تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تشرين تحرّض الحكومة ضد الصحف الألكترونية

شنت صحيفة تشرين الرسمية هجوماً غير مبرر على المواقع الألكترونية وتحديدا الإقتصادية منها وذلك من خلال الطلب من الحكومة وضع حد لفوضويتها !

وقالت تشرين في ملحقها الاقتصادي ( العدد 38 ) بعنوان: ( المواقع الألكترونية إقتصاديا ) جاء فيه أن بعض المواقع الألكترونية ( تسعى بجهد لنيل أكبر حصة ممكنة من سوق الإعلان المحلي مما يعني أن الهدف مادي بحت وبعيد عن كونه يحمل رسالة إعلامية حقيقية ).
 واضافت الصحيفة( اننا بتنا نشهد ظهورا كثيفا للمواقع الألكترونية بمختلف الإختصاصات ومنها الإقتصادية التي بدأت تطفو على السطح بقوة وبمسميات وعناوين جذابة وقوية توحي بأن القائمين عليها من اهل الإختصاص المحلي والعربي والعالمي فيما الحقيقة غير ذلك في كثير من تلك المواقع .. ! ) ..
يمكن الإستنتاج أن تشرين الإقتصادي بدلا أن يجد في هذه المواقع منافسا لتحسين مضمونه فقد فضّل التشكيك بالقائمين عليها علما أن من يتناول الشأن الإقتصادي في المواقع اللألكترونية هم غالبا من الصحفيين الإقتصاديين في الصحف الرسمية وتحديدا من صحفيي تشرين والثورة .. فهل هؤلاء الزملاء برأي تشرين جهابذة في الإقتصاد عندما يكتبون في صحفهم ويصبحون من غير أهل الإختصاص عندما يكتبون في الصحف اللألكترونية ؟
والأهم من ذلك لم تسلط تشرين الضوء على السبب الفعلي لانتشار الصحف اللألكترونية مع انها تعرفه تماما فإذا وضعنا جانبا الكلفة المادية العالية لإصدار مطبوعة ورقية فإن الحكومة لاتمنح رخصا بإصدار مطبوعات وللصحفيين تحديدا ومن حصل على ترخيص سرعان ماأرغمته وزارة الإعلام على إغلاقها إما بإلغاء الترخيص أو بمنع تداول أعداد كبيرة منها في الأسواق !
 
