تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

ندوة بعنوان: "الكتب المدرسية والشخصية الوطنية":

               أقيمت صباح اليوم الثلاثاء 11/11/2014 في مبنى دار البعث بدمشق، ندوة بعنوان؛ "الكتب المدرسية والشخصية الوطنية"، بدعوة من المجلس الوطني للإعلام شارك فيها عدد من الباحثين والمختصين وإعلاميين، وفريق كبير من وزارة التربية يرأسه الدكتور فرح المطلق معاون وزير التربية.

وتأتي الندوة ضمن نشاطات المجلس الذي يقوم بدراسة كل عناصر صناعة الرأي العام الوطني لأن العملية التعليمية والتربوية تشكل أهم عناصر صناعة الرأي العام كونها تهيئ البيئة الوجدانية والعقلية للجيل ليكون مستعداً لاستقبال الرسائل الإعلامية وتحويلها إلى قناعات تحركه في الاتجاهات الوطنية؛ ولكل ذلك، قام ويقوم المجلس الوطني للإعلام بدراسة الأسس المنهجية التي وضعت على أساسها الكتب المدرسية وطريقة تدريسها في مسعى لاستكمال كل المؤثرات على الرأي العام، وهذا من صلب عمل المجلس حسب التكليف القانوني.

وتحدث في ندوة اليوم كل من السادة د. فرح مطلق، السيد أيمن سواح، والدكتورة ناديا خوست. كما تم تقديم عدد كبير من المداخلات من قبل الحضور الذي طغى عليه العاملون في وزارة التربية.

وأوضح د. خلف الجراد عضو المجلس الوطني للإعلام، والذي أدار الندوة، أن العمل يجمعنا من أجل تحصين الشخصية الوطنية السورية بدءاً من المدرسة وصولاً إلى المجتمع ضد جميع الاختراقات. وأكد أن هذه الندوة هي الأولى ولكنها لن تكون الأخيرة وهي فاتحة تعاون مع وزارة التربية.

ولفت د. الجراد إلى مهمة أساسية للمجلس الوطني للإعلام تتمثل بمتابعة الأداء الإعلامي، ومهمة أخرى تتمثل بمتابعة تكوين الرأي العام، وهذا أساسي في المجتمع. وأشار إلى أن جهات كثيرة تابعت الكتب المدرسية وتأثيرها في تشكيل الرأي العام من خلال شريحة كبيرة من أبناء المجتمع، معتبراً أنّ مهمة المناهج والإعلام تتلاقى وتتقاطع في نواحٍ كثيرة ولاسيما في بناء الشخصية الوطنية.

وأشار د. الجراد إلى عدد من الملاحظات وأن المجلس الوطني للإعلام ووزارة التربية لديهم نفس التوجهات ولكن هناك اختلاف في الوظيفة. وأكد أن ما يهمنا في المجلس هو كيفية انعكاس المناهج على الإنسان. ولفت إلى وجود دراسة شبه جاهزة لدى المجلس عن بعض الكتب المدرسية، سيتم إرسالها إلى وزارة التربية حيث من الممكن مناقشتها بشكل تفصيلي.

وعرض د. المطلق تجربة وعمل وزارة التربية في تطوير المناهج. كما عرض أسس المناهج بعد تبني فلسفة المعايير ووظيفية المعرفة. وبيّن أن بناء المواطنة والشخصية السورية وتحمّل المسؤولية والتفكير العلمي كله موجود في هذه المناهج. وأوضح أن المناهج تبنت مدخل المعايير وهو من أحدث المعايير، وأنه تم اعتماد أربعة مداخل أساسية في تطوير المناهج؛ أي إفادة من مناهج الدول المتقدمة؛ مدخل أساسيات المعرفة؛ المدخل التكاملي؛ والأهم هو مدخل المهارات.

ولفت إلى أنّ المناهج مرنة وهي منتج قابل للتطوير والتغيير وذلك مستمر طالما أنّ الحياة مستمرة. وأكد أن ضرورية التخصص استدعت إعادة النظر بالمناهج، لافتاً إلى أنّ المناهج الحالية تعتمد التفاعلية والتعليم الذاتي. ولفت إلى الآفاق التي كانت وزارة التربية ترنو إليها قبل بدء الأزمة السورية.

وتحدث المحامي أيمن السواح ـ كممثل عن مخرجات التعليم والمناهج على أرض الواقع كما يراها المواطن ـ عن انطباعاته عن التعليم على مدى سنوات طويلة وركّز على العودة للجذور في التعليم، ولاسيما في مجال تعليم اللغة العربية. وأوضح أننا لم نعد ندرّس الأدب الجاهلي ولا الأدب الأندلسي في مدارسنا لنتغنى بأمجادنا، فقد طغى الكم على الكيف.

