نبيه البرجي
عند اليهود صرخة راحيل . عند اليمنيين صرخة بلقيس ؟
ثانية , عارنا في اليمن ...
حين ترى القاذفات الجبارة , لكأنها آلهة النار في الميتولوجيات القديمة , وهي تطحن المنازل , وتطحن الأشجار , وتطحن الناس , لا بد أن تسأل : هل نحن (كعرب) بشر فعلاً ؟ ما دون البشر .
لماذا الاصرار على تحويل "اليمن السعيد" إلى جهنم ؟ كنا قد استعدنا عبارة الكاتب اليمني حسين الوادعي "أنا دميتك الصغيرة ياألله , ساعدني ولا تكسرني" . في كلام آخر " إذا كان الله يرى ما يحدث على الأرض ... ماذا ينتظر؟
الذين يشترون السلاح إنما يشترونه لقتل العرب . الذين يبيعون السلاح إنما يبيعونه لقتل العرب . لا شيء في هذا العالم سوى أن العرب يقتلون العرب . بدأنا بقايين وهابيل , وننتهي بقايين وهابيل . أكثر من مرة قلنا ... إنها رقصة التانغو مع العدم .
يقول لي وزير يمني سابق "أين هم الايرانيون هنا ؟ تمنيت لو أرى ايرانياً قتيلاً لأرقص برأسه أمام الملأ . لن تعثر , من عدن إلى صعدة , ومن الحديدة إلى صنعاء , سوى على أشلاء أهل اليمن , عذابات أهل اليمن" .
سأل "هل تتصور أن يرف جفن للايرانيين , وللأحباش , وللأتراك , وللاسرائيليين , إذا ما زال العرب من الوجود ؟
قطعاً لا . أنت كتبت أن محمد رضا بهلوي قال لأحمد بهاء الدين , من هنا , أي من قصر الشاهنشاه , إلى مصر , لا بشر . كان هذا أيام زمان . الآن , من المحيط إلى الخليج , لا بشر" .
اذاً , أي توصيف يمكن أن يقال في العرب ؟ كل عشر دقائق يموت طفل يمني . لا أحد يكترث ببكاء الثكالى اللواتي يقمن في العراء . القاذفات تزمجر .
كم تحلم , وأنت العربي العتيق والساذج (والأهبل) , لو أن إحدى القاذفات ضلت طريقها وتوجهت إلى اسرائيل . الطائرة إن ضلت سبيلها لا لتلقي باقات البنفسج على مفاعل ديمونا بل لتلقي واحدة من تلك القنابل التي تجاوز ثمنها حتى الآن , حتى الآن فقط , الـ 11 مليار دولار .
لا تنسوا أن اسبانيا عادت ورضخت لجاذبية المال , ووافقت عى بيع المملكة 400 قنبلة مزودة بأشعة اللايزر . ذاك اليمني التائه داخل هيكله العظمي , هل يحتاج , لكي يموت , إلى أشعة اللايزر ؟
من هم الحوثيون , وما هو عددهم , لكي يصمدوا على مدى أربع سنوات أمام تلك الأرمادا ؟ الخبراء في معهد ستوكهولم يتحدثون عن "سوبر هيروشيما" في أرض العرب .
الى أين يريد أن يصل السعوديون ؟ لا وجود للايرانيين في اليمن . لماذا لا يبعثون بالطائرات الجبارة إياها إلى ايران لقصف طهران بدل صنعاء , وللقيام بعمليات إنزال على شاطئ بندرخميني بدل شاطئ الحديدة ؟
إذا كان آيات الله هم من يهددون الخارطة العربية , ويغزون الدول العربية الواحدة تلو الأخرى , وإذا كانت الإمكانيات العسكرية العربية , بالنجوم المكدسة فوق الأكتاف , تفوق بأضعاف أضعاف الإمكانات العسكرية الايرانية , ليقولوا لنا لماذا لا يشنون "عاصفة الحزم" على ايران في عقر دارها بدل تحويل بلادنا إلى مقابر ؟
عبدربه منصور هادي أقل من أن يكون دمية . اليمن ينهار . الريال يتهاوى . خادم الحرمين الشريفين أمدّ البنك المركزي اليمني بماءتي مليون دولار , أي ما يوازي 8 دولارات على الأكثر لكل يمني . معاهد البحث الغربية تشير إلى أن كلفة الحرب اليمنية تعدّت الستين مليار دولار .
هذا يعني أن الأشقاء العرب (ما زلنا في معادلة قايين وهابيل) ينفقون نحو 2500 دولار لكي يقتلوا يمنياً واحداً . لنتصور أن ذلك الرقم الخيالي أنفق على إعمار اليمن , وتطوير اليمن , وتحديث اليمن .
إذ نرفض أي وجود ايراني في اليمن , كما في أي بلد عربي, إذا كانت غايته الاختراق الجيوبوليتيكي للمنطقة , فإن ما يظهر على الأرض من خلال تشكيل فرق للمرتزقة (الميليشيات) , وإقامة القواعد البحرية , وشراء القبائل في المناطق ذات الحساسية الجيوستراتيجية , لا يترك مجالاً للشك في أن الغاية ليست إعادة الشرعية (أي شرعية؟) وإنما وضع اليد على اليمن .
التظاهرات في عدن , وفي تعز , إضافة إلى مدن أخرى رفضاً للسيناريوات التي وضعت أو توضع الآن , لا بد أن تتفاعل أكثر فأكثر . لا تسوية في الأفق القريب والبعيد . ماذا فعل العرب باليمن السعيد ؟
الحطام السعيد . بعد ثنائية القات والخنجر ثنائية الجوع والكوليرا ...