تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

مصير اليونان معلّق على تقدير خطر إفلاسها

                     وصلت المفاوضات الأوروبية والدولية الكثيفة الجارية مع الحكومة اليونانية للاتفاق على برنامج إصلاحات مقبول إلى حائط مسدود، ما دفع برلين إلى عقد مشاورات لتحضير نفسها لسيناريو إفلاس اليونان في نهاية الشهر الحالي، والتبعات المالية والسياسية عليها وعلى أوروبا، وفقاً لما أفادت به صحيفة «بيلد» الألمانية اليومية الصادرة أمس.

ونقلت الصحيفة عن «أشخاص مطلعين» قولهم إن ثمة «مداولات محددة» تجري في برلين لمواجهة تبعات إعلان إفلاس الدولة اليونانية، منها فرض الرقابة المالية على تحرّك الأموال في البلد المذكور، والبحث في إمكان خفض الديون المترتبة على اليونان من جانب ألمانيا وغيرها أو إلغائها كلياً.

ولفتت إلى أن «موظفين حكوميين» ألماناً على اتصال دائم الآن مع موظفين في البنك المركزي الأوروبي للتشاور. فيما لم تضع الحكومة الألمانية «خطة تفصيلية حول كيفية الرد على إفلاس اليونان، إنما ستعمل على اتخاذ القرارات في اللحظة المناسبة وتبعاً لتطورات الوضع». ولم يشأ ناطق باسم الحكومة الألمانية التعقيب على المعلومات التي نشرتها الصحيفة.

إلى ذلك حذر رئيس البنك المركزي الألماني ينس فايدمان من الجمود الحاصل في المفاوضات مع أثينا، وعدم التوصل إلى اتفاق مشترك. وقال «الوقت يمضي وبالتالي يتزايد يومياً خطر الإفلاس».

وأشار مراقبون ألمان إلى أن خطوة الحكومة الألمانية «غير مستغربة»، بعدما فشلت المستشارة أنغيلا مركل ومعها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الأربعاء الماضي في إقناع رئيس الحكومة اليونانية ألكسيس تسيبراس، بإدخال خطوات إصلاحية أخرى لخفض نفقات الدولة كي يوافق صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي على برنامج التقشف الذي اقترحته حكومته أخيراً، للإفراج عن الدفعة الأخيرة من برنامج المساعدات التي تنتهي مدته هذا الشهر والمقدرة بـ 7.2 بليون يورو، لتغطية ديون مستحقة عن الشهر الحالي بقيمة 6.8 بليون يورو. لكن الاجتماع فشل في تحقيق أي اختراق للرفض اليوناني بزيادة التقشف. وتبلغ قيمة المستحقات التي سيكون على أثينا دفعها إلى دائنيها حتى نهاية السنة 26.7 بليون يورو.

وانتقد ممثل لصندوق النقد الدولي «غياب أي استعداد يوناني للوصول إلى حلول وسط» مع الصندوق. إضافة إلى ذلك، زادت المحكمة الإدارية العليا في اليونان أول من أمس في تعقيد الأمور بعدما ألغت قراراً حكومياً سابقاً قبل ثلاث سنوات يقضي بخفض معاشات التقاعد في البلاد، ما يعني إعادة دفع 1.5 بليون يورو عن كل سنة منها إلى المتقاعدين، أي 4.5 بليون يورو، في حين تعجز الدولة عن ذلك. ودفعت هذه التطورات الأخيرة واقتراب نهاية الشهر، رئيس المجلس الأوروبي في بروكسيل دونالد توسك إلى القول «حان الوقت كي يقول المرء إن وقت اللعب انتهى».

وينتهي في 30 الجاري العمل ببرنامج المساعدة المالية الحالي المقرر لليونان، وفي حال عدم الاتفاق على برنامج آخر لن تقدم أية مساعدات مالية جديدة، ما يعني إفلاس اليونان حكماً. وفي حال اطمأن الدائنون إلى أن إفلاس البلد لن يؤدي إلى أزمة اقتصادية جديدة، أو إلى أزمة يمكن التحكم فيها فسيقودون اليونان إلى الإفلاس الفعلي حتماً، كي تعود إلى عملة الدراخما السابقة.

أما في حال التهيب من مسألة الإفلاس وانعكاساتها على أوروبا والعالم، وهنا يُفهم تحذير الرئيس الأميركي باراك أوباما من تداعيات الأمر خلال قمة السبع في ميونيخ، ودعوته إلى عدم التشدد مع اليونان أكثر من اللازم، سيجد الدائنون إمكاناً ما لتمديد المفاوضات مع أثينا إلى وقت غير محدد، ولو كان بعضهم يتحدث عن التمديد حتى آذار 2016.

ولا شك في أن الحل الأفضل هو التوصل إلى اتفاق مشترك على البرنامج الإصلاحي المطلوب في اللحظة الأخيرة. من هنا يأتي تفاؤل مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي بوجود «حظوظ جيدة الأسبوع المقبل لوضع اتفاق مقبول من وزراء مال دول منطقة اليورو»، وفقاً لما نقلت عنه صحيفة «بيلد» الألمانية أمس من دون الإشارة إلى هويته.

وأعلن وزير الدفاع اليوناني بانوس كامينوس في مقابلة مع قناة «ميغا»، وفقاً لـ «وكالة فرانس برس»، أن «الاتفاق سيحصل بحلول 18 الجاري او لن يتم أبداً». كما أمل وزير الدولة أليكوس فلامبوراريس المقرب من تسيبراس في حديث إلى التلفزيون الرسمي «ايه ار تي»، بالتوصل إلى اتفاق «قريباً جداً لدى اجتماع منطقة اليورو».

وانعكست هذه التطورات تراجعاً لبورصة أثينا 4 في المئة عند افتتاحها، بعد إعلان صندوق النقد أن التوصل إلى اتفاق «لا يزال بعيداً» بعد انتهاء مشاورات في بروكسيل للتوصل إلى حل.

وقال كامينوس من «حزب اليونانيين المستقلين» وهو أصغر أحزاب الائتلاف الحكومي وغير المشارك في المشاورات، «اذا لم يتم التوصل إلى حل بحلول نهاية الشهر، فإننا لن ندفع لصندوق النقد الدولي».

وأفاد الصندوق بأن فريقه إلى المفاوضات مع اليونان عاد إلى واشنطن، مشدداً على أن «الكرة الآن في المرمى اليوناني»، موضحاً أنه لن ينسحب من المفاوضات وهو ملتزم بها.

وأعلن رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر بعد لقاء مع تسيبراس، أن على رئيس الوزراء اليوناني أن «يواجه حزبه الرافض لبرنامج التقشف»، إذ اقترح عدد من المسؤولين فيه تنظيم انتخابات مبكرة في حال أُرغمت أثينا على القبول بإجراءات تقشف جديدة». وقال في مقابلة إنه «ليس حزباً حقيقياً بل مجموعة من الحركات والميول والمشاعر والضغينة».

وأشارت وكالة «فرانس برس» إلى استطلاع للرأي العام في ألمانيا، كشف أن «غالبية الألمان لا يؤيدون بقاء اليونان التي تعاني من مشاكل مالية في منطقة اليورو، ما يشكل تغييراً في الموقف بفارق 20 نقطة تقريباً عن مطلع السنة، وشكل الرافضون في الاستطلاع نسبة 51 في المئة». في المقابل، أيد «41 في المئة بقاء أثينا».

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.