناسب وتطلعات المواطنين، وانه من هنا الطريق نحو العصيان على نمط مصر او تونس سيكون قصيرا. في فترة يبدو فيها أن الملك يعد أيامه، مثل هذه التطورات قد تقوض قدرة خلفاء الملك على ادارة المملكة الغنية.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.