تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

التقرير السنوي للمجلس الوطني للإعلام: الإعلام السوري عام 2012

مصدر الصورة
موقع المجلس الوطني للإعلام في سورية

 

المجلس الوطني للإعلام


لقد بنى المجلس تقريره هذا عن واقع قطاع الأعلام الوطني للعام 2012 على أساس معيار نجاح هذا الإعلام في تجسيد الرؤية الوطنية وإيصالها إلى الرأي العام وتحويلها إلى وعي شعبي محرك وفاعل.

المجلس الوطني للإعلام

التقرير السنوي 2012



** الفــــــهــــــــرس**
  • المقدمـــــة..................................................................ص 3
  • واقع المجلس الوطني للإعلام.............................................ص 6
  • الإعلام الوطني في الأزمة..............................................ص 9
  • واقع الإعلام الوطني المطبوع............................................ص 12
  • واقع الإعلام الوطني المسموع والمرئي...................................ص 18
  • واقع وسائل التواصل على الشبكة.......................................ص 31
  • واقع الإعلام الوطني الثقافي............................................ص 35
  • الوكالة العربية السورية للأنباء...........................................ص 38
  • شركات الخدمات الإعلامية.............................................ص 39
  • المقترحات والتوصيات..................................................ص 40


المقـــــــــدمـــة

شهد عام 2012 استمرار الحرب في سورية وعليها ، حرب استهدفت سورية الوطن والشعب والدور الحضاري. وكان الإعلام أهم الأسلحة في هذه الحرب، حيث استعملت وسائل إعلامية عربية وأجنبية لبث أفكار ومعلومات وأخبار, تسعى لاسقاط الدولة السورية , وتحقيق أهداف من يقف وراء هذه الحرب من قوى خارجية ذات تاريخ استعماري طويل ، فمن خارج سورية عملت وسائل إعلام كثيرة على تغيير الوقائع وقلبها للنيل من الدولة السورية ومقوماتها, بينما تابع الإعلام الوطني العمل بحماسة وروح وطنية للدفاع عن الوطن والدولة , رغم استهدافه منشآتٍ وأجهزةً وملاكاتٍ , سقط بعضهم شهداء أو مختطفين . وحماسة العاملين في الإعلام الوطني واندفاعهم في الدفاع عن الرؤية الوطنية لم يواكبها أداء اعلامي مهني مناسب , مما أثّر على فاعلية هذا الإعلام وعلى علاقته بالمتلقين داخل الوطن وخارجه.
إن موقع سورية الجيوسياسي في منطقة هي قلب العالم ومحط اهتمامه, السياسي والاقتصادي , جعل منها بؤرة الصراع الدائر ضد السياسات والمشاريع الاستعمارية التي وقفت سورية ضدها ودعمت كل عمل مقاوم لأعتى استعمار استيطاني استهدف الحقوق العربية في فلسطين والأراضي العربية المحتلة.
وسنتين من عمر الأزمة التي تشهدها سورية يؤكد أن هذه الحرب الظالمة عليها , قامت كجزء من مخطط وضعته القوى الاستعمارية الكبرى , بهدف إعادة ترتيب المنطقة العربية , خدمة لمصالحها وأهداف سيطرتها على مقدرات دوله وشعوبه , وإن سورية مستهدفة لدورها ومكانتها ومقاومتها للمشروع الصهيوني الهادف الى تفتيت المنطقة العربية وإقامة كيان استيطاني استعماري يشكل قاعدة متقدمة للمشاريع الاستعمارية.
إن مطالب الإصلاح والتغيير المشروعة والتي عملت الحكومة السورية على تنفيذ جزء كبير منها, قد تجاوزها المسلحون الإرهابيون, نحو حرب تستهدف تدمير بنية الدولة والقضاء على أسسها وبنيتها التحتية التي بناها الشعب السوري بعرقه ودمه خلال سنوات طوال, والأخطر أن حرب هؤلاء المدعومة مالا وسلاحا من دول اقليمية وعربية, تستهدف أيضاً الإنسان السوري باغتيال أبناء سورية من عسكريين ومدنين وتهجير جزء من السوريين من مدنهم وقراهم, لتخلو الساحة أمام تنظيمات إرهابية تعيث في الأراضي السورية فساداً وتقتل البشر والحجر خدمة لمصالح بعيدة كل البعد عن آمال السوريين وطموحاتهم في وطن كان دائماً رمز الأمن والأمان في العالم أجمع.

جاء تأليف المجلس الوطني للإعلام في ظل أزمة مصيرية يعيشها الوطن زاد في إيمان أعضائه بأن صلاحيات المجلس , ودوره في تطوير الإعلام الوطني والارتقاء به مهنياً وفكرياً وسياسياً , ما هي إلا مسؤولية وطنية لن تقف دونها أية عقبات أو عقليات معيقة.
والمجلس يؤمن أن قانون الإعلام كان الخطوة الأولى في عملية الإصلاح التي تعمل عليها الدولة لأن الإعلام هو الصوت المعبر عن نهج الدفاع عن الهوية الوطنية ومصالح الشعب عبر دوره التثقيفي والتربوي.
لقد بنى المجلس تقريره هذا عن واقع قطاع الأعلام الوطني للعام 2012 على أساس معيار نجاح هذا الإعلام في تجسيد الرؤية الوطنية وإيصالها إلى الرأي العام وتحويلها إلى وعي شعبي محرك وفاعل.

