تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

رأي البلد:الأردن بين استقلالية القرار وتحمّل تبعاته..!!

مصدر الصورة
SNS


10/2/2015


منذ بداية الأزمة السورية، وربما قبل ذلك بكثير، يشعر السوريون أن موقف الأردن ضبابيٌّ أو سلبيٌّ. هذه الضبابية تحولت إلى سلبية بشكل فاقع قبيل بدء الحرب على سورية بقليل عندما بدأ الأردن وفي خطوة غير مفهومة بإعداد ونصب خيام للاجئين السوريين وقبل أن يكون هناك أي لاجئ. هذه الغيرة من "النشامى" لم تكن عن حسن نية كما أكدت وأثبتت الأحداث لاحقاً؛ كان الأمل والمرتجى والتوقعات أن الدولة السورية سوف تنهار خلال أيام أو أشهر ومن ثم يبدأ الأردن ـ ومثله تركيا ـ وغيرهما، بقطف ثمار هذا الانهيار.. إذن لم يكن الموقف الأردني في أصله "كرمَ ضيافة" كما يصورونه ويسوقونه الآن؛ بل كان موقفاً انتهازياً واستباقياً لاستغلال الأوضاع المأساوية المتوقع حصولها في سورية وللسوريين، وهو ما يجري الآن!!

خاب أمل السلطات الأردنية ولم تسقط الدولة السورية؛ تزايد عدد اللاجئين وعبؤهم؛ حاول النظام الأردني الظهور وكأنه يمسك العصا من منتصفها، لكن السوريين يعرفون جيرانهم جيداً، ويعرفون حدود استقلال القرار الأردني وكيفية خضوعه للابتزاز الخليجي والغربي ولاسيما الأمريكي. ولذلك كلما طالت الأزمة في سورية، كان نظام الأردن يغرق في دوامتها؛ الحاجات المادية فرضت أكثر وسرّعت تورط الأردن في تدريب وإرسال المسلحين والإرهابيين إلى سورية؛ فُتحت في المملكة غرفة "بندر بن سلطان" لقيادة العمليات بالتنسيق مع الإسرائيلي والبريطاني والفرنسي؛ الأمرُ ليس سراً ...الجميع يعرف ذلك وكثير من الأردنيين نصحوا نظامهم بتجنب هذا المنحى الخطير وهذا التورط المهلك. ولكن هل بوسع السلطات الأردنية التراجع، هل القرار لها؟

بالأمس أجاب وزير الخارجية السوري وليد المعلم عن هذا السؤال عندما جزم في المؤتمر الصحفي مع نظيره البيلاروسي في دمشق أنّ النظام الأردني لا يملك قراراً مستقلاً للتنسيق مع دمشق في محاربة الإرهاب. هذه الإجابة قد يرى البعض أنها تخفف عن النظام الأردني بحيث أنها تعفيه من المسؤولية عما يحدث على أراضيه لأنه يتعرض للضغوط الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية... الخ. لكن ردّ السيد المعلم ليس في هذا السياق البتّة.

فوزير الخارجية السوري يحمّل النظام الأردني مسؤولية كل التجاوزات التي تحصل على أراضيه وتستهدف الجمهورية العربية السورية. بمعنى أن النظام الأردني مسؤول "قانونياً" عن كل الاختراقات التي يقوم بها المسلحون والإرهابيون عبر الحدود الأردنية وضد سورية. فلا يمكن أن يَعبُر هؤلاء أو أن تصل الأسلحة إلى الأراضي السورية لمساعدة الإرهابيين إلا بمعرفة المخابرات الأردنية ومراقبتها وموافقتها. وقد أعطى الوزير المعلم مثالاً بسيطاً يبيّن نفاق النظام الأردني عندما تساءل كيف لهذا النظام الادعاء بمحاربة تنظيم "داعش" في مدينة الرقة السورية التي تبعد مئات الكيلومترات ولا يستطيع ضبط حدوده ومحاربة المتسللين عبرها من "جبهة النصرة" وغيرها؟!

والحقيقة أنّ الأردن مسؤول أخلاقياً ودبلوماسياً وأمنياً والأهم قانونياً عن كل الخروقات والتجاوزات التي تحصل من أراضيه ضد أراضي الجمهورية العربية السورية. وهذه المسؤولية يترتب عليها تبعات قانونية وقضائية في المستقبل حيث يمكن لدمشق أن تمارس حقها السيادي في محاسبة النظام الأردني وفق القانون الدولي والمعاهدات الدولية التي تمنع تقويض استقرار دولة معينة من قبل دولة أو دول أخرى. وهذا يعني أن على الحكومة السورية أن تحضّر ملفاتها وتوثـق معلوماتها ودلائلها القانونية لإدانة النظام الأردني وتحمليه مسؤولية تصرفاته، ومعاقبته على تجاوزاته وجعله يدفع تعويضات ثمن كل الأذى المادي والمعنوي الذي سببه للسوريين..

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.