ووجه نداء للمجلس الوطني للإعلام ووزارة التربية لإعادة دراسة المناهج وتطويرها لأن ذلك يعدّ خطوة مهمة. ولفت إلى ضرورة العودة إلى احترام المعلم وانضباط الطلاب وتعاون الأهل لأن ذلك هو الطريق الأساسي للتربية والتعليم.

ورأت الدكتورة ناديا خوست عضو المجلس الوطني للإعلام، أنّ برامج التعليم تؤسس على المصالح القومية العليا، لأنها تربي الوجدان العام وتنسج الهوية الوطنية والتجانس الفكري. فترسخ الصلة بين الأجيال بتذوق القصائد نفسها، واحترام أعلام الثقافة أنفسهم، ومعرفة الأحداث التاريخية الحضارية بالرؤية نفسها. لذلك تتجاوز صياغتها صلاحيات مجموعة موظفين أو إداريين، إلى خطة وطنية ذات ثوابت كبرى. لا يتغير نهج التعليم إلا في المنعطفات التي تقلب النهج السياسي. لذلك يلاحظ التلاعب بالكتب المدرسية حيث تتسلل الصهيونية، أو يفرض التدخل الغربي الصهيوني تغييرها.

واعتبرت أنّ السؤال الضروري، هو هل الكتب المدرسية شأن من شؤون وزارة التربية أم مسألة وطنية وأمن قومي؟ ألا يستدعي الانتباه البعد الروحي عن الكتب المدرسية، وتصميم الأبنية المدرسية دون عريشة خضراء أو شجرة، بأسوار قاتمة، في الوقت الذي تلون فيه الأبنية في بلاد أخرى ويرسم على جدرانها الصماء! في هذا السياق تستخدم العقوبة الجسدية في المدارس، وتخويف التلاميذ في دروس الديانة من عذاب القبر، المعتمد منذ أكثر من عقد، لنشر الحجاب. 

وأضافت: نستنتج من فحص الكتب المدرسية: 1 – أنها تؤسس ضعف اللغة والنطق بها، والنفور من الثقافة، والعجز عن الكتابة بلغة عربية سليمة. 2 - تؤسس للفراغ الفكري الذي لاحظه الرئيس بشار الأسد. 3 – تقطع الصلة بين الأجيال. فيعرف الجيل السابق من الشعر العربي ما لايعرفه الجيل الذي تربيه الكتب المدرسية اليوم. وأعطت د. خوست مثالاً عن نهج تعليم الأدب العربي واللغة في الكتب المدرسية في المرحلة الثانوية، والمخاطر التي يقود إليها.

وتساءلت د. خوست: هل ضعف الكتب المدرسية مقصود لتلائم العولمة؟ هل سبب حذف الشعر الجاهلي فكر وهابي أم تديّن سطحي؟ هل أسلوب المنوعات "إصلاح" يطبّق نهج اقتصاد السوق، أم وهن ثقافي، أم تسرب صهيوني؟ ما هي الايديولوجيا التي أسست ذلك النهج؟

وأشارت إلى ملاحظات حول النهج توحي بأن الكتب المدرسية نقيض الحاجات الوطنية العليا، ونقيض السياسة الوطنية السورية. وأنها تتجاهل الصراع المفروض على السوريين خاصة. وتلغي دور التربية المدرسية في صياغة الوجدان والتجانس الثقافي الوطني. وتجهل العمل التربوي الصهيوني في كيان العدو وفي العالم. وهذا اختراق خطر في أسس التعليم، سواء قصدت ذلك أم لم تقصده، يناسب الوهابية التي تلغي التاريخ والشعر وتدمر المنحوتات والعمارة، والحاجة الصهيونية إلى أجيال عربية تجهل تاريخها لتشكلها كما تشاء.

وقدّمت د. خوست عدداً من المقترحات، منها؛ إلغاء الكتب المدرسية المتداولة والعودة إلى نهج التعليم القومي؛ تأكيد العمق الحضاري قبل الإسلام، وتعليم نصوص من الحضارة السورية؛ تدريس قواعد اللغة العربية كمادة مستقلة. يلحق بها تطبيق القاعدة على نص أدبي؛ تثبيت النهج الأكاديمي في تدريس عصور الأدب التاريخية؛ اعتماد القصائد التي أسست الوجدان العام والصلة بين الأجيال؛ تأكيد مكانة رجال الاستقلال؛ تربية أجيال وتحصينها في صراع عالمي وإقليمي ليست مسألة إدارية في وزارة التربية، بل مسؤولية وطنية عليا؛ صياغة مشروع وطني تشارك فيه وزارة الثقافة ووزارة الإعلام ووزارة التربية ومؤسسات أخرى لتجسيد التراث الثقافي في أعمال فنية. 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.