واقع المجلس الوطني للإعلام
أنشى المجلس الوطني للإعلام كخطوة أولى في مشروع الإصلاح. وعمل في مساحة لا توجد فيها تجارب قبله، فكان عليه أن يبحث مسائل لم تلامس سابقاً، منها: تنظيم الإعلام وإبداء الرأي في السياسات الإعلامية ومتابعة أداء المؤسسات الإعلامية, الذي يفتح أفق الإبداع والتنوع، وضرورة الارتقاء بالمستوى المهني للإعلاميين وللمؤسسات الإعلامية لتكون مؤهلة لمواجهة الحاجات الوطنية والمعرفية، وتأهيل الإعلاميين بالتدريب والتعلم المستمر، وتغيير اللغة الإعلامية لتناسب الحاجات المعاصرة الوطنية والإنسانية، والحوار مع الراغبين بتأسيس وسائل إعلامية لمساعدتهم على إبداع مساحات إعلامية ذات أسلوب وموضوعات تلبي الطلبات الجديدة، وتأسيس علاقة بالمنتجين التلفزيونيين تنظيم هذا القطاع المؤثر بما يتضمنه من محتوى إعلامي, وبما يحقق انتشار الرؤية السورية الحضارية, ويدخل إلى سوق الإنتاج ثقافة عامة مناسبة، إضافة إلى ضرورة تنظيم المؤسسات الإعلامية. وسعى المجلس لوضع تلك المسائل في صيغ واضحة. وأن يشق درباً غير مطروق سابقاً. وذلك وسط مناخ الحرب على سورية ومعوقات كثيرة منها أنه عمل حتى الشهر الخامس من عام 2011 دون مقر ودون جهاز تنفيذي.
بدأ المجلس من أسس أولها أنه يجب ألا يكون مديرية إضافية في المؤسسة الإعلامية، بل أن يكون جسماً حياً مستقلاً يحمل مهمات إصلاح القطاع الإعلامي ونهجه المعتمد في الأداء. فانطلق من روح الثوابت التي صاغها قانون الإعلام: أن الإعلام جهاز وطني ينطق بصوت الشعب السوري , ويحترم مصالحه الوطنية والاجتماعية. وأنه ليس جهازاً بسيطاً للتبليغ، بل للتعبير عن الطموحات والضمير. ويجب أن يتميز بالإبداع ليحمل بجدارة مسؤولية أنه صوت وطني نظيف, وسط ظلمة الإعلام العربي والعالمي. وأن يؤدي وظيفة الإعلام في رفد معارف المواطن بكل أصيل وجديد, وفي توسيع وعيه السياسي والثقافي, والدفاع عن الهوية الوطنية والثقافية والحضارية السورية. وقد استجلى المجلس تلك المسائل خلال مناقشات جدية وحارّة اكتشف جوانبها واتفق على برنامج مقاربتها.
يؤكد المجلس الوطني للإعلام، على حرية الإعلام، وفق القانون والدستور وحق الإعلامي في الحصول على المعلومة، وبثها إلى الجمهور المتلقي، ويعتبر أن الحرية متلاحمة مع المسؤولية، لبنة أساسية في بناء إعلام قادر على استقطاب الجمهور، وخدمة الوطن والمواطن، وإنعاش قطاع الإعلام حتى في الأزمات الكبرى. لذلك يسعى المجلس إلى حماية الإعلام والإعلاميين في الأزمات، باعتبار تلك الحماية حقاً مبدئياً عالمياً ثابتاً من حقوق الإعلام يجب احترامه، والدفاع عنه، والعمل بموجبه، في إطار تعددية الآراء والمواقف من الأحداث والأزمات.
وفي هذا السياق يرى المجلس ضرورة الارتقاء بالمستوى المهني للإعلاميين، والمؤسسات الإعلامية لتكون مؤهلة لغةَ، وأسلوباً، ورؤية، كي تمارس " الحرية المسؤولة"، وتبث خطابها بمهنية تساهم في تطور الخطاب، وبلوغ أهدافه، وتلبية الحاجات المعرفية للجمهور.

