تنتشر على بعض المواقع الإلكترونية مسألة الترويج لأغشية البكارة الصينية الرخيصة في الدول العربية وسهولة استخدامها، وإدانة علماء الأزهر الشريف اللجوء إلى هذه الوسيلة، وذلك على اعتبار ما يمثله هذا الغشاء من رمز العفّة والشرف والطهارة، وفقدان الفتاة في المجتمع العربي له، يعني خلاف هذه المعاني، ويساعد على انتشار الفاحشة والرذيلة في المجتمع. ولكن يبقى السؤال ما هو موقف القانون من استعمال هذا المنتج لاصطناع عذرية مفقودة عند اكتشاف الزوج ذلك؟
يعتقد البعض أن بإمكان الزوج مراجعة القضاء الجزائي والادعاء على الزوجة بجرم الزنا أو الاحتيال وهذا "خطأ" لأن الزوجة أو الفتاة عند إجراء عملية تركيب الغشاء الصناعي لم تكن أصبحت بعد زوجة المدعي.
في الواقع، إذا اكتشف الزوج ثيوبة الزوجة يكون بإمكانه طلب فسخ عقد الزواج، أو طلب إبطاله استناداً على واقعة الغش والتدليس المرتكبة من قبل الزوجة ـ التي عند إبرام العقد من قبل وليها عرّفها أنها بكر ـ وهذا الغش من شأنه أن ينال من سلامة الرضا ويؤثر في صحة العقد. وبما أن عقد الزواج من العقود الرضائية الذي يخضع كسائر العقود للقواعد العامة في القانون المدني ومنها أحكام الغش والتدليس المنصوص عليها في المادة 126 من القانون المدني والتي تقول أنه:
"1ـ يجوز إبطال العقد للتدليس إذا كانت الحيل التي لجأ إليها أحد المتعاقدين أو نائب عنه من الجسامة بحيث لولاها لما أبرم الطرف الثاني العقد.
2ـ ويعتبر تدليساً السكوت عمداً عن واقعة أو ملابسة إذا ثبت أن المدلّس عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة".
فالتدليس هو خديعة تُوقع الشخص في وهم يدفعه إلى التعاقد نتيجة الأساليب الاحتيالية التي قام بها المدلِّس، ويترتب على ذلك قابلية العقد للإبطال وطلب التعويض عن الضرر الناشئ جراء هذا الفعل. وفي حالتنا هذه، يكون فعل الفتاة التي تقدم على تركيب غشاء صناعي هو خديعة، ويكون عقد الزواج في هذه الحالة "عقداً فاسداً" عملاً بما جاء بالمادة 55 من كتاب الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية لمحمد قدري باشا، والمعتمد من قبل المحاكم السورية كمرجع لما سكت عنه قانون الاحوال الشخصية؛ فهو يعتبر أنّ من زالت بكارتها بزنا فهي ثيب كالموطوءة بشبهة أو بنكاحٍ فاسد. وفي هذه الحالة إذا كان اكتشاف عملية التركيب قبل الدخول فالعقد باطل لا أثر له وحكمه وجوب التفريق بين الزوجين، أما بعد الدخول فتترتب بعض الآثار ويجب التفريق أيضاً بين الزوجين، وهذه الآثار هي:
1ـ المهر: تستحق الزوجة بالزواج الفاسد بعد الدخول، الأقل من المهر المسمى وهو المهر المتفق عليه بين الزوجين أو مهر المثل وهو مهر مثيلات الزوجة من قريباتها ممن تتوفر فيهن صفاتها. فإذا اتفق الزوجان في النكاح الفاسد على مهر قدره ألف وكان مهر مثلها عادة خمسمائة فتستحق الأقل منهما، وباعتقادنا إن هذا الحكم لهذه الجهة يكون بمثابة التعويض عند إبطال الزواج وفسخ العقد.
2ـ النسب: إذا جاءت الزوجة بالزواج الفاسد بولد فيثبت نسبه بأبيه وأمه حرمة للولد مع وجوب التفريق في جميع حالات الزواج الفاسد.
3ـ حرمة المصاهرة: يحرم على الزوج بالزواج الفاسد بعد الدخول، كما يحرم على الزوجة المحرمات بالمصاهرة؛ فلا يجوز له أن يتزوج أمها أو ابنتها كما لا يجوز لها أن تتزوج أباه أو ابنه.
4ـ وجوب العدة: وتجب العدة على الزوجة لأن العدة يراعى فيها معرفة براءة الرحم، فقد تكون الزوجة حاملاً فكان من الضروري معرفة هل هي حامل أم لا؟ وإذا مات الزوج بعد الدخول في نكاح فاسد فالواجب عليها عدة طلاق لا عدة وفاة.
والقانون منح الزوج مهلة سنة لطلب ابطال العقد عملاً بالمادة 141 من القانون المدني والتي تنص على أنه: "يسقط الحق في إبطال العقد إذا لم يتمسك به صاحبه خلال سنة واحدة".
وقد استقر الاجتهاد القضائي على أنه:
"ثيوبة الزوجة تستدعي أن يسلك الزوج طريق وصف حالة الزوجة من بكارة أو ثيوبة وقت الدخول بها وأن لا يركن إلى حالتها وقتاً طويلاً بعد الدخول".
وهذه الدعوى من اختصاص المحكمة الشرعية وذلك عملاً بالمادة480 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتي تختص بالحكم نهائياً في قضايا الأحوال الشخصية للمسلمين والتي تشمل انحلال الزواج.
ونحن إذ عرضنا موقف القانون من هذا الغش والخداع فالغاية هي التحذير من الوقوع في براثن الوهم والخطيئة؛ فالعاقبة وخيمة على الفتاة وأسرتها عند افتضاح أمرها وانكشاف سوء فعلتها؛ والأصل أن الأسرة يجب أن تقوم على الصدق والصراحة وليس الكذب والخداع مهما كانت الأسباب أو الظروف. ومن تعتقد أنها بعشرة دولارات قادرة على خداع نفسها والغير تكون واهمة، ويحق فيها قول رسول الله (ص) أتخوف على أمتي الشرك والشهوة الخفية قيل له: يا رسول الله أتشرك أمتك من بعدك؟ قال: نعم، أما أنهم لا يعبدون شمساً ولا قمراً ولا حجراً ولا وثناً ولكن يراؤون بأعمالهم والشهوة الخفية أن يصبح أحدهم صائماً فتعرض له شهوة من شهواته فيترك صومه".
