تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الأردن: الصحافة الورقية.. وصراع البقاء..!!

             تقف الصحافة اليوم على موعد مع السلطتين التشريعية والتنفيذية، لبحث ازمتها التي تهدد مستقبلها، بسبب تراجع ايراداتها بشكل كبير، وانحسار السوق الاعلاني بسبب الاوضاع الاقتصادية، التي تمر بها البلاد حاليا بسبب الحروب المتأججة من حولنا، في وقت قد لا تنتظر هذه المؤسسات الكثير من هذه الاطراف، كون مسؤوليات الحكومة تتزايد وهي تعاني اصلا من اوضاع مالية واقتصادية لا تخفى على احد.

الصُحف التي تحشد اليوم لايصال صرختها الى كل الاطراف، لا تستجدي ولا تطلب الرحمة من احد، وما جلسة «الصحافة الورقية» اليوم، الا محطة مهمة على صعيد تقييم الوضع الحالي، ومعالجة اسباب الخلل المتراكمة، والتي تسببت بها اطراف ادارية متعددة بفعل السياسات الارتجالية والقرارات غير المدروسة، والتي حملت صحيفة كبرى مثل «الرأي» ديونا تفوق حجم ايراداتها، ما أدخلها في ازمة مالية حقيقية.

الكوادر البشرية في المؤسسات الصحفية، تدرك حجم الازمة وتتعامل معها على أنها امر يهدد مستقبلهم المهني والوظيفي، لذلك لن يتفاجأ الرأي العام بما سيقدمه هذا الطرف أو ذاك، من اجراءات في محاولة لانقاذ مستقبل الصحف، كما لن يدّخر العاملون جهدا في سبيل تصحيح مسيرة الصحف بعيدا عن الحلول الاسهل بالنسبة للادارات، وهي طرح « اعادة الهكيلة « والاستغناء على خدمات الموظفين.

الحكومة التي تمتلئ جعبتها بمئات الملفات والاشكاليات في مختلف القطاعات، لن تلجأ الا الى خيارات محدودة وغير مباشرة تساعد في تحريك الاوضاع التشغيلية الراكدة داخل هذه المؤسسات، وهي ترى نفسها مكبّلة باستحقاقات كثيرة تمنعها من تقديم اعفاءات ضريبية للصحف، على سبيل المثال، لكنها قد تستطيع زيادة نسبة الاشتراكات ، واثمان الاعلانات التي تعاملها الصحافة بتسعيرة مخفضّة للغاية، تكاد لا تكفي اثمان الورق الذي طبعت عليه. النتيجة المنطقية ، لما يدور الآن تخلص الى ان حل مشاكل الصحف لا يمكن ان يتم الا بقوة الدفع الذاتي، ومن خلال حلول ابتكارية تعزز الدخل والتوزيع والاشتراكات، ووقف اسباب النزف المالي، واعادة بناء الهيكل التنظيمي والاداري في المؤسسات، والاستفادة القصوى من الطاقات المتوفرة لديها، ورفع المستوى المهني وتنويع التغطيات والبحث عما وراء الخبر، وعدم الاعتماد على نقل الخبر فقط، واعتقد اننا كعاملين في هذ المؤسسات قادرون على اجتراح الحلول، بشرط ان يكون هناك هيئات ادارية قادرة على فتح خطوط التواصل والحوار، ووقف سياسة اتخاذ القرارات المصيرية في الغرف المغلقة، التي اضطر العاملون الى فتحها بوسائل شتى، لمعرفة ما يدور بداخلها بشأن مستقبلهم ولقمة عيشهم. قد لا تنتظر الصحافة الكثير من جلسة النواب اليوم، خصوصا وان الجلسة أجّلت أكثر من مرة، وقد تنتهي باصدار بيان يتبنى توصيات لجنة التوجيه الوطني، ويؤكد المسؤولية المشتركة، لكن تأجيل الجلسة قد يؤشر الى رغبة نيابية في حشد الداعمين داخل المجلس لتوصيات لجنة التوجيه، ومنحها زخما أكبر يحرك الاوضاع داخل هذه المؤسسات، ويعطيها قوة دفع سياسية.

(الصحافة الورقية قادرة على اعادة انتاج ادواتها والاستفادة من خبراتها وقدراتها ، وهذا يتطلب وقفة حقيقية من كل الاطراف للخروج من الوضع الراهن للصحافة، فهذه ليست الازمة الاولى ولن تكون الاخيرة امامها، ورغم كل التحديات الا ان الصحف ما زال لديها اوراق قوة ورصيد شعبي ومهني، لكن قبل كل شيء يجب الكف عن النظر اليها الى انها مصنع او شركة تجارية، ووقف التدخلات الادارية الطائشة التي ارهقت موازناتها وعمقت جراحها أكثر وأكثر).

عماد عبد الرحمن

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.