عمل المجلس على تنفيذ جزء أساسي من مهماته كما يلي:
1 – أنجز المجلس الخطط العملية والآليات التنفيذية لمهامه وصلاحياته بحيث يكون عمله واضح الخطى ومضاء الطريق.
2 – أعد المجلس خطة عمل (سياسة مهنية فكرية) للحملة الإعلامية المرافقة للانتخابات التشريعية الأخيرة,تستند إلى رؤية عميقة لطبيعة الأزمة التي تعيشها سورية , ولطبيعة التوجه الإعلامي قبل الإنتخابات , وأثناءها,وبعد انتهائها,بما يخدم التوجه الإصلاحي المنشود, وقدم المجلس هذه الخطة إلى السيد وزير الإعلام في تلك الفترة وللأسف لم يتم الأخذ بهذه الخطة البناءة.واستمر الإعلام على عادته في مثل هذه المناسبات الوطنية الكبرى , وكأنه لايرى الأزمة ومفرزاتها على الوضع الداخلي.
3 – طالب المجلس وزارة الإعلام باعتبارها أكبر مالك لوسائل الإعلام بإطلاع المجلس على السياسات الإعلامية المعتمدة في كل وسيلة إعلامية، ليتسنى للمجلس ممارسة مهمته في إبداء الرأي في هذه السياسات. ولكن الوزارة، لم تستجب للتعاون مع المجلس في هذا المجال حتى تاريخه مما عطل تنفيذ مهمة إبداء الرأي بالسياسات الإعلامية المكلف بها المجلس في قانون الإعلام.
4 –عقد المجلس خمسين جلسة من جلسات العمل مع الإعلاميين وبعض السياسيين السوريين استطلع آراءهم في الأداء الإعلامي وطموحاتهم إلى ما يجب أن يلبيه. وسجلت تلك الجلسات كوثيقة لم يسبق أن سجل مثلها..
5 - تابع المجلس قضية نهب الآثار والمتاحف السورية من قبل عصابات مسلحة. وكانت موضوعاً للحرب على سورية في الصحافة العربية والعالمية، وأصدر بياناً , ورأى ضرورة أن يؤهل المراسلون لتغطية الوقائع في المناطق المهددة بالعصابات المسلحة، والتقى بآثاريين، لكنه لم يوفق في عقد لقاء بين الإعلاميين ومديرية الآثار.
6 - نظم لقاء بالقائمين على صناعة السينما والمسلسلات التلفزيونية واستمع إلى مشاكلهم واتفق معهم على بحث صيغة الاتصال بينهم وبين المجلس على أن يتم ذلك ضمن الفترة القادمة بعد انتخاب لجنة جديدة.
7 - وضع المجلس الأسس والقواعد غير المسبوقة في مجال منح التراخيص(دفاتر الشروط)، وابتكر قواعد تتجاوز ما اعتمد سابقا من آليات المنح لجميع أشكال العمل الإعلامي، فمنح التراخيص لجميع من انطبقت عليهم شروط الترخيص الواردة في القانون, وتم ترخيص (38) مطبوعة، منها (23) مجلة و(15) جريدة تراوحت مناهجها بين السياسي (صحيفة يومية) والثقافي، والاجتماعي، والعلمي، والاقتصادي. كما أوجد أنماطاً جديدة من الترخيص والاعتماد وفقاً لقانون الإعلام، أهمها: اعتماد مواقع التواصل على الشبكة التي وصل عدد المعتمد منها إلى(19) موقع إعلامي الكتروني، إضافة إلى ترخيص مركز للبحوث والدراسات، واعتماد(7)شركات لتقديم الخدمات الإعلامية.
8 - نظّم المجلس لقاءات مع أصحاب المطبوعات الخاصة، والإذاعات الخاصة، ناقشت آليات تطبيق قانون الإعلام ومتطلبات عمل هذه الوسائل الإعلامية.
9- أقام بالتعاون مع اتحاد الصحفيين لقاءات بإعلاميي جميع المؤسسات الإعلامية الرسمية بهدف شرح قانون الإعلام الجديد وآفاق تطبيقه.
10- بادر المجلس إلى تخطيط حوار مع الأطياف السورية المتنوعة على أن يتم نشرها في جريدة تشرين ، وستكون من أول أعماله في هذه السنة الثانية.

**معوقات العمل:
واجه المجلس منذ تأليفه عقبات أعاقت عمله، حيث بقي المجلس عدة أشهر دون مقر، فعقد اجتماعاته في مقرات مؤقتة لا تتوفر فيها شروط العمل. كما أن عدة جهات في الحكومة تعاملت بشكل سلبي مع المجلس، ولاسيما في الفترة الأولى (تأمين مقر وأثاث وندب موظفين الخ...) ومازال المجلس حتى تاريخه غير قادر على إقناع بعض الموظفين في وزارة المالية بأنه جهة عامة تحتاج إلى وضع بند خاص به في موازنة الدولة المالية. إضافة إلى ذلك عدم تعاون بعض المؤسسات الإعلامية وغير الإعلامية معه.

الإعلام السوري في الأزمة
إن المجلس الوطني للإعلام يؤمن، وهو يقدم تقريره السنوي الأول عن واقع الإعلام في سورية، أن قانون الإعلام الصادر عام/2011/ حالة إصلاحية بامتياز، حيث يضمن في بنوده حقوقاً أساسية كفلها الدستور، أهمها أن الإعلام ملك وطني عام مهمته الدفاع عن مصالح الشعب، وعن حرية الإعلام، واستقلاله، وحرية التعبير، وحق المواطن في الحصول على المعلومات، إضافة إلى اعتبار العمل الإعلامي رسالة تخدم الوطن والشعب.

