تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الصين الأقدر على إعادة رسم الخريطة الاقتصادية العالمية


 

سألني صديق، مهتم بالشأن الاقتصادي، زار الصين وبعض دول بريكس هل يمكن للصين مستقبلاً أن تعيد رسم خريطة التمويل العالمي؟ جواباً عن سؤال الصديق، وتقديراً للصين البلد الصديق للدولة السورية... أوضح: من المتوقع أن تصل المدخرات الوطنية الصينية عام 2014 إلى خمسة تريليونات دولار، مقابل ثلاثة تريليونات دولار فقط مدخرات الولايات المتحدة الأميركية. ومن المتوقع أن تبادر الصين لاتخاذ إجراءات مالية تسهم فيما يسمى فتح الحساب الرأسمالي؛ أي المزيد من التسهيلات للسماح للأجانب بالاستثمار في الصين، وللصينيين بالاستثمار في الخارج... ومعظم المؤشرات تبين أن حجم ادخار الصين سيعمل على إعادة تشكيل خارطة التمويل العالمي مستقبلاً... وسيكون تأثيرها في النظام المالي العالمي كبيراً، وإذا أصبحت الصين تملك أكبر الأصول المالية في العالم فإن أي صدمة داخل الصين ستصبح حدثاً عالمياً. 
في عام 2012 نشرت الصين وثيقة لبنك الشعب الصيني تقول: إن الحساب الرأسمالي المفتوح سيحسن نوعية الأصول الأجنبية الصينية وسيعزز استخدام العملة (الرينمينبي) عبر الحدود، والمساعدة في إعادة هيكلة الشركات في البلاد. وتضيف الوثيقة أن الصين لن تواجه مخاطر كبيرة... لأن أصول وديون البنوك مقومة بالرينمينبي، والديون قصيرة الأجل تمثل نسبة صغيرة من ديون الصين الأجنبية. 
وقام بنك الشعب الصيني بتقسيم العملية إلى مراحل ثلاث: الأولى؛ ثلاث سنوات سيتم فيها تخفيض الضوابط على الاستثمار الأجنبي المباشر للشركات. الثانية، من ثلاثة إلى خمسة أعوام يتم فيها تخفيض الضوابط على الائتمان المتعلق بالتجارة وتعزيز عمل الرينمينبي. الثالثة؛ من خمسة إلى عشرة أعوام، فتح تدفقات رأس المال الداخلة قبل التدفقات الخارجة. وهذه الخطة ستكون حافزاً للإصلاح المالي، وخاصة أن الادخار الصيني الضخم محتجز داخل الصين.
المدخرات الصينية بلغت آخر عام 2013 مبلغ (3.8) تريليونات دولار بمعدل (3000) دولار لكل مواطن صيني ومن الأفضل تحويل جزء منها إلى أصول حقيقية. دراسة لبنك انكلترا منشورة في نهاية عام 2013 تقول: الجمع بين فتح الحساب الرأسمالي والنمو الاقتصادي السريع نسبياً ربما يؤدي إلى زيادة أصول وديون الصين الخارجية من نسبة (5%) من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، إلى نجو (35%) بحلول عام 2025. سيؤدي ذلك إلى تراكم صافي الأصول الدولية الصينية بحدود من (11%-18%) من الناتج المحلي الإجمالي، ما يجعل من الصين لاعباً أساسياً في أسواق رأس المال العالمية.... بنك الشعب الصيني يرى أن تحرير الحساب الرأسمالي سيشكل قوة ضاغطة من أجل الإصلاح، وسيكون إصلاحاً مالياً، واقتصادياً وذا طابع سياسي. 
لقد رفض (تشو قوانج ياو) نائب وزير مالية الصين تحذيرات صندوق النقد الدولي بأن اقتصاد الصين مهدد بالركود... مشدداً على أن بلاده تتخذ إجراءات حاسمة للتعامل مع المخاطر المالية ومشيراً إلى ما أكده الرئيس الصيني أن بلاده أحسنت التعامل مع الواقع الوطني والعالمي، واستفادت من دروس الأزمة الاقتصادية العالمية... 
الواقع يشير إلى أن الاقتصاد الصيني الصاعد سيستمر بالتألق، كثاني أقوى اقتصاد في العالم، وستستمر الصين بموقعها الدولي المميز كعضو دائم في مجلس الأمن يدعم حقوق الشعوب، وسيادة الدول المستقلة؛ وما موقف الصين من قضايا الشرق الأوسط، وخاصة الأزمة السورية... سوى تأكيد على ذلك... لاشك أن التوجهات المالية والاقتصادية الصينية التي أشرت إليها ستعزز المسيرة الاقتصادية الواعدة للصين، وستجعل المدخرين في الصين يملكون أجزاء كبيرة من الأصول في العالم... وستبقى الصين الأقدر على إعادة رسم خريطة التمويل العالمي... لكن على الطريقة الصينية الهادئة... وكما يقول المثل الروماني: دعهم يستعجلون، ولكن ببطء.
 
                                                                                                                                                   د.قحطان السيوفي

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.