تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

رأي البلد: تاء التأنيث الساكنة.. في اليوم العالمي للمرأة!!

مصدر الصورة
SNS


7/3/2015


في القديم كانت الآلهة مؤنثة! آلهة الحب، آلهة الخصب، آلهة الموت، آلهة الجمال؛ آلهة الغضب؛ عشتار، أفروديت، إيزيس.. وغيرها. ثم تراجعت مكانة "التأنيث" كما يقول المؤرخون ومفسّرو الأرقم الطينية القديمة. وصل تراجع التأنيث إلى حد مهم كانت علامته الفاصلة في الديانة المسيحية! ثم استمر هذا التراجع حتى وصل إلى محاربة وأد البنات في الديانة الإسلامية.. بعدما كانت الآلهة أنثى.. نون النسوة موجودة في اللغة العربية، وكذلك تاء التأنيث الساكنة، ولكن ما فائدة ذلك..!!

لماذا تسكينها؟! هل جاء من تسكين صاحبتها وحدِّ حدود دورها في لغتنا وثقافتنا.. ونحن أصحاب الحرف واختراع الأقاويل والشعر والهيام بالمرأة؟! أم هو علامة أخرى على النفاق الذي يدمغنا جميعاً ـ في العادة أكره التعميم ولا أقوم به ـ بين ما نقول ونفعل!!

مراتب الحبّ في كتب تراثنا إثنتا عشرة مرتبة، وفي بعضها الآخر هي أكثر من ذلك. لماذا نتحدث عن الميل والشغف والوله والتيم والعشق والحب... والهيام تجاه المحبوبة، ونرسم لها صوراً في مخيلتنا كأنها أميرة أو حورية أخّاذة؟! ثم نعود لنضعها في قفص تفكيرنا القاصر ونستعبدها كجارية أو نعاملها كشاة أو كبعير عندما تصبح زوجة أو تكون أختاً؟! هل ترانا لا نستطيع التوسط في المكان بين الحورية المعشوقة وبين العبدة المستباحة؟! هل ما زال يغلب الطبع الصحراوي الرعوي على تفكيرنا، فترانا نشبّه المرأة التي نحبّ تارة بالغزال وتارة بالظبي أو بالحيوانات الأخرى؟!! لا أدري كيف نستمتع بممارسة ذكوريتنا عند تطبيق كل معتقداتنا القديمة المحنّطة البائدة.. أكثر طقوسنا ـ في هذا الشرق ـ "جاهلية" وربما "داعشية" لم تتغيّر منذ وأدنا لأول أنثى وشربنا نخب الجريمة وسكرنا فرحين.. !!

أحبّ نون النسوة الفاعلة القوية، وأكره سكون تاء التأنيث المستكينة؛ أحبّ نصب جمع المؤنث السالم بالكسرة عوضاً عن الفتحة لأنه يكسر رتابة قواعد اللغة ويعطيها نكهة حيوية أنثوية؛ أحب الغزل والشِّعر الراقص بصور النساء القادمات من الأفق.. الآتيات مع الحلم، لا من التبعية والإذلال والبراري؛ أحبّ قولاً قرأته منذ زمن بعيد وما زال يدهشني؛ المرأة لم تخلق من أعلى رأس الرجل لتكون أعلى منه، ولا من تحت قدمه لتكون أدنى منه، بل خلقت من تحت ذراعه ليحميها ومن جوار قلبه ليحبها.. أجل ليحبها.. وتحبه لا ليستعبدها أو تستعبده!!

عندما أكتب لمن أحبّ، اعتبرها مدينتي المفضلة؛ اعتبرها "دمشق" عاصمة الكون بلا بداية ولا نهاية،  مختزلة في شخص امرأة؛ أخاطبها بأميرة الياسمين؛ بأنها نصف إله ونصف بشر.. وأنا أعبد فيها الإله وأعشق فيها البشر!! وعندما أنشد ذلك، أشعر أنني ابن حضارتي السورية التي لطالما كان عنوانها الياسمين وحصيدها أبجدية أوغاريت وتراثها مهد السيد المسيح ومقام عشتار وعرش الملكة زنوبيا..... وكانت وما زالت ترقى وتترفع عن الغزلان والجواري والبراري..!

 

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.