لقد انخرط الإعلام السوري - الرسمي والخاص- في الأزمة التي أصبحت بمفرداتها المختلفة جزءاً كبيراً وأساسياً من المواد المنتجة في مختلف الوسائل الإعلامية، بل في أغلب الأحيان المنتج الوحيد. وإذا كانت الموارد المالية للإعلام الرسمي قد تأثرت جزئياً بعد الأزمة فإن الإعلام الخاص عانى ومازال يعاني من انهيار مداخيله مما أدى إلى غياب عدد كبير من وسائل الإعلام، واحتجاب غالبية المطبوعات الخاصة، سواء رخصت على قانون المطبوعات /2011/ أم على قانون الإعلام /2011/، وانعكس عدم صدور هذه المطبوعات سلباً على جميع العاملين فيها من إعلاميين وتقنيين، وسرح أغلبهم من العمل.
إن تاريخ الإعلام في العالم يؤشر إلى أن كل أزمة كبرى بمستوى الأزمة السورية، وحتى أقل منها حدة وتشعباً، تؤدي إلى تجييش الإعلام، والاستفادة من كل الطاقات البشرية، والمادية ، والتقنية، المتوفرة لديه لتسانده، أكان رسمياً أو خاصاً. وهذا ما حدث شكلياً للإعلام السوري الرسمي، وبعضٍ من الإعلام الخاص، أما بعضه الآخر فانزوى غير قادر على حمل الأعباء (المادية والمعنوية ) الناجمة عن الأزمة.
و يعترف معظم القائمين على الإعلام السوري، من خلال حواراتنا المطولة معهم، بالارتباك الذي حصل بداية الأزمة، وما تولد عنه من شطحات وتجاوزات، وكأنهم مثل من أُلقي به في اليم، وقيل له إياك أن تبتل بالماء.
لقد سعى الإعلام الوطني السوري إلى الدفاع عن الدولة والوطن منذ الأيام الأولى للازمة، رغم حالة الارتباك الناجمة عن عدم الاستعداد، وغياب الإمكانيات المهنية لمواجهة الأزمات، واقتصار دوره على التنفيذ لا التخطيط والتفكير، ورغم جميع الجهود المقدرة والمشكورة التي بذلها العاملون فيه. لكن المجلس يرى أن إعلامنا الوطني لم يرق بأدائه المهني إلى المستوى الذي يجعله فاعلاً في الحدث لا منفعلاً فيه، ونداً حقيقياً للخطابات الإعلامية المؤثرة في صنع الأزمة وتأجيج أوارها. ولم يتمكن الإعلام بشقيه – الرسمي والخاص – من صد الرياح الهوجاء التي عصفت بكل مواثيق الشرف الإعلامي وقواعد المهنة.
والمشكلة أن إعلامنا لم يعترف بضعفه المهني، لأنه غير قادر على تقويم أدائه بنفسه , لغياب المعايير وأدوات التقويم المهنية في صميم تكوينه المؤسساتي , لذلك بدا منتشيا بحماسته ,مفتونا بمدح الذات , ومدح بعض الجهات الوصائية عليه , معتبرا هذا المديح تقويما نهائيا ، وهذا ما يجعلنا ننبه إلى أن الوطنية والحماسة وحدهما لا تكفيان لصنع إعلام مؤثر، بل لا بد من مهنية إعلامية. ومتابعة للخبر، ومهارة في توظيف المعلومة، ومواكبة للحملات. كما أنه لا بد من سياسات مهنية واضحة كي ننجز إعلاماً وطنياً مؤثراً يشكل بالفعل سلاحاً في معركة حماية الوطن والشعب عبر تحصين وعيه وتغذيته المستمرة.
وقد توقف المجلس أمام ما طرحه الاعلاميون السوريون , العاملون في الاعلام الوطني في حواراتهم مع المجلس, حول مشكلة ندرة مصادر الخبر والمعلومات, والتي يعاني منها ايضا مراسلو وسائل الاعلام الخارجية , حيث يستمر الاعلاميون جميعا بالشكوى من عدم وجود جهات واضحة ومحددة تمد الاعلاميين بالمعلومات والاخبار , اضافة الى تناقض كبير يتم رصده أحيانا بين الجهات الرسمية في تعاطيها مع الخبر نفسه , يصل الى حد التناقض, مترافقا بتعتيم في بعض الاحيان على بعض الاخبار مما يجعل الاعلام فاقداً للمادة الاساسية اللازمة لانتاج الرسائل الاعلامية المطلوبة للرأي العام وجمهور المتلقين.
وتفاقمت مشكلة مصادر المعلومات خلال الأزمة , حيث تداخلت المعلومات بعض الاحيان وتناقضت المصادر أحايين كثيرة , مما أفقد المعلومات والأخبار الآلية المتسقة والمهنية . ويسعى المجلس الى فتح مجالات التعاون مع مؤسسات الدولة المعنية , من أجل ايجاد آلية منظمة وواضحة ومتسقة, تحدد مصادر كل نوع من أنواع الأخبار واعتماد مستوى مهني يعطي أخباراً واضحة مبنية على المعلومات المحددة بعيداً عن التعميم المضيّع للخبر والمعلومة.

واقع الإعلام الوطني المطبوع
أوكل قانون الإعلام للمجلس الوطني للإعلام مهمة منح التراخيص لكل من تنطبق عليه الشروط. ورغم أن المجلس عمل من خلال لجان متخصصة على دراسة طلبات الترخيص والموافقة على منحها لأكثر من (35)مطبوعة، فإن ما صدر من هذه المطبوعات لم يتجاوز أصابع اليد الواحدة .
انعكست الأزمة التي تمر بها سورية بشكل سلبي حاد على الإعلام المطبوع، فتوقفت عن الصدور أغلب المطبوعات التي رخصت بناء على قانون المطبوعات الصادر في2001 لأسباب عديدة أهمها عدم تمكنها من تأمين الموارد المالية الكافية للإصدار حتى بالحدود الدنيا، في غياب العمل الإعلاني، وهو مصدر الدخل الأساسي لأغلب المطبوعات.
وصل عدد المطبوعات المرخصة في سورية وفق قانوني المطبوعات والإعلام أكثر من( 212) مطبوعة. وباستثناء المطبوعات التي تعود ملكيتها إلى الدولة، فان أغلب ما هو مرخص بقي في إطار المشاريع التي سعى إليها أفراد لغايات متنوعة، ولم تتمكن هذه المشاريع الفردية من الاستمرار في ظل الأزمة. فالإعــلام المطبوع الخاص لا يســتند إلى تجارب صحفية محلية خاصة منذ بداية ســــــتينيات القرن العشــرين حتى مطلع هذا القرن, بسبب توقف الترخيص للمطبوعات الخاصة. ولم يستطع هذا الإعلام مأسسة عمله الإعلامي فبقي صوت أفراد ليس لديهم الإمكانات لمواجهة الأزمات، مما أدى إلى انهيار أغلب هذه المشاريع الفردية وتوقفها. دون أن ننسى هنا تأثر الإعلاميين والفنيين العاملين في هذه المطبوعات وفقدانهم عملهم دون أية ضمانات أو تعويضات تكفلها عادة المؤسسات والمنظمات ذات المصداقية المهنية. في هذا السياق يدعو المجلس وزارة الإعلام ومؤسساتها الإعلامية إلى استيعاب الزملاء الذين يفقدون عملهم في الإعلام الخاص والاستفادة من إمكاناتهم وخبراتهم لصالح النهوض بالعمل الإعلامي الوطني نحو الأفضل.
قلصت تطورات الأزمة في سورية عام 2012 بشكل كبير صدور المطبوعات الخاصة, حيث شمل التقليص عدد صفحات هذه المطبوعات وتراجع تواتر صدورها. فإلى جانب الصحف اليومية الرسمية مثلا، تستمر بالصدور يومياً مطبوعة" بلدنا " لكنها قلصت عدد نسخها وصفحاتها, وتأثرت صحيفة " الوطن" التي تصدر في المنطقة الحرة الإعلامية خارج إطار قانون الإعلام، بالأزمة فخفضت صفحاتها وعدد نسخها كما تصدر بعض المجلات الأخرى مثل مجلة الأزمنة بتواتر عادي مع شقيقتها الباحثون وتتابع مجلة سوريانا صدورها بتواتر معقول إضافة إلى عدد من المطبوعات المتخصصة ( رياضية/الرياضية/ ,اقتصادية/الاقتصادي/..). وتصدر بقية المطبوعات الخاصة في ظل الأزمة دون تواتر إصدار طبيعي مع تقليص في الصفحات والطباعة والتوزيع.
ظهرت أثار الأزمة على المطبوعات الرسمية من خلال صعوبة وصولها إلى المتلقي السوري في عدد من المحافظات، بسبب الظروف الأمنية المعروفة، حيث عجزت آليات العمل المتبعة لدى الشركة السورية لتوزيع المطبوعات عن مواكبة التطورات على الأرض، وغياب آليات جديدة تناسبها، علماً أن شركات الخدمات الإعلامية التي تم الترخيص لها من المجلس للعمل في توزيع المطبوعات لم تبدأ عملها بعد لأسباب تتعلق بتفسير بعض الجهات لقانون الإعلام بروح الاحتكار التي قام القانون أصلاً لإلغائها. ويعمل المجلس لحل مثل هذه المشاكل المعيقة مع الجهات المعنية.
يلاحظ المجلس أن المواطن يتابع الإعلام بوسائل متنوعة، في سياق حالة عامة يتراجع فيها دور الإعلام المطبوع أمام وسائل الإعلام المتطورة على شبكة التواصل الإجتماعي. وإن كانت أرقام قراءات هذه الصحف على الشبكة تشير إلى مشكلة المحتوى الإعلامي ومستوى هذه الصحف المهني والفني.
الإعلام الحزبي المطبوع
للإعلام الحزبي في سورية وضع خاص، فالصحف الحزبية، عدا صحيفة البعث الناطقة باسم حزب البعث العربي الاشتراكي، والتي اعتبرت لسنوات طوال الصحيفة الرسمية المركزية الثالثة. تعاني من مشاكل جمة قبل الأزمة وبعدها. واغلب هذه المطبوعات (صحف ومجلات) الصادرة عن أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية غير معروفة على الساحة الإعلامية، وقد صدرت في السنوات السابقة بدعم حكومي. وما زالت مستمرة بالصدور بشكل غير متواتر وهي:
  1. صحيفة النور ... الحزب الشيوعي السوري الموحد.
  2. صحيفة النهضة ... الحزب القومي السوري الاجتماعي.
  3. صحيفة اليقظة... حركة الاشتراكيين العرب.
  4. صحيفة نضال الشعب.... الحزب الشيوعي السوري ، خالد بكداش.
وتأثرت بالأزمة فتقلصت صفحاتها وغاب بعضها عن الصدور. وقد اعتمد المجلس عدة مطبوعات للأحزاب الجديدة صدر منها:
  1. صحيفة قاسيون حزب الإرادة الشعبية .
  2. صحيفة شبابنا حزب الشباب الوطني السوري.
  3. صحيفة الرأي الآخر حزب الشباب الوطني للعدالة والتنمية.
لكن صدورها مازال ضعيفاً لا يتناسب و ضرورات تواجدها على الساحة الإعلامية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هناك أكثر من مطبوعة حزبية غير مرخصة استمر صدورها بتواتر مقبول ومازالت تصل إلى المتلقي السوري في اغلب المحافظات السورية كجريدة قاسيون قبل ترخيصها. ويلاحظ أن السنوات الأخيرة أتاحت للمتلقي السوري طيفا واسعا من الخيارات من وسائل الإعلام المحلية والخارجية المتوفرة للجميع عبر وسائل التواصل.
السياسات الإعلامية للإعلام المطبوع
كشفت الأزمة التي تعيشها سورية غياب السياسات الإعلامية لدى وسائل الإعلام المطبوعة، فسياسة الإعلام الخاص مبنية على مصالح صاحب الترخيص، ورؤيته للفائدة المرتجاة من عمل المطبوعة، أما الإعلام الرسمي فقد عمل لسنوات طوال وحيداً أمام المتلقي السوري دون أي منافسة مهنية حقيقية، ودون سياسة إعلامية خاصة بكل مؤسسة، معتمدا توجهات عامة تحددها الحكومة وجهات أخرى، وتنقلها وزارة الإعلام إلى إدارات التحرير. وقد حاول المجلس الوطني للإعلام التواصل مع إدارات تحرير المطبوعات الرسمية المركزية للحصول منها على سياساتها الإعلامية لإبداء الرأي فيها، حسب قانون الإعلام. لكن المجلس تلقى اعتذارات غير مبررة.
يرى المجلس الوطني للإعلام أن مسألة السياسات الإعلامية ذات أهمية كبرى في تطوير العمل الإعلامي، فكراً، وتقنية، وممارسات، وتنمية بشرية، وتدريباً. وما لم توضع سياسة إعلامية واضحة المعالم، تتفرع منها سياسات المؤسسات، فإن الإصلاح والنهوض سيبقيان أمنية ترمى على المستقبل، تاركة لقادة العمل الإعلامي استنباط السياسة الإعلامية بذكائهم ومبادراتهم الشخصية وعلاقاتهم بصناع القرار.
