تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

حدث في إحدى الصحف المحلية

.... محرر أخبار مهمته الوحيدة تنحصر في شطب كلمة اليوم من أخبار وكالة سانا.. ويضع بدلاً منها كلمة أمس.
وعندما وصله خبر يقول: «ذكرت صحيفة اليوم الجزائرية أن.... »
مارس هذا الموظف عمله بكل مهنية... وأصبح الخبر:
«ذكرت صحيفة أمس الجزائرية... »
-----------------------------------------------------
وفي يوم من الأيام... كتب أحد المحررين في جريدة رسمية.. مقالاً عن كتاب لماركيز.
واستعار عنوان مقاله من أحد فصول الكتاب:
«ماركيز... اقتباس غير مسلح».
فرأى رئيس التحرير أن العنوان غير مواتي في هذه الظروف الدقيقة.
سيما في ظل الدعوات المشبوهة لوقف عمليات المقاومة في الأراضي المحتلة.
فاختار عنواناً أكثر ملائمة: «ماركيز... كفاح مسلح حتى النصر»..!
---------------------------------------------------
أحد رؤساء التحرير.. عاقب صحفياً بسبب عنوان ناقص:
(أليس في بلاد العجائب)..
وسأله: لماذا لا تكمل سؤالك... أليسَ في بلاد العجائب... ماذا؟
وعندما شرح له الصحفي أنه ليس سؤالاً... وأنه عنوان كتاب شهير لـ (لويس كارول) تحول إلى مسلسل أطفال.
هز المسؤول رأسه بابتسامة صفراوية: (أعرف.. أعرف... هل تريد أن تعلمني).
هذه مجرّد ذريعة لإلغاء مادتك عن هذا الكاتب الأجنبي المشبوه...!.
---------------------------------------------
وكتب أحد المحررين مقالاً عن المصلح البروتستانتي في القرن الخامس عشر مارتن لوثر.
فاعتقد سكرتير التحرير أن المعني هو مارتن لوثر كينغ... فاجتهد وأضاف إلى الإسم: (كينغ).!
وعندما وصل المقال إلى رئيس التحرير... اعتقد بـ (ذكائه المعهود) أن الاسم صيني.. ولم يعجبه إيقاعه الموسيقي فأضاف: (كونغ).
لتصدر الجريدة في اليوم التالي بمقال عن مصلح... قاد ثورة ضد (روما) وأسس مذهبا جديدا في المسيحية..!
ويحمل أغرب اسم في العالم: (مارتن لوثر كينغ كونغ).!.
----------------------------------------------------
رئيس تحرير تسلم مقالاً عن مسرح الأطفال... ولم يكن أقل نباهة من غيره.
وقرأ بقلق بالغ هذه العبارة: «الأطفال يمتلكون الجرأة ليقولوا للمسرحيين المستهترين: إن الملك عار»
فاستدعى كاتب المقال على عجل وعنفه بقسوة... لأن عبارته هذه تسيء لعلاقاتنا الأخوية مع الأنظمة الملكية الشقيقة...!!
-----------------------------------------------
أما رئيس التحرير الأكثر ثقافة...
ذاك الذي جمع محرريه وحذرهم من التعرض بالنقد السلبي للواقعية الاشتراكية... لأننا بلد ما زال ينتهج الاشتراكية.
وعندما قال أحد المحررين بأن الواقعية الاشتراكية مذهب أدبي ولا علاقة لها باشتراكيتنا.
ردّ رئيس التحرير بابتسامة صفراء: الاشتراكية اشتراكية سواء في السياسة أو الاقتصاد أو الأدب.
--------------------------------------------
يقول الصحفي سلمان عز الدين... ابن الجيل الأول من قسم الصحافة (كلية الإعلام حالياً):
كنا طلابا في قسم الصحافة... نتدرب على صياغة الأخبار في صحيفة تشرين.
المحرر المدرب الواقف فوق رؤوسنا كان موسوساً.. ومتطلباته عصية على الفهم... وبابتسامة بلا أسنان كان يستفزنا بنصائح مثل:
- اشطبوا كل ما يشير إلى انشقاق في الحزب الشيوعي.
- تجاهلوا اسقاط تماثيل لينين.. هذا يسيء إلى صداقتنا مع السوفييت.
ولكن الأخبار هذه واردة من وكالة أنباء روسية..؟
هكذا سألناه ببراءة ساذجة...
- وليكن. هم أحرار... ولكن واجبنا أن نكون حذرين..
-------------------------------------------------------
يقول الصحفي سلمان عز الدين... لم تعد مهمة رؤساء التحرير.. حراسة الشعارات والقضايا الكبرى فقط.
أصبحوا حراساً للأخلاق والآداب العامة.
فاحدى الصحف وقبيل الطبع بدقائق... انتزعت مادة صحفية من صفحة المجتمع لإحدى الصحف بسبب جملة تقول: (يجب أن نربي أبناءنا تربية جنسية سليمة)
وكتب الرقيب ملاحظة على الهامش: مادة إباحية تخدش الحياء العام.
------------------------------------------------------
ويضيف عز الدين... وهو من أشهر الكتاب الساخرين في سورية:
بعيداً عن الثالوث المحرم... يتخلى مسؤولو التحرير عن تشنجهم.
تراهم وكأنهم كهنة بوذيون... يعيشون تصالحاً لا نهائيا مع أنفسهم.
لا يعنيهم أبدا أن يتزحزحوا من خلف مكاتبهم كي يقطعوا خلواتهم المقدسة.
يحوم الخبر فوق رؤوسهم فلا يعيرونه اهتماماً.
تنهار الدنيا خارج جرائدهم دون أن يهتز لهم جفن.
هذه الروح المسالمة الوادعة.. جعلت صحيفة تشرين تصدر بخبر عن الشاعر الفرنسي رامبو... مرفق بصورة لسيلفستر ستالون.. الممثل الذي لعب دور رامبو في سلسلة الأفلام الأميركية الشهيرة.
هذه الروح المسالمة الوادعة.. جعلت جريدة الثورة تكرر المادة نفسها للكاتب نفسه مرتين في عدد واحد.
ولكن أكثر الطرائف مرحاً.. أن تستفيق صباحاً... ليقال لك أن محرراً مختصاً بأمراض التفاحيات.. قد صار رئيس تحريرك.
وأن كائناً مجهولاً أصبح مسؤولاً عن الصفحة الثقافية في جريدتك…!

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.