تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

عِطرُ دمشـق الصباحي..!!

مصدر الصورة
محطة أخبار سورية

 

 

كانت الغيوم السوداء تتكاثف في سـماء دمشق..

وكان الصبح يتنفس برائحة المطر القادم

إلى أين ستذهب في هذا الجو الكئيب؟

سألتْ إحداهنّ، وتركتْ السؤال معلقاً دون جواب..

لم أكن أدري،

لكنني وجدت نفسي على مدخل سوق الحميدية..

دمشق؛ صباحُ الخير أيتها الأميرة الغافية..

شعرتُ أنني أوقظها من غفوتها؛

كانت المحلات المنمّقة في الشارع العتيق

قد بدأت للتو بتفتيح أبوبها..

وكان الناس يهرعون إلى أعمالهم..

من الحميدية.. إلى سوق العرائس.. سوق التقاليد الشرقية..

ثم البزورية؛

حيث يمكنك أن تشمّ رائحة دمشق، نكهتها؛

بالهيل والزعفران والسوسن

بالعطورات الشامية الخاصة؛

عطورُ دمشق خاصة بها، صُنعت لأجلها؛

تميّزها كأميرة تبتهج وتتألق كنور الفجر..

في الجامع الأموي؛ زرتُ جزءاً من تاريخ بلادي،

يوحنا المعمدان.. مقام رأس الحسين..

المآذن الثلاثة شاهدة على "التعميد" و"الصلاة"؛

على الحبّ والحرب؛ على الانتصار والأمل

وفسيفساءه شاهد على السلام..

وعندما تخرج من بوابة الجامع الخلفية،

تحتارُ بأي اتجاه تسير،

لكن مقهى النوفرة يسحبك نحو عمق التاريخ..

نحو الشرفات المكللة بالياسمين,

نحو البيوت التي تعجّ برائحة النارنج؛

نحو مقام السيدة رقية وقبر صلاح الدين..

آه يا دمشق، منذ زمن بعيد لم نلتقي..

منذ زمن بعيد لم نتواصل..

لم يضمنا رحيق الياسمين..

أسيرُ تائهاً دون مرام محدد

فأجد نفسي في بداية الشارع المستقيم..

حيث بدأت أصوات الكنائس تعبر إلى أذني من بعيد..

إنه صباح الأحد..

على وقع تلك الأصوات أصبحتُ أسير حماسة..

تراتيل الأجراس تقول أشياء جميلة..

وأنا صوفي الهوى..

تلوح أمامي قامة باب شرقي منتصبة عالية

أتساءل: أي الكنيستين أزور أولاً؟

المريمية أم كنيسة حنانيا..

توقفتُ قليلاً أتأمل، خالجني سؤال مفاجيء؛

لماذا عندنا نجمع بين زيارة الجوامع وزيارة الكنائس؟

كانت هناك امرأة عجوز تحاول السير وهي متعبة؛

يُثقلُ حركتَها بعضُ أحمالها..

هممتُ بالمساعدة.. فابتسمتْ واطمأنت:

شكراً يا بني، قالت بلطف، ثم أضافت: الله يحميك.

وانعطفتْ باتجاه حيّ السريان..

وقررتْ هي بذلك أن أنزل إلى كنيسة حنانيا أولاً؛

في حنانيا، الشعور لا يوصف؛

الكلماتُ تختزل المشهد.. وهو بحاجة للشرح..

 التاريخ يتقزّم عندما يتم اختصاره.. ودمشق التاريخ كلّه..!!

وهناك عند باب شرقي:

يشعر المرء أنه أمام منعطف حاسم؛

هل يتابع خارج الأسوار القديمة،

أم يعود ليضيع في الشوارع القديمة..

كانت السماء قد سكبت بعض أمطارها..

وعادت الغيوم البيض لتفترشَ المساحات الزرقاء..

أجل:

عندما يكثر الهمّ والحزن والتعب والقلق:

امشِ في شوارع دمشق وارم بكلّ الأحمال المؤلمة..

عِطرُ دمشق الصباحي منشّط للروح والحب..

وسـرّ السعادة.. والابتسامة!!

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.