يرى المجلس أن مشكلة الإعلام المطبوع في سورية هي مشكلة مهنية، فالضعف المهني وتراجع تقاليد المتابعة الصحفية للحصول على المعلومة، وتحول الإعلاميين إلى موظفين ينفذون توجيهات، وعدم متابعة التطور المهني الصحفي في العالم، جعل الإعلام السوري المطبوع يتراجع ويفقد الكثير من دوره ووظيفته. ورغم كل ذلك، وضمن هذه الحالة العامة، يسجل المجلس تمايز جريدة الوطن في تغطيتها للأحداث والحصول على قصصها الإخبارية الخاصة، وتطورها بتقديم المعلومة وتغطية زوايا لا تغطيها باقي الصحف. ويسجل المجلس اعتماد صحيفة البعث أسلوباً جديداً في الإخراج الصحفي , والتبويب و ومعالجة القصص للإخبارية , ويرى في ذلك تجربة جديرة باللإهتمام والتطوير . كما يسجل المجلس الجهد المبذول لتطوير جريدة " تشرين " رغم ما أصاب بنيتها التحتية. ويسجل لجريدة " قاسيون" إضاءة المشاكل الاقتصادية. ومع ذلك فإن هذا التطور النسبي لبعض المطبوعات لا يلغي الحالة العامة للصحافة السورية من حيث تراجع مستوى المهنية والقصور في البحث عن المعلومة.
ملاحظات المجلس على واقع الاعلام المطبوع:
إن الظروف الذاتية والموضوعية التي يعمل في ظلها الإعلام السوري المطبوع تفرض علينا أن نأخذ بعين الاعتبار عدداً من الملاحظات نوردها كالتالي:
1 - أدى احتكار الدولة للإعلام المطبوع في سورية لمدة تقارب الأربعين عاماً إلى استفراد الإعلام الحكومي بالعمل الإعلامي، وكان لهذا الاستفراد منعكسه الايجابي بتحول وسائل الإعلام السورية الرسمية إلى مؤسسات إعلامية كبيرة تضم المئات بل الآلاف من العاملين (سانا– التلفزيون-الإذاعة– الثورة – تشرين). أما المنعكس السلبي لهذا الاستفراد فهو تحول جزء كبير من العاملين في هذه المؤسسات إلى موظفين يفتقر عملهم إلى المهنية والمهارة والإبداع الإعلامي. إضافة لعدم وجود أي معايير للمنافسة المهنية في العمل. وانعكس هذا على المحتوى الإعلامي فبقي جامداً في قوالب لا تواكب التطورات المتسارعة في أدوات وآليات العمل الإعلامي.
2 - رغم الدعم الكبير الذي قدمته الدولة لوسائل الإعلام الرسمية إلا أن المحسوبية والفساد والروتين في بعض مفاصل هذه المؤسسات جعلها خاصة في السنوات الأخيرة إلى ساحة للتوظيف العشوائي غير المهني، وأدى إلى فقدانها امكانية الإستفادة من طاقات اعلامية سورية كثيرة هاجرت للعمل في الخارج .
وعلى صعيد تقنيات العمل الإعلامي , فإن غياب السياسات التطويرية للمؤسسات الاعلامية المطبوعة ,جعل معظمها دون تجهيزات ومطابع حديثة. بل حرمت الصحف من ملكية مطابعها بخطأ إداري (قامت وزارة الإعلام بتصويبه مؤخراً). وقد اطلع المجلس على حال جريدة تشرين إذ أفادت رئيسة التحرير بأن الجريدة تعاني حالياً من تراجع مريع في بنيتها التحتية حيث لا مولدة كهرباء مثلا، إضافة إلى نقص حاد في عدد من العاملين في تحرير الأخبار، والدراسات، والمصورين و فنيي الطباعة.. الخ . ويسجل المجلس دعوته إلى محاسبة المسؤولين عن ذلك التراجع الكبير في الإمكانات التقنية والبشرية لصحيفة هامة مثل تشرين والإدارات المسؤولة عن هذا التراجع باعتبار أن المحاسبة جزء من الإصلاح. ويمكن تعميم حالة التراجع في الأداء الإعلامي على الصحف الرسمية، حيث خلت من المواد الإعلامية التي تشد القارئ، أو تلبي طموحه إلى معرفة الحقائق والأحداث، فصار يأخذها من مصادر إعلامية أخرى مثل الإذاعة أو التلفزيون أو مواقع التواصل الإعلامي على الشبكة.
3 – عانى الإعلام المطبوع خلال الأزمة، من إهمال الجهات الموجهة التي انصرفت إلى الإعلام التلفزيوني. وقد أفاد رؤساء تحرير الصحف الوطنية في ورشات العمل التي أقامها المجلس، بأنهم لم يتلقوا أي تعليمات أو توجيهات لفترات طويلة، وهذا ما دفعهم إلى الاعتماد على ما يرد في سانا من أخبار، والتعامل مع هذه المواد دون أي تدخل خوفاً من الاجتهاد الذي اعتادوا تجنبه.
4- إن آلية العمل المتبعة باعتماد أخبار وكالة الأنباء سانا كمصدر شبه وحيد لأخبار الحكومة والدولة والموقف الرسمي من جميع الأحداث، فاقمت في ظل الأزمة من اعتماد الصحف على أخبار سانا، وعدم وجود مصادر خاصة بها، وأصبحت قصة أي حدث مهما كان بسيطاً، تتكرر في الصحف جميعها دون أي تدخل مهني. وحوَل الصحف إلى صحيفة واحدة بأسماء مختلفة دون أي تمايز مهني. إضافة إلى التأخر في تغطية الكثير من الأحداث لعدم تعامل سانا معها , وتحولت افتتاحيات الصحف والزوايا السياسية فيها إلى تكرار لموقف الحكومة من الأحداث بهدف ترويجها دون أي إضافة مهنية.
5 - لقد استطاعت الصفحات والزوايا الاقتصادية في الصحافة الرسمية أن تتطور بشكل واضح وتؤسس لصحافة اقتصادية مهنية انتقل جزء كبير من العاملين فيها للعمل في الصحافة الاقتصادية الخاصة، التي قدمت تجارب ناجحة. وبرزت مجموعة من المطبوعات الاقتصادية الخاصة التي تعاملت بمهنية جيدة مع القضايا الاقتصادية، وتميزت برؤية تحليلية واسعة، ولم تكتف بالترويج لأفكار الحكومة في المجال الاقتصادي كما فعلت الصحافة الرسمية. أما خلال الأزمة فقد تراجعت الصحافة الاقتصادية الخاصة، ولم يصمد إلا قليلها, بينما تميز الإعلام الرسمي المطبوع بالجرأة خاصة في تعامله مع المشاكل الاقتصادية الناجمة عن الأزمة.
6 – سجلت الصحافة الثقافية ( سواءً في الصفحات الثقافية أو الملاحق أو المطبوعات الثقافية ) نجاحاً في فترات معينة سابقة. لكنها في السنوات الأخيرة أصبحت تفتقر إلى الهوية الفنية الواضحة، وابتعدت عن دور الثقافة الرفيع في الحياة العامة. واستسلمت للانبهار بأفكار وأسماء تناقض روح الثقافة العربية القومية الحضارية. وقد بحث المجلس عدة مرات حال الصفحات الأخيرة التي تعرض صور ممثلين غربيين وأخبار حياتهم الشخصية وسط مآسي الشعب السوري. ويسجل المجلس هنا أن الصحافة الثقافية تراجعت خلال الأزمة وكأن ما يجري لا يعنيها.
إن المجلس الوطني للإعلام يرى ضرورة أن يكون الإعلام المطبوع معّبراً عن أراء المجتمع السوري بشرائحه وفئاته وتنوعاته كافة، وأن يصبح جزءاً من منظومة إعلامية وطنية فاعلة، يأخذ فيها الإعلام دوره الوطني. ويواجه التحديات التي تفترض أن يثبت في المنافسة مع الوسائل الإعلامية الأخرى، ويرتقي إلى مستويات مهنية جديدة.

