نبيه البرجي
"فهمنا أنه يريد وضع المملكة ـ ووضعنا ـ بين الأضواء لا بين النيران" .
زميل سعودي , ويستعيد بعضاً من أدبيات البادية "لكأننا على ظهر ناقة تائهة في الفيافي" . يسخر من المستشارين الذي يحيطون بولي العهد "هم أقرب ما يكونون الى أوركسترا العبيد" .
انهم ينصحون صاحب السمو بتنظيم تظاهرات في سائر المدن تأييداً له "ثمة من أشار عليه بأن التظاهرات إن شارك فيها الفقراء قد تتحول الى ثورة ضد النظام , ومن غير المعقول أن تقتصر على مسيرة لسيارات الليموزين , والرولز رويس , والبورش , واللامبورغيني" .
تظاهرات بخمسة نجوم . ماذا اذا استفاقت القومية العربية في رأس أحدهم وهتف "لتسقط أميركا , ليسقط عملاء أميركا" ؟
مصيبة إذا سار فيها المتدينون ورفعوا صور أسامة بن لادن أو صور جهيمان العتيبي الذي استولى على الحرم المكي عام 1979 , على أنه المهدي المنتظر .
الزميل أضاف "قد يغيب عن بالكم أننا نواجه الأزمة , بكل أهوالها , برؤوس فارغة , أو برؤوس خشبية . الديبلوماسية عندنا ما يقوله البلاط . الاعلام عندنا ما يقوله البلاط" .
قال "ليست لدينا الأدمغة الديبلوماسية . أنظر الى عادل الجبير , هل ترى فيه صورة الدمية أم صورة الببغاء حين يعتمر الكوفية أو يضع العباءة على كتفيه ؟ ليست لدينا أيضاً الأدمغة الاعلامية التي باستطاعتها التعامل , بحرفية وبديناميكية , مع العاصفة التي تهب علينا من كل حدب وصوب , تنديداً بمصرع صحافي كان موزعاً , طوال حياته المهنية , بين أجهزة الاستخبارات بما في ذلك الاستخبارات السعودية" .
يتوقف عند "فضيحة الاستخبارات" وقد تهدج صوته وازداد مرارة "لا تتصور كم أنفقنا من المليارات لانشاء جهاز لا يكون قادراً فقط على التنبؤ بالاحتمالات , وصياغة الخيارات, بل وعلى شق الطريق أمام الاستراتيحيات الملكية" .
تحدث عن مئات ضباط النخبة الذي تابعوا دورات تدريبية في أميركا , وبريطانيا , وألمانيا , وفرنسا , وحتى في إسرائيل . الذي بدا أن هؤلاء لم يتخلوا عن المقاربة القبلية للملفات المعقدة .
قال "بعد كل ما بذلناه في سوريا لتقويض النظام , أصيب المسؤولون بالذهول أمام سؤال احدى الدول الأوروبية : لحساب من تعملون على الأرض السورية ؟" .
"الغرباء هم الذين لاحظوا أن أجهزة استخباراتنا التي كنا نراهن على أن توصلنا الى رأس بشار الأسد إنما تعمل , فعلياً , لحساب رجب طيب اردوغان الذي أقام أكثر من حفرة في ظهورنا" .
"أنا أتابعك , وأراك تستشهد , أحياناً , بشخصية غوار الطوشي . بربك , ألم يكن غوار , بقبقابه الشهير , أكثر فطنة , وأكثر احاطة بالأمور , في مطبات "صح النوم", من السيناريو الذي وضع لقتل جمال خاشقجي ؟" .
لاحظ "أن كل ما فعلته الديبلوماسية حثّ الدول الشقيقة على إصدار بيانات تأييد لـ"القرارات السعودية" . أي قرارات وأي بيانات , ونحن نتخبط في وسط الحلبة ؟" .
الذي حدث , في نظر الزميل السعودي , "أننا اعتمدنا على المال في كل شيء . بعد نحو أسبوعين , اكتشفنا أننا أمام أزمة هائلة , وتتقاطع فيها كل المصالح , وكل الحساسيات , دون أن نمتلك الأدمغة , والأدوات , لاحتواء الصرخات التي تلاحقنا حتى في غرف النوم .الأميركيون الذين هم أولياء أمرنا , ولم نخرج يوماً عن طاعتهم , تعاملوا مع السعودية على أنها البقرة الجريحة" .
سألته كيف يتجرأ على قول ما قاله عبر الشبكة العنكبوتية , (قبيل انكشاف مسألة اختراق التويتر) . رده أنه ليس معارضاً راديكالياً ,"منذ البداية , وضعت رأسي بين الرؤوس" .
رأى "أن المملكة لم تواجه , منذ انشائها على يد الملك عبد العزيز , ما تواجهه الآن . التقارير التي تصلنا من أصدقائنا أو ممن تبقى من أصدقائنا , في واشنطن , تشير الى أن هناك داخل الاستبلشمنت من يبحث في مسألة البديل . وأنا أؤكد لك أن الأمير لن يستسلم . منذ البداية تمحور اهتمامه على إقصاء , أو إلغاء , أي بديل محتمل . حين أقول أن المملكة في أزمة أعني أن العائلة في أزمة , وهذه مسألة خطيرة للغاية " .
بطبيعة الحال , جهاز الاستخبارات الذي هو "الدرع الواقي , تزعزع اثر عملية اسطنبول وتداعياتها . داخل المؤسسة العسكرية , هناك الأميركيون , وهناك التخلخل إن بسبب حرب اليمن التي كلفت الكثير الكثير , أو بسبب ابعاد مئات الضباط الذي تم تصنيفهم على أنهم تابعون لأمراء الريتز" (الفندق ـ المعتقل) .
لا يستغرب ما تشير اليه التقارير من أن حكاماً خليجيين اتصلوا بواشنطن , ودعوا الى تنحية ولي العهد "كانت إدارة العلاقات مع دول مجلس التعاون في منتهى السؤ . المسؤولون فيها اشتكوا كثيراً من الفوقية في التعاطي . في اللحظة القاتلة , اللحظة الاغريقية كما تكتب أنت , استغاثوا بأميركا" .
ختام الحديث "الله يستر . العائلة المالكة ممزقة , ومتناثرة . كل الرهان على دونالد ترامب . تعلم ماذا يحدث لشخص يغرق حين يستغيث بشخص آخر يغرق" .
نبيه البرجي يكتب .....من داخل البيت السعودي
مصدر الصورة
محطة أخبار سورية