تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هآرتس تكتب عن الفقر بالسعودية..بالنفط لا تشتري شقة

                                                              هآرتس/ذي ماركر– مقال - 31/10/2013

"أنا أبن 48 سنة، راتبي 21 الف ريال (نحو 5.500 دولار) ولا يمكنني شراء بيت، لان سعر الارض يصل الى مليون ريال وكل توفيراتي فقدتها في البورصة التي سرقها السراقون، وبعد أن سيطر ارباب المال على الاراضي – ليس عندي اي فكرة كيف سأحرص على ابنائي". هكذا كتب المتصفح حسين تعقيبا على نبأ في موقع اقتصادي سعودي، بلغ عن ارتفاع في معدل أصحاب البيوت في السعودية من 58 في المائة الى 61 في المائة.

"ثلاثة من أصدقائي المقربين ابناء 40 اشتروا هذا الشهر شققا بعد أن عملوا 19 سنة في الخدمة الخدمة الحكومية وبعد أن أنهوا الجامعة"، واصل حسين. "كل مالهم استثمروه في هذه الشقق، ولكن الان اصبحوا عبيدا للبنوك، لان عليهم أن يدفعوا كل شهر 9 الاف ريال على مدى الـ 18 سنة القادمة".

قصصا كهذه تملأ المواقع الاقتصادية في كل مرة تعلن فيها الحكومة السعودية عن نيتها العمل على اصلاح ضائقة السكن التي تخنق المملكة الغنية، التي تملك ارصدة عملة صعبة بنحو 650 مليار دولار.

في الاسبوع الماضي، مثلا، نشر مرة اخرى نبأ مشجع، يقول ان مجلس الشورى السعودي سيصادق على قرار وزارة الاسكان لتخصيص أرض وقروض لمستحقي السكن. وفي غضون ثلاثة اشهر، كما وعد التقرير، ستقر الخطة وسيكون ممكنا الشروع في تسويق الارض وشراء الشقق. وهذه ستبنى بالتعاون بين وزارة الاسكان وشركات خاصة، وستتقرر اسعار الارض من قبل الحكومة والمقاولين سيكونون مطالبين بان يعرضوا سعرا للساكن يتضمن التحسين والبنية التحتية.

 ولكن يتبين أنه مثلما في اسرائيل، السعوديون ايضا يعتمدون على الصلوات أكثر مما على تصريحات الحكومة. "أرجوكم الكف عن نشر انباء كهذه، لان ضررها على المواطن اكبر من نفعها"، كتب المتصفح أحمد. "عندما تكونوا مستعدين لتسويق الارض انشروا أن ابتداء من الغد سيكون ممكنا شراء المنازل، ولكن عندما تعلنون بانه بعد تسعين يوما سيحصل شيء فانكم توهمون المواطن البائس فقط".

ظاهرا، توجد فجوة هائلة بين ثراء المملكة وبين ضائقة المواطنين. وتثير هذه الفجوة عجبا كبيرا على نحو خاص عند فحص قيمة المال العائلي المتوسط. فحسب تقرير نشرته دائرة بحوث بنك كريدت سويس، فان العائلات السعودية تأتي في المرتبة الاولى في العالم من حيث قيمة المال العائلي – مع نحو 600 مليار دولار. في المرتبة الثانية تأتي دولة اتحاد الامارات مع 500 مليار دولار وفي المرتبة الثالثة بالذات مصر مع 400 مليار دولار.

ومع ذلك، عندما توزع هذه المبالغ على مواطني الدولة، تظهر صورة مختلفة جوهريا. حسب التقرير، المال للفرد في قطر هو الاعلى في الشرق الاوسط ويصل الى نحو 145 الف دولار، في دولة الامارات نحو 127 الف دولار، في السعودية نحو 37 الف دولار فقط، اما في مصر فمال الفرد يصل بالاجمال الى نحو 7.250 دولار.

لهذه المتوسطات ينبغي ان تضاف الفجوات الهائلة بين الاغنياء والفقراء. وهذه تجد تعبيرها السياسي – الديني، وذلك لان قسما كبيرا من طبقة الفقراء في المملكة هي شيعة يسكنون في شرقي الدولة، بينما يوجد الثراء في ايدي السنة. لا توجد معطيات رسمية عن الفقر في السعودية، التي تحرص على منع حتى نشر فيديو على الانترنت يصل الفقر، ولكن التقدير هو أن 2 – 4 من اصل نحو 16 مليون مواطن في الدولة يعيشون تحت خط الفقر الذي يبلغ في السعودية 17 دولار في اليوم.

ولا يواسي السعوديون حقيقة أن مملكتهم هي من الدول الغنية في العالم او أن ليس للثراء العائلي لديهم منافس. مثلما في كل دولة، المقارنة هي بين المواطن وجاره، بين من ينتمي الى العائلة المالكة وكل الباقين، بين من يسكن في المدن وبين من يسكن في المناطق الهامشية وبين السني والشيعي.

هذه المقارنات يعرفها جيدا الملك عبدالله، الذي سارع الى استثمار مليارات الدولارات في مساعدة العائلات الفقيرة والطبقة الوسطى فور اندلاع العصيان المدني في الدول العربية. غير أنه تبين أن هذه الاستثمارات لم تنجح في تقليص الفجوات، بل وبالاساس ساعدت الاغنياء والبنوك.

هكذا مثلا، عرض التقرير الربعي لنشاط البنوك في السعودية ارتفاعا بمعدل 7.8 في المائة في ارباح البنوك في الاشهر التسعة الاولى من العام 2013، مقابل الفترة الموازية من العام الماضي، واظهر بان اجمالي املاك 12 بنكا بلغ نحو 120 مليار دولار. هذا معطى مثير للانطباع يدل على استقرار المنظومة البنكية، ولكن عندما يعرف المواطن حسين بان قرض السكن الكبير الذي يدفعه هو وزملاؤه هو الذي يضخم ارباح البنوك فانه لا يتحمس لهذ الثراء البنكي.

هذه الفجوات، التي يمكن التأثر بنفوذها أساسا على صفحات الفيسبوك كون وسائل الاعلام المركزية تقلل من الانشغال بها، تعتور تحت سطح الارض وتغذي الاستياء المدني. الامر لم يجد بعد تعبيرا جماهيريا له مثلما في مصر او في تونس، ولكن حتى في احدى الدول الثرية في العالم من شأن هذا العصيان ان يتفجر خارجا.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.