عبثاً البحث , ولو بالأشعة ما تحت الحمراء , عن كلام في وجه يوسف بن علوي ..
لكأنه الآتي للتو من قرون غابرة . هذه السلطنة التي كانت تنافس أنكلترا والبرتغال في الخليج العربي والمحيط الهندي منذ القرن الخامس عشر .
لا يدّعي أنه كليمنت ميترنيخ أو شارل تاليران (نجما مؤتمر فيينا عام 1815 ) , ولا حتى هنري كينسجر الذي بلغت به النرجسية , وكانت أطروحته حول المستشار النمساوي الشهير , حد رفض وصفه بـ"ميترنيخ القرن العشرين" . قال "بل ميترنيخ كيسنجر القرن التاسع عشر" .
واقعي جداً , قلق جداً على المنطقة التي , وقد استضافت قايين وهابيل , قيّض لها أن تبقى أرضاً للصراعات حتى يوم القيامة .
لمن يلتقيه , سيّان كان من أهل الشرق أو من أهل الغرب , يسأل "ألا تكفي مائة عام من الصراعات التي لم تأت الا بالمصائب والويلات ؟" .
تكلم عن زيارة بنيامين نتنياهو للسلطنة كما لو كانت زيارة رئيس شركة "لوريال" لمستحضرات التجميل لا الرجل الذي تتلطخ يداه كل يوم بدم العرب وأطفال العرب .
لا جديد هنا . ما يجري بين بلدان عربية واسرائيل أغرب من الخيال . رئيس الحكومة الاسرائيلية دخل الى القصر الملكي في وضح النهار . تأمّل في اللوحات التي على الجدران , لوحات من التاريخ , وتظهر أن السلطنة ليست طارئة لا على ادارة الصراعات ولا على ادارة المفاوضات, ولو من احدى زوايا القاعة .
قيل ان الزيارة كانت من أجل الملف الفلسطيني . نسأل : هل السلطنة الباب الذي يفضي الى رام الله أم الى طهران ؟
الديبلوماسية التي قادت الى الاتفاق النووي , وكان أقرب الى المستحيل , أكثر من أن تكون باهرة . سنوات مضنية من الاتصالات , والمحادثات , المعقدة . الاتفاق يليق به وصف "صفقة القرن" قبل أن يحطمه ... وحيد القرن .
لماذا نتنياهو في حضرة السلطان قابوس ؟ لا مجال لانتزاع كلمة واحدة , نصف كلمة , من شفتي السلطان ومن كاتم أسراره. ما يتفوه به بن علوي أمام الكاميرا شيء آخر . اذاً , نقصد زميلاً عمانياً قريباً من أهل البلاط .
قال ان دونالد ترامب "لا يمكن الاأن يكون ظاهرة عابرة . فقاعة وتطفو الى حين . اتفاق فيينا وضع العلاقات الأميركية ـ الايرانية على طريق مختلف . التطبيع الكلي يحتاج الى سنوات . هذه مسالة بديهية . الايرانيون الذين دأبوا على استخدام الفائض الايديولوجي لأغراض جيوبوليتيكية , براغماتيون الى أبعد الحدود " .
توظيف الورقة الفلسطينية للولوج الى أعصاب المنطقة "لم يعد بالمسالة المجدية . ثمة تواطؤ بين القادة العرب والقادة الفلسطينيين لاحراق تلك الورقة . أين هو محمود عباس , واين هو اسماعيل هنية , وهل نعلم ما الشيء الذي ينتظره , أو يعدّ له محمد دحلان ؟" .
قال لي الزميل العماني "ذات يوم كتبت أنت أن أميركا نسخة معاصرة عن القضاء والقدر . قلنا للايرانيين انكم تخوضون صراعاً ضد القضاء والقدر , وسألناهم لماذا لا تكونون كوريا الجنوبية , مثلاً , وأنتم تمتلكون كل الوسائل اللازمة لتنافسوا اسرائيل ولتتغلبوا عليها في التكنولوجيا لا في الايديولوجيا ؟" .
أضاف ان مسؤولاً عمانياً "استوضح مسؤولاً ايرانياً ما اذا كان يعتقد أن الصراعات العسكرية , واللاهوتية , يمكن أن تفضي الى شيء .الشيء الوحيد الذي تحتاج اليه المنطقة هو العقل . اترك سوريا و"حزب الله" جانباً . من هي الجهة العربية التي لا تتواصل , على كل المستويات , مع حكومة بنيامين نتنياهو ؟" .
وقال "أنظر ماذا حل بسوريا . هل تتصور أن أشقاءنا الذين أنفقوا المليارات هناك كانوا يسعون الى الديمقراطية فيها ؟ العرب لعبوا , كما العادة , لمصلحة الآخرين . وأنا معك في أن الافتراق الثقافي , والتاريخي , بيننا وبين ايران , فضلاً عن الصراع الدولي , يجعل من المستحيل أن يكون لها وجود استراتيجي في المنطقة العربية" .
يعتبر "أن الأداء الجيوبوليتيكي لآيات الله انما يتوخى , بالدرجة الأولى , الحفاظ على النظام الذي قد يتعرض لهزات دراماتيكية . الأميركيون والروس وحدهم من يمسكون باوراق القوة" .
سألني "هل تعلم من أين تستمد السعودية قوتها ؟" . في اعتقاده أن الرياض تعلم كيف تستثمر النزاع الأميركي ـ الايراني , وهذا ما أوضحته سوزان رايس , مستشارة الأمن القومي في عهد باراك أوباما , من أجل تفعيل دورها , ومن أجل بقائها , وهي التي تعاني من أزمات بنيوية في منتهى الحدة .
في رايه "أننا في منطقة زلزالية . عليّ أن استخدم هذا التعبير التوراتي لأحد أبناء داود "الكل باطل وقبض الريح" . يؤكد أن الموضوع الايراني بحث في قمة قابوس ـ نتنياهو "الهوة واسعة جداً , ولكن هل تعتقد أن اسرائيل , بكل مظاهر القوة , لا تعيش داخل الدوامة ؟" .
يختم "لندع ديبلوماسية الظل تحفر في الجبال . لا أقول أن على خامنئي أن يتقمص شخصية كيم جونغ ـ أون , ولكن آن الأوان ليعاد النظر في أشياء كثيرة" .
نبيه البرجي