واقع الإعلام المسموع والمرئي
الإعلام المسموع

مازالت الإذاعة تحتل مساحة هامة من فضاء التواصل الإعلامي. رغم التطور الكبير الذي طرأ على الوسائل الإعلامية المنافسة.
وتتميز الإذاعة بأنها الأسهل تواصلاً مع عامة الشعب، يسمعها الجميع كل في مكان عمله وخلال تنقلاته, حيث يمكنهم متابعة الإذاعة حتى أثناء انهماكم في عملهم. وهذا ما يعطي الإعلام المسموع الإذاعي سمة مميزة، تزيد من أهمية هذا النوع الإعلامي, على الرغم من تراجع أهميتها نسبيا أمام طغيان الإعلام المرئي على ما سواه محليا وأقليميا وعالميا .

إن طبيعة الإعلام المسموع هذه، تجعله حاضرا في كل الظروف وفي كل مكان، حتى في حال انقطاع الكهرباء، تجعلنا في سورية أكثر حاجة لهذا النوع الإعلامي، خاصة أمام معاناة أنواع الإعلام الأخرى من مشاكل كثيرة تمنع وصولها إلى الجمهور مثل البث الفضائي أو الصحف التي لا تصل إلى جميع المحافظات.
وقد شهد الإعلام الإذاعي (المسموع) السوري تطوراً ملحوظاً في السنوات العشر الأخيرة، من حيث عدد الإذاعات وتنوعها، ومن حيث طبيعة الأداء الإذاعي وفنون الإعداد والتقديم والإخراج وسواها.

بقي الإعلام الإذاعي في سورية على وضعه لسنوات طويلة، فاستمرت (إذاعة دمشق) منذ تأسيسها في العام (1947) إلى سنوات قريبة الصوت الإذاعي الأوحد على الساحة السورية. ولا يمكن التغافل عن الدور الإعلامي والسياسي والثقافي والفني الذي استطاعت الوصول إليه هذه الإذاعة الوطنية , ليس على مستوى سورية فحسب بل على مستوى الوطن العربي. لكن هذه الريادة راوحت مكانها في التسعينات ولم تراجع الإذاعة أساليبها الفنية والمهنية واستكانت أمام اجتياح التلفزيون للساحة.

خرق هذه المراوحة اهتمام إذاعة صوت الشعب (التي أطلقت في عام 1978) للشؤون المحلية الداخلية وتركيزها على مناقشة القضايا الشعبية الخدمية بما فيها المسائل المعاشية للمواطن عبر فتح التواصل بينه وبين المسؤولين. ونجحت هذه البرامج في شد انتباه المستمع السوري، وتميز بعض هذه البرامج بالجرأة والشجاعة في تبني قضايا الناس ومتابعتها مع المسؤولين.

