نبيه البرجي
من هو حصان طروادة الاسرائيلي في لبنان ؟
الذي يبشّر بغزو آخر أشد هولاً , وأكثر "رؤيوية" وفعالية, من غزو عام 1982 . يكاد يقول " مثلما شوهد آرييل شارون آنذاك في القصر الجمهوري , سيشاهد , غداً , أفيغدور ليبرمان" .
الكلام يتردد في أوساط قطب سياسي , بالكثير من التفاؤل , وبالرهان على تبدلات مثيرة في المشهد اللبناني , مع انعكاس ذلك على المشهد السوري , والمشهد الاقليمي بوجه عام .
الأوضاع في المنطقة ملائمة كلياً , كما أن الهلهلة الداخلية التي يلقي القطب بمسؤولية حصولها على ما يدعوها "دولة حزب الله" (وتصوروا ...) , تعزز الاتجاه نحو احداث تغيير في بنية السلطة . هذا ما تسانده بقوة دول عربية لطالما ضاقت ذرعاً بما تعتبرها سيطرة الحزب على لبنان , ولمصلحة ايران .
ما يتردد وراء الضؤ خطير جداً . القطب المذكور أكد لمسؤولين كبار في دولة عربية أن بالامكان تسليح , وحتى تدريب , نحو خمسين ألف رجل من كل الطوائف , وربما أكثر بكثير , ليس فقط لاحداث معادلة التوازن مع "حزب الله" , وانما لتكون تلك القوة على جاهزية تامة في حال حصول أي عملية عسكرية ضد الحزب .
في نظره أن الايرانييين يحترفون الضجيج . مثلما وقفوا مكتوفي الأيدي في حرب تموز 2006 , لا بد أن يبقوا مكتوفي الأيدي في اي حرب أخرى , خصوصاً في ظل الاحتمالات التي تحدق بهم من كل حدب وصوب .
على هذا الأساس , ستبقى الصواريخ الايرانية حيث هي . لن يطلق أي منها , لا على اسرائيل , ولا على اي دولة عربية أو غير عربية لتفجير المنطقة , كما يلمّحون , ويلوّحون , عادة , في طهران .
اذاً , يفترض اعداد الورود لنثرها على قوافل الميركافا , وهي تختال في مدننا . لا تنسوا الزغاريد . بعض مغنيات الزمن الرديء لن يترددن في التغني بالمفاتن الاستراتيجية لبنيامين نتنياهو .
القائلون هذا القول , بالأدمغة العرجاء , لا يأخذون بالاعتبار أن أي حرب , سواء كانت داخلية ام خارجية , تعني زوال لبنان . هذا ما ترمي اليه المؤسسة اليهودية التي تزعجها كثيراً "الحالة اللبنانية" , أو "الظاهرة اللبنانية" , بالرغم من كل آفاتها .
لا مكان للبنان في العقل التوراتي . تكفي العودة الى مراسلات دافيد بن غوريون وموشيه شاريت , والى أقوال آرييل شارون , وأفرام سنيه , ورافاييل ايتان (مثلما العربي الميت هو العربي الجيد , اللبناني الميت هو اللبناني الجيد) , ناهيك عن غولدا مئير , وفي واشنط دنيس روس , واليوت أبرامز , وجون بولتون .
ماذا يقال على الضفة الأخرى ؟ ثمة قناعة بأن الكلام الغوغائي الذي صدر عن أفيخاي أدرعي , انما جاء كردة فعل عصبية , وساذجة , في آن , على تسليم سوريا المنظومة االمتطورة من صواريخ "اس.اس ـ 300 ".
منطقي ان يفقد الاسرائيليون عقولهم . باستطاعة تلك الصواريخ شل الطائرات الاسرائيلية , وهي بمثابة "الملائكة المدمرة" التي أتى ذكرها في الميتولوجيا اليهودية .
أي اسبارطة تلك اذا لم يعد بامكان القاذفات أن تضرب أينما تشاء , وساعة تشاء ؟ الطائرات هي التي شقت الطريق أمام الجنرالات ان في حرب 1956 , أو في حرب 1967 , أو في حرب 1973 , أو في حرب 1982 .
ما حدث في وادي الحجير عام 2006 , وقد حالت التحصينات , والأنفاق , دون القاذفات وتغيير مسار المعارك على الأرض , حمل أحد المقاتلين على القول ساخراً "أعطوا المناديل للميركافا لكي تكفكف دموعها" .
الاسرائيليون أخذوا علماً , ومعلوماتنا تؤكد أن الرسالة وصلت اليهم , بأن أي صاروخ يطلق على لبنان , لن يردّعليه بألف صاروخ فحسب , بل بالحرب الشاملة .
في تل ابيب يعلمون أي نوع من الصواريخ يمتلكها "حزب الله" , وما هي امكاناتها التفجيرية , والى أي أمكنة يمكن أن تصل , وبمنتهى الدقة . لا حرب . التهويل ليس لترويع اللبنانيين وانما للحد من الذعر الذي في صفوف الاسرائيليين.
قيل "هددونا باعادتنا الى العصر الحجري , ونحن نهدد من يبقون على قيد الحياة بالعودة من حيث أتوا " , قبل أن يصفوا ما ذكره أفيخاي أدرعي حول مصنع الصواريخ في الأوزاعي بأنه"كلام مهابيل" .
أفيغدور ليبرمان يعلم أن مصانع الصواريخ في أمكنة لا تؤثر فيها حتى "أم القنابل" الأميركية (جي بي يو ـ43 / بي) التي وعد دونالد ترامب بتزويد اسرائيل بعدد منها .
صواريخنا هي التي تليق بها الورود , والزغاريد , لأنها لكل لبنان , لكل اللبنانيين ...