وبما أن تشرين متيقنة أن الوضع في الصحف الألكترونية لم يعد مقبولا فإنها ترى أن ( الأمر يستدعي وقفة متأنية لقراءة أداء تلك المواقع ووضع حد لبعض الممارسات المسيئة التي تصدر عنها وخاصة مايتعلق منها باخبار البلد ومحاولة نقل صورة غير صحيحة عن بعض الوقائع والفعاليات كيف لا والأمر متاح بغياب محددات واضحة للعمل وغياب الأطر الإدارية التي تراقب وتنظم عمل تلك المواقع ) !
ماتقوله تشرين يتطابق تماما مع مايقوله رئيس الحكومة في مناسبات عدة من خلال تصنيفه للصحفيين ووضع البعض منهم في عداد المسيئين للوطن لأنهم ينشرون مقالات تحبط المواطن !
تشرين تذهب أبعد من ذلك وتطالب بوضع حد للمارسات السيئة وكنا نتمنى ان لاتبقى في العموميات فتشير بشفافية إلى أمثلة من الممارسات السيئة أو ترد عليها على الأقل .. وهل تخلو الصحافة الرسمية من الممارسات السيئة ولدينا شواهد كثيرة على هذه الممارسات !
والمهم هنا أن الصحافة اللأكترونية مثل الصحافة الورقية لاتفرض نفسها على أحد وعدد المتصفحين أو الزائرين هو الذي يحدد مستوى انتشارها وهي تكتسب أهميتها من خلال ماتستقطبه من أقلام تماما مثلما هو حال الصحافة الورقية !
واللافت ان تشرين لم تعلمنا كيف يمكن للحكومة من خلال وزارة الإعلام وضع محددات واضحة للعمل ومراقبة وتنظيم وقوننة المواقع الألكترونية كي تضع حدا لفوضويتها ولتكف عن الممارسات السيئة ؟
وإذا افترضنا جدلا ان الحكومة اصدرت قانونا لتنظيم الإعلام الألكتروني فهل هي قادرة على تطبيقه وكيف ؟
والسؤال الأهم : هل قصّرت الحكومة مع الصحافة الألكترونية ؟
المسألة ليست في التنظيم أو القوننة أو الإجراءات الزاجرة وإنما في محدودية القبضة الفولاذية للحكومة على الإعلام الألكتروني فهي لاتعرف عمليا ماذا تفعل أو ستفعل مع هذا الإعلام !
ولو كانت الحكومة تملك سلطة الإغلاق والمنع التي تملكها على الصحافة الورقية والإعلام الفضائي لما وجدنا انتشارا للصحافة الورقية وإلى حد ما الفضائيات !
لقد انهت الحكومة عمليا الصحافة الخاصة باستثناء من يملك الدعم والنفوذ أو يسير بفلكها لأنها تملك قرار الإغلاق وإلغاء الترخيص وهو مالم تستطع ولن تستطيع أن تفعله مع الصحافة الألكترونية إلا إذا قررت إلغاء الإنترنت في سورية .. والسؤال : هل ستفعلها الحكومة مستقبلا وتلغي الإنترنت لتتخلص نهائيا مما سمته تشرين فوضى الصحافة اللأكترونية ؟
الإجراء الوحيد الذي تمارسه الحكومة ضد الصحافة الألكترونية وهو وحيد لأنها لم تجد غيره هو حجبها عن السوريين فقط في حين ستبقى هذه الصحافة متاحة للسوريين ولغيرهم خارج الوطن !
وهذه السياسة لاتشفي غليل الحكومة لأن عملية الحجب هي بحد ذاتها دعاية مجانية للمواقع المحجوبة على مبدأ ( كل ممنوع مرغوب ) كما ان المواقع السورية غير المحجوبة حتى الآن والمواقع العربية ومعها الصحف العربية تعيد نشر الكثير من الأخبار المقالات المنشورة في المواقع المحجوبة !
طبعا يوجد إجراء آخر لم تتخذه الحكومة حتى الآن وهو إرغام المخدمات المتواجدة في سورية التي تستضيف المواقع المغضوب عليها أن تتوقف عن استضافتها وهي لاتفعل ذلك تعففا وإنما لأنها تعرف أن بإمكان اصحابها إطلاقها من بلد آخر سواء من قبلهم مباشرة أو عن طريق آخرين يقيمون في الخارج !
وبالتالي سيحصل ما حصل مع الفضائيات التي كانت تبث من سورية فبعد ماتعرضت له من ضغط ومضايقات نقلت عملية البث والإدارة إلى خارج سورية ووقعت الحكومة هنا في ورطة فهي غير قادرة على معاقبة هذه الفضائيات بحجبها إلا إذا قررت منع الصحون اللاقطة !
وإذا كانت عملية إطلاق الفضائيات مكلفا فإن إطلاق المواقع اللأكترونية قليل التكلفة جدا ولايحتاج سوى إلى كومبيوتر محمول على حد قول تشرين !
وإذا كانت تشرين ترى ان اغلب ماينشر في المواقع الألكترونية ( ملطوش ) من الصحف الرسمية والباقي من وكالات الأنباء دون ذكر المصدر .. فهل كل ماينشر في تشرين هو من مراسليها في الداخل والخارج ..
بل ماحجم المنشور فيها من قبل أقلام محرريها ؟
وبالمحصلة لايمكن وصف حالة الإعلام الألكتروني بالفوضى فهو يشبه حال الإعلام الألكتروني في سائر الدول إذ من الصعب جدا إن لم يكن من المستحيل قوننته ، والحكومة ليست بحاجة إلى من يحرضها ضد الصحافة الألكترونية فهي عندما تجد وسيلة أخرى زاجرة وأشد قسوة وضررا بأصحاب المواقع الألكترونية من إجراء الحجب فلن تنتظر تشرين أو غيرها لتنفيذها فورا وبأقصى سرعة ممكنة وبالشكل الذي يلحق أكبر قدر من الخسائر المادية والمعنوية بأصحاب الصحف الألكترونية !
أخيرا كان الأفضل لإدارة جريدة تشرين أن تغي موقعها اللأكتروني بملاحقها الجديدة ( الكترونيا ) بدلا من إصدارها ورقيا فالأكلتروني أقل كلفة وأكثر انتشارا .. وهو الذي بات يهدد كبريات الصحف العالمية وبخاصة الأميركية باعتراف أصحابها !

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.