تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هل تصبح الكويت أولى دول الخليج المتحولة من المعسكر الأمريكي إلى الصيني؟

مصدر الصورة
روسيا اليوم

المحلل السياسي ألكسندر نازاروف

بعد ما نقلته وكالة بلومبيرغ من أن دولة الكويت ستتوقف عن تصدير النفط إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وستتحول إلى الأسواق الآسيوية، فهل ستنضم إليها المملكة العربية السعودية قريبا؟

تعتمد ثروات دول الخليج على عاملين يرتبطان ببعضهما البعض ارتباطا وثيقا، وهما القدرة على تصدير النفط، والحفاظ على الأمن. وبينما يعد النفط المنتج الاستراتيجي الأكثر أهمية في العالم، فإن البائع والمشتري عادة ما يؤسسان تحالفا سياسيا وعسكريا، يكتسب أهميته بشكل خاص في أوقات الحروب، بما في ذلك الحروب الاقتصادية، مثل تلك التي يشنها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ضد العالم كله، وخاصة الصين.

ذكرت في مقالة سابقة أن المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج قد تصبح أرضا للصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وإذا ما تبع تحول تصدير نفط تلك الدول إلى الأسواق الآسيوية، انتقالها من التعامل بالدولار الأمريكي إلى اليوان الصيني، فإن ذلك وحده كفيل بتدمير إمبراطورية الدولار وثروة وقوة الولايات المتحدة الأمريكية.

وكما تنبأت سلفا، فإن الإنذار الأخير لترامب لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" بخفض أسعار النفط، وضغطه على المملكة العربية السعودية إنما يؤكدان أن المملكة وبقية شبه الجزيرة العربية سوف تتحول من حلفاء ومصدري النفط لأمريكا إلى منافسين ومصدري النفط للصين – ألد أعداء الولايات المتحدة. وبما أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد بحاجة في استهلاكها المحلي لنفط الخليج، فإن ما يقلقها الآن هو وصول هذا النفط إلى أيدي الصينيين، من هنا تأتي المطالبات الأمريكية لدول الخليج بدفع تكاليف الأمن، وسائر المطالب والضغوط الأخرى.

على أية حال، فالأزمة المتصاعدة بين الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية تحمل في طياتها جذورا اقتصادية عميقة، والحلف الأمريكي الخليجي "النفط مقابل الأمن" لم يعد كما كان في السابق، بل وأصبحت الولايات المتحدة نفسها أحد أكبر منتجي النفط، أما المستهلك المستقبلي الأساسي لنفط الخليج فهو آسيا، وتحديدا الصين، ولابد لذلك الواقع الاقتصادي من واقع سياسي يتبعه ويتماشى مع معطياته.

وليست الكويت سوى أولى أوراق الربيع، وكلما ازداد الضغط من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، وتغيّر الواقع الاقتصادي، كلما حوّلت الرياض وسائر دول الخليج وجهتها شطر الشرق أكثر، ليصبح الخليج بعد فترة من الوقت حتما حليفا للصين. وفي ظل الصراع الصيني الأمريكي، فإن ذلك يهدد بزلزال سياسي هائل في المنطقة وفي العالم أجمع، لكنه مصير حتمي لا فكاك منه، فالسياسة ليست سوى تجسيد مكثف للاقتصاد، والعالم يمر بمرحلة تغييرات هائلة، وما يجب أن يحدث لأسباب موضوعية، لابد وأن يحدث حتما. يقول المثل إن "التاريخ يقود من يوافقه، أما من لا يوافقه فيجرّه جرّا".

ملحوظة: بعد كتابة المقالة ظهرت أخبار في وسائل الإعلام تشير إلى أن الولايات المتحدة سوف توقف جميع شحنات النفط إلى الصين بشكل كامل، وهي أخبار لا تؤيد وجهة نظري فحسب، وإنما تؤكد على أن الصراع الأكثر خطورة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين قد أصبح وشيكا.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.