نبيه البرجي
نانسي بيلوسي , زعيمة الأقلية في مجلس النواب , رأت انها العودة من ليالي لاس فيغاس , حيث الرقص على الأرصفة , وتحت الثريات , الى نصوص الدستور , حيث الضبط الأوركسترالي للايقاع , بما في ذلك الايقاع السياسي والاستراتيجي .
جيفري غولدبرغ كتب منذ عام "مثلما فتن الفيس بريسلي الأميركيين بالروك اند رول , ها هو يفتن الأميركيين بتغريداته التي وقعها في العيون أكثر تأثيراً بكثير من وقع النظريات والبرامج وأوراق العمل" .
هذا قبل أن يرى آخرون فيه تلك النرجسية الصارخة . ليس الفيس بريسلي , وانما السناتور جوزف ماكارثي الذي تعقّب رجالاً مثل جورج مارشال وتشارلي شابلن بالشيوعية . دونالد ترامب "أكل" كل وزرائه , ومستشاريه , آخرهم وزير العدل جوزف سيشنز. لوّح باقصاء وزير الدفاع جيمس ماتيس , بالرغم من اعتراض أركان البنتاغون على التعاطي الفظ مع الجنرالات .
مسكين الفتى الاغريقي نرسيس الذي بهرته صورته في الماء ما أثار سيغمند فرويد , فيلسوف التحليل النفسي , وكان أن أطلق نظرية النرجسية . الآن ... الترامبية !!
الرجل لا يرى الا نفسه بين الكاميرات (لسنوات مضت بين الغانيات) . لا أحد غيره على الخشبة .
قال فيه سايروس سالزبرغر جونيور " يخال نفسه وكأنه يدير الكرة الأرضية بأصابع قدميه" . ساخراً يعلّق وودي آلن "اسألوا عنه ميلانيا في الفراش" .
غريب أن يصف ما حدث في الثلاثاء الكبير بـ"النجاح الهائل" ( كلمةtremendous تعني أيضاً ... المروّع) . كيف يكون النجاح اذا خسر الأغلبية في مجلس النواب . الثور الهائج في القفص . لم يعد في الغرفة الزجاجية . هددالحزب الديمقراطي بـ"التحقيقات مقابل التحقيقات" . المقصود "الفضائح مقابل الفضائح" .
باراك أوباما قال "انها البداية" . بعد الآن , لن يكون دونالد ترامب اياه دونالد ترامب . قد يغدو أكثر جنوناً . حتماً أقل هولاً . الدديمقراطيون يتربصون بكل خطوة يقوم بها . البعض يعتبر أن ذلك قد يكون لمصلحته عام 2020 حين يقول للناخبين "انظروا , هم من كبلوا يدي , ومنعوني من العمل" .
هذا الرجل يحترف الرياء . سلفه من أنقذ الاقتصاد الأميركي من زلزال عام 2008 , وحال دون تصدع البنوك العملاقة في وول ستريت , وحتى تصدع الأمبراطورية .
الشرق الأوسط الآن !! تذكرون كيف طارد دونالد ترامب باراك أوباما بالاهانات , وكاد يلاحقه بالحجارة , لأنه وقّع اتفاق فيينا . لنتصور ماذا كان يمكن أن يحصل لو أن الحزب الجمهوري احتفظ بالغالبية في مجلس النواب . هو الذي فاخر بأنه (لا الحزب ولا أركان الحزب) من كان وراء "الانتصارات على الأرض" , قد لا يتردد في الدفع باتجاه الحرب . ماذا يقول الايرانيون ؟
الرئيس الأميركي لن يستطيع المراوغة , بعد الآن , في قضية الأمير محمد بن سلمان الذي يواجه مأزقاً خطيراً في بلاده وخارج بلاده . ثمة تصدع داخل المؤسسة العسكرية , وداخل المؤسسة القبلية . قبل "الانقلاب" كان لكل جناح في العائلة حضوره الفاعل في الكارتلات العسكرية , والسياسية, والقبلية .
هكذا كانت خارطة التوازنات في اطار العائلة , وهذه هي وصية عبد العزيز آل سعود .
الذي فعله ولي العهد أنه شتت "الكونسورتيوم الملكي" ليبقى الوحيد على العرش . سعود القحطاني ورجاله ضربوا بعض أمراء الريتز بالسياط . مطاردة المعارضين في الخارج على قدم وساق , الى أن وقعت الواقعة مع جمال خاشقجي . القنبلة انفجرت في وجه الأمير الشاب الذي يراهن على دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو لانقاذه .
الوضع داخل السعودية أكثر من أن يكون خطيراً . الابن ابتعد حتى عن أبيه في الدماثة , وفي العلاقات المخملية . قيل له لا بد أن تكون الرجل الحديدي بالقبضة الحديدية . الذين أسدوا اليه بالنصيحة تناسوا دقة , وحساسية , المعادلات في أرجاء المملكة .
الملك سلمان اضطر للنزول الى الأرض . جولة في سائر مناطق المملكة . سياسات ولي العهد , ولا مجال لاغفال بعض ايجابياتها على المستوى الداخلي , أدت الى تبعثر الولاءات , واستشراء ظواهر الرعب والكراهية حتى داخل العائلة .
الأمراء , وفي اللقاءات الأخيرة , دعوا الى اعادة هيكلة السلطة على القواعد التي أرساها الملك المؤسس . من يضمن ألاّ ينقض عليه ابناء العم كما انقض عليهم ومزقهم ارباً ارباً ؟ استطراداً , لم تعد المملكة تحت العباءة . فريد زكريا كتب عن "المملكة العارية" .
المعارضون في الداخل رأوا في ما يحصل , عالمياً , الباب الى الخلاص . المؤسسة الدينية , بامتدادها الأخطبوطي في السوسيولوجيا السعودية , في حال تأهب .
خبر سيء في البلاط أن يتعثر دونالد ترامب . كلام عن تركيب جديد للوضع في المملكة , بأصابع أميركية واسرائيلية . السعودية لا تبتعد عن السياسات الخارجية التي انتهجها محمد بن سلمان , لا سيما حيال تل أبيب , مع تغيير دراماتيكي في الوجوه .
البلاط يرتجف ...
نبيه البرجي يكتب...الشرق الأوسط ... الآن
مصدر الصورة
محطة أخبار سورية