تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

عودة العلاقات المصرية السورية.. ضرورة حتمية؟!

مصدر الصورة
الأهرام

بقلم: د. جمال زهران

لم يعد باقيا من إزالة آثار العدوان الإخواني الإرهابي علي الدولة المصرية وشعبها من قرارات سيئة تتسم بالخيانة والعمالة أصدرها محمد مرسي، مندوب جماعة الإخوان الإرهابية في مقر رئاسة الجمهورية تحت لافتة اسمها «رئيس مصر»!!، سوي القرار الأسوأ وهو »قطع العلاقات المصرية مع سوريا

« وما ترتب عليه من قطع العلاقات الدبلوماسية وسحب البعثة الدبلوماسية وتحولت السفارة في كل بلد إلي مجرد قنصلية »لتسهيل أو توقيف« شئون الراغبين في السفر بعد مراجعات أمنية شديدة، ويومها أعلن محمد مرسي بصوته العالي: «لبيك يا سورية».. وسط احتفالية في استاد القاهرة بمناسبة انتصارات 6 أكتوبر حضرها كل الإرهابيين خريجي السجون المصرية والعالمية.

وقد كان الهدف من هذا القرار هو تنفيذ الأجندة الأمريكية لاسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، وتنصيب عملاء أمريكا الجدد وتمكين جماعة الإخوان من الحكم في سوريا مثلما حدث في مصر، لتصبح المنطقة تحت السيطرة الأمريكية.

وتأتي الخطوة التالية لكي يتم تمكين الإخوان في تونس وليبيا واليمن، مع تقزيم حزب الله في لبنان ومحاصرة الوجود الإيراني في تركيا وتهديد السعودية ودول الخليج حتي يظلوا تحت السيطرة الأمريكية المطلقة.

ولذلك جاءت ثورة 30 يونيو، لكي تعصف بهذا المشروع التفكيكي للمنطقة العربية، والشرق أوسطية، ويطرد الإخوان من »الجنة الأمريكية« الموعودة، ويفشل هذا المخطط التخريبي بإرادة مصرية صلبة، لتثبت الأيام أن مصر هي رمانة الميزان في المنطقة، وأنها حائط الصد أمام المشروعات الاستعمارية الجديدة بقيادة أمريكا وإسرائيل، ولذا فإنني أري من الخطأ استمرار العمل بقرار مرسي حتي الآن، باستمرار قطع العلاقات الدبلوماسية وغيرها مع سوريا (الاقليم الشمالي للجمهورية العربية المتحدة)، وصمام الأمن القومي المصري والعربي، ومن ثم فان عودة العلاقات المصرية ـ السورية أمس قبل اليوم، واليوم قبل الغد ضرورة حتمية (وطنية وقومية) لعدد من الأسباب:

1 ـ استعادة الدور القومي والقيادي لمصر في المنطقة: حيث من المستحيل أن تعود مصر لممارسة دورها القيادي بدون تحمل مسئولياتها في القطر السوري. فما تواجهه سوريا خلال السنوات الأربع الماضية كان حربا مع الإرهاب. وقد أثبتت الأحداث والوقائع أنه لم توجد ثورة في سوريا، بل مشروع إرهابي دولي مدعوم من دول اقليمية (السعودية ودول الخليج) وكذا تركيا، لاسقاط نظام بشار الأسد وتدمير الدولة السورية والجيش الوطني، وذلك بحسابات مختلفة لكل طرف، ومن ثم فان تجاهل السياسة المصرية لما يحدث في سوريا يتعارض مع متطلبات المصلحة الوطنية المصرية ومستلزمات الدور القيادي لمصر لمجابهة المشروع التخريبي للمنطقة، الأمر الذي يعجل من ضرورة إعادة العلاقات الدبلوماسية كاملة مع سوريا الدولة والنظام، وأن أي تأخير في هذه الخطوة سيؤثر سلبيا علي الوجود المصري في المشهد، فضلا عن التجاهل الدولي والاقليمي لمصر عند اتمام أية تسويات للأزمة السورية.

