نبيه البرجي
اذا كنت تمتلك كل تلك الامكانات , كل تلك البدائل , الهائلة , لماذا لا تزلزل الدنيا في الحال , لتغدو الند للند لدونالد ترامب ؟
الكل سيصفقون لك , في بيروت , في دمشق , في صنعاء , في نواكشوط , بل قد يصفق لك ... الله .
نعلم , الجميع يعلم , أميركا تعلم , أن تركي الدخيل لا يمكن أن يتجرأ على كتابة ما كتب في موقع "العربية نت" , لو لم تكن هذه كلماتك . على الأقل هذه رغبتك , بعدما شعرت بسكين الرئيس الأميركي تنغرز في وجهك .
كيف لك , وبيدك كل تلك الأسلحة , أن تنتظر "أشد العقوبات" التي لوّح بها صديقك المهرج , كما لو أن الاهانات التي وجهها اليك , على رؤوس الأشهاد , لا تتعدى في مفاعيلها السياسية , والسيكولوجية , والشخصية , والشعبية كل العقوبات المادية التي لا يمكن أن تقاس بالعقوبات المعنوية .
ها أن الرئيس سعد الحريري , بجيوشه الجرارة , وقد ذاق منك ما ذاق , يتخطى كل جراحه (المادية والمعنوية) , ويعلن مؤازرته لك . أجل , ماذا تنتظر ؟
قطعاً , لن نتقبل آراء أولئك الذين يقولون أن محمد بن سلمان كتب نهايته , وربما نهاية النظام , بأصابع تركي الدخيل . لن نتقبل أيضاً ما يقال , وما قاله دونالد ترامب , من أن العرش الذي ما زلت تتردد في اعتلائه (لأسباب معلومة ومجهولة) , لن يتمكن من البقاء لأكثر من أسبوع , أو أسبوعين , اذا ما رفعت المظلة الأميركية ولو قيد انملة .
اذا كنت تمتلك كل تلك الامكانات , كل تلك البدائل , أنت , أجل أنت , الذي تستطيع أن تحاصر البيت الأبيض , وتطرد منه دونالد ترامب , بالمكنسة على أنه القميء والقمامة .
الدخيل هدد بوقف تصدير النفط الى أميركا . هي التي لا تتحمل البرميل بثمانين دولاراً , كيف لها أن تتحمل حين يصل الى مائتي دولار , وربما أكثر . حينذاك تتوقف المصانع , ويستخدم دونالد ترامب الدراجات الهوائية , أو الحمير , في تنقلاته .
دائماً نقلاً عن تركي الدخيل . السعودية هي زعيمة العالم الاسلامي التي تستضيف الحرمين الشريفين . اذا ما أدارت المملكة ظهرها , أو اذا ما واجهت الولايات المتحدة , لا بد للدول الاسلامية أن تحذو حذوها .
لن نقول ان غالبية البلدان الاسلامية بائسة , بأنظمة بالية , وتتسول , زحفاً على البطون , حيناً من أميركا وحيناً من السعودية . تقرير للبنك الدولي وصفها بـ"دول العكازات الخشبية" .
المملكة , كما قال الدخيل , تشتري عشرة في المئة , من المنتجات العسكرية الأميركية , 85 في المئة تذهب الى البنتاغون , وخمسة في المئة لسائر دول العالم . تهديد بالتحول الى الصين وروسيا لابتياع الأسلحة .
هل كان الدخيل يتحدى البيت الأبيض أم يستثير شفقته ؟ لن نعلّق . زميلنا كتب عن اغلاق السوق السعودية امام الصادرات الأميركية . السوق مترامية , والمملكة هي , اقتصادياً , على لائحة الدول العشرين الكبرى .
لوًح أيضاً بتصفية استثمارات الرياض في الحكومة الأميركية (سندات الخزينة) , والبالغة 800 مليار دولار . هل يمكن للسعودية تسييل هذه المبالغ , دون أن تحجر عليها وزارة الخزانة الأميركية , على الأقل باللجوء الى قانون "جاستا" الذي يجيز مقاضاة المملكة في أحداث 11 أيلول , وهو السيف المسلط على عنق المملكة ؟
كيف لنا أن نتصور تحول السعودية من الدولار الى اليوان الصيني ؟ هذا ما هدد به , دون أن يقرأ قول خبراء في وول ستريت أن باستطاعة واشنطن أن تمحو المملكة من الخارطة المالية الدولية وأن تنشر الفضائح التي سيكون لها وقع الزلزال .
التهديد بالاقتراب من ايران . هذا يستدعي السؤال : لو جلس صاحب السمو , وجهاً الى وجه , كتفاً الى كتف , مع الرئيس حسن روحاني , هل كان باستطاعة دونالد ترامب أن يفعل ما يفعله الآن ؟
أيضاً وأيضاً , تحوّل "حماس" و"حزب الله" الى حليفين . فات الدخيل القول ان تنظيم "داعش" جاهز في "يدنا ساعة نشاء لارسال السيارات المفخخة الى واشنطن ونيويورك , تماماً كما حصل لبغداد ودمشق وبيروت" .
في هذا السياق , لم يغفل الدخيل أن "التعاون الوثيق في المعلومات (التنسيق الاستخباراتي) بين السعودية وأميركا , ودول الغرب , سيصبح جزءاً من الماضي بعدما ساهم في حماية الملايين من الغربيين" . انتبهوا , ايها الأميركيون , الطائرات المفخخة , في انتظاركم .
القرار الرهيب , الاجازة لروسيا انشاء قاعدة روسية في تبوك , بموقعها الجيوستراتيجي البالغ الحساسية , وحيث خطوط التقاطع بين سوريا واسرائيل ولبنان والعراق (هكذا كتب وأغفل الأردن) . في هذه الحال , ستكون اسرائيل في مأزق استراتيجي بمنتهى الدقة , لا بل أن الوجود الروسي سيحل محل الوجود الأميركي , ليس في المشرق العربي فحسب , وانما في الشرق الأوسط .
أصابع الدخيل (أصابع الأمير) ذكرت أن هذا جزء يسير من ثلاثين "اجراء" (غيض من فيض) يمكن أن تستخدمها المملكة , وبالحرف الواحد "دون أن يرف لها جفن" .
بعد الذي قرأناه , لماذا لا يقلب ولي العهد السعودي الطاولة (المنطقة) في وجه دونالد ترامب , ويغدو قائد "جبهة الممانعة" ليعود الزمن , اذا بقي هناك من زمن , الى الدوران ؟ يا لسذاجتنا !!
نضحك أم نبكي ؟ لا نعلم ...
نبيه البرجي يكتب ...الطائرات المفخخة فوق أميركا !!
مصدر الصورة
محطة أخبار سورية