كذلك فإن إذاعة صوت الشبابFM التي أطلقت عام 2001 استطاعت أن تحقق نجاحاً جيداً على مساحة سورية بسبب تخليها عن التجهم والرسمية في خطابها الإعلامي وبسبب برامجها الشبابية الخفيفة ولكن هذه الإذاعة لم تستطع استثمار خطابها المقبول من المستمع في تقديم مواد ثقافية أو سياسية لأن الفكرة السائدة في إعلامنا أن الثقافة والسياسة جافة وعسيرة. لذلك تم الاكتفاء بالبرامج الخفيفة التي تأثرت تأثرا نسبيا بطرق عمل إذاعات شقيقة سبقتنا في هذا المجال، وظلت الثقافة استثناء في صوت الشباب. أما السياسة فقد غابت تماماً.
استمر هذا المشهد بحكم القانون حتى عام 2002 بصدور المرسوم التشريعي رقم 10 الذي أتاح تأسيس إذاعات خاصة على موجات اف ام، تعمل على بث البرامج الفنية والأغاني والإعلانات. وبدأ العمل الحقيقي للإذاعات الخاصة مع انطلاق أول إذاعة عام 2005، تتالت بعدها الإذاعات المرخصة من وزارة الإعلام لتصل إلى 17 إذاعة، انطلق عمل آخرها بداية عام 2013. تغطي هذه الإذاعات ببثها معظم محافظات القطر، وإن كانت غالبيتها متمركزة في العاصمة دمشق، باستثناء إذاعتين واحدة مقرها في حلب، وأخرى في حمص (مرفق مع التقرير لمحة تفصيلية عن أسماء الإذاعات وتردداتها والمناطق التي يغطيها بث كل إذاعة).
وإذا كانت إذاعة صوت الشباب تأثرت بالإذاعات الشقيقة تأثراً نسبياً فإن الإذاعات الخاصة بالغت في اعتماد الأسلوبية الإذاعية الخفيفة في إعداد البرامج المنوعة وتقديمها وإخراجها, واحتلالها كل فترات الارسال لهذه الإذاعات . وهكذا فقد اقتصرت برامجها على الإعلانات والتسلية والفنون الخفيفة والموسيقى الراقصة والأغاني الرائجة مع حصص لفيروز وماجدة الرومي وأم كلثوم. وحسب مقتضيات ترخيصها ابتعدت الإذاعات الخاصة عن القضايا العامة والأحداث السياسة.

ورغم ذلك استطاعت بعض الإذاعات الخاصة أن تخلق تميزاً خاصاً في برامج المنوعات الشبابية، وشابت بعضها لمسات ثقافية، كما دخل بعض هذه الإذاعات ميادين الإنتاج الموسيقي مع ما يقتضيه ذلك من تقنيات حديثة متطورة، وكان للتنافس في إطار البرامج المنوعة تاثير واضح في تطوير بعض الإذاعات.

استمر عمل الإذاعات الخاصة وفق قانون ترخيصها بعيداً عن السياسة حتى العام 2011 حيث بدأت الأحداث في سورية، الأمر الذي جعل هذه الإذاعات تستأذن في التوجه إلى التعاطي السياسي وإلى تقديم تغطيات إخبارية على حساب برامجها المنوعة. وبذلك انتقل كادر الإذاعات الخاصة من الاستغراق في البرامج الخفيفة إلى التصدي للقضايا الوطنية والأخبار والحوارات السياسية. فجاء هذا الإعلام السياسي مرتجلاً وغير مهني وغير دقيق في المعلومات التي يقدمها. ولكنه محمول على حماس وطني. وبسبب عدم الخبرة المهنية، فقد راح الكادر العامل في هذه الإذاعات يقلد الحوارات السياسية الشهيرة في المحطات العربية، وهذا ما نتج عنه حوارات فيها بعض الجرأة. وبعض الخروج عن الممنوعات السياسية.، فانجذب الرأي العام لبعض هذه الإذاعات.
وبسبب تغير طبيعة بعض الإذاعات الخاصة من المنوعة الخفيفة الشبابية والتي تجلب الإعلانات، إلى البرامج السياسية التي لا تجلب أي إعلانات، إضافة إلى الحالة الاقتصادية الصعبة، فقد تراجعت موارد هذه الإذاعات، ويهدد بعضها التوقف. ولم تتفهم الجهات الحكومية ظروف هذه الإذاعات وأهمية استمرارها، لذلك لم تساعدها في موضوع الرسوم المترتبة والمتراكمة عليها. وكان المجلس الوطني للإعلام اقترح على رئاسة مجلس الوزراء، معالجة أوضاع الإذاعات الخاصة وتأجيل وتقسيط ديونها لصالح بعض الجهات الحكومية. ولم يلق هذا المقترح الاستجابة وهناك إذاعات أغلقت، وأخرى تنتظر، وبعض الجهات الحكومية لا تبدل تبديلا. ويرى المجلس أن ذلك ضد المصلحة الوطنية لأن سورية بحاجة لكل صوت إعلامي وطني.

في العام 2012 أُطلقت إذاعة سريانا الإخبارية. ومازالت حديثة العهد ولم يتضح من هويتها الإعلامية إلا حماسة وطنية لم يرافقها أي تطوير مهني في صياغة الأخبار والزوايا.

رغم كل ذلك يؤكد المجلس أهمية وجود إذاعة إخبارية ينتشر بثها في جميع أرجاء سورية، ويشدد المجلس أن تأثير الإذاعة الإخبارية اليوم يتأتى من مهنيتها المتطورة والعصرية. و

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.