2 ـ تحول النظام الدولي من الأحادية القطبية إلي الثنائية المرنة وعودة روسيا لممارسة الدور العالمي مرة أخري وريثة للامبراطورية السوفيتية: حيث إن التحولات الجارية في النظام الدولي عقب الثورات العربية منذ نهاية 2010م وحتي الآن، انتجت شكلا جديدا لهذا النظام وهيكلا للقوة يختلف عما كان سائدا. فالنظام الذي كان سائدا أحادي القطبية تحت السيطرة الأمريكية والتبعية الأوروبية وذراعهما العسكري (حلف الناتو) لكن بخديعة أمريكا لروسيا في ليبيا واستخدام القوة المفرط فيها، وخسارة روسيا في فقدان ليبيا، جعل روسيا أكثر تشددا في دعم سوريا ونظام الأسد بلا حدود، ولنتذكر الفشل الأمريكي الأوروبي في توجيه ضربة عسكرية لسوريا بسبب الوجود الروسي الرسمي في بؤرة الأزمة السورية، وإلا لتمت الضربة العسكرية وسقطت دمشق مثلما سقطت من قبل «بغداد»!! ومن ثم فان الأمر يستلزم تحولا في الموقف المصري يدرك حقيقة ما يحدث، وقد بدأت مصر في التحول شرقا وعدم الاكتفاء بالعلاقات مع أمريكا، وانفتحت علي روسيا (ثلاثة لقاءات بين السيسي وبوتين) في أقل من عام ونصف، وانفتحت علي الصين، ودول آسيا الكبري أيضا، الأمر الذي يجزم بأن هذا التوجه الجديد للسياسة المصرية لابد أن يترجم لسلوك سياسي واضح يبدأ بعودة العلاقات فورا مع سوريا، ليؤخذ الوزن المصري في الاعتبار، وإلا أضحت مصر دولة مترددة أو غير حاسمة وهذا يخرجها من مربع الفعالية الاقليمية، فدخول مصر لدائرة موازين القوة الاقليمية لا يتم إلا عبر البوابة السورية.

3 ـ دعم الشرعية ضد الإرهاب (شعار عالمي وسياسات اقليمية دولية): فالذي يحدث في سوريا مثلما هو حادث في ليبيا وكذلك في مصر، هو حرب ضد الإرهاب تستهدف اسقاط الدولة وتفكيك أوصالها وخلق حالة من الفوضي الشاملة وصلت إلي ما يشبه الحرب الأهلية بقصد تدمير قدرات الدولة، الأمر الذي يستلزم لإعادتها مرة أخري سنوات طويلة. والزعم الشائع بأن هناك دعما للشرعية ضد الإرهاب، وحرب دولية علي الإرهابيين نموذج مواجهة »داعش« الشكلية والخفي دعم هذا الإرهاب ذي الصناعة الأمريكية وذراعها في نشر الفوضي وتوظيف الدين الإسلامي في ضرب أصحابه وبايديهم ليصبح »دينامشوها« يقود إلي إحكام السيطرة الغربية بقيادة أمريكية علي المنطقة في ظل حقبة استعمارية جديدة. ومن ثم يستلزم الأمر مسارعة مصر بعودة العلاقات مع سوريا الدولة والنظام دعما للشرعية بوضوح والمشاركة الجادة، والفعالة في حل الأزمة السورية، تحت شعار اسقاط الإرهاب المدعوم أمريكيا وأوروبيا، والتعاون مع روسيا والصين واستحضارهما في المشهد لدعم الدور القيادي لمصر والحيلولة دون سقوط سوريا.

ـ لاشك أن الأمر جد خطير، وأي تأخير في عودة العلاقات فورا مع سوريا، أري ارهاصات له، يضر بالصالح الوطنية والعروبية، وعلى مصر ألا تخضع لابتزاز أو ضغوط من دول اقليمية تحول دون استعادة دورها الاقليمي ومدخل ذلك سوريا.

ومازال الحوار متصلا.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.