تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

مصر: إفــــلاس المكاتــب الإعلاميـــة ونمــوذج بــــــدر

مصدر الصورة
الأهرام

أعتقد أن هناك بين الفينة والأخرى ألم نفسى وشخصى يعتصر الرئيس السيسي، على مدار الساعة، ويبرز بشكل أكبر وأعمق كلما زار إحدى العواصم الدولية، حيث يبرز فى جوهر وثنايا حواراته وتصريحاته حجم وحدة هذا الألم، كما ألاحظ ذلك دوريا عندما يرى ويشاهد ويلمس تلك الصورة النمطية السلبية عن مصر بشكل مخالف للحقيقة وما حدث فيها من تطور وحراك إيجابى خلال العامين الماضيين. وبالتالي، كان أفضل اعتراف هو الذى قاله الرئيس السيسى فى نهاية مشاركته مؤخرا فى اجتماعات الدورة السبعين للأمم المتحدة للإعلاميين، قبل أن يغادر نيويورك، إن الإعلام هو نقطة ضعفنا الوحيدة، وبالتالى كان هذا التعبير يعكس حجم الحزن والغضب الذى مازال يعترى شخص الرئيس، وبالتالى من وجهة نظرى تبقى هناك حلقة مفقودة وعجز فاضح لابد من مواجهته والاعتراف والإقرار به، ثم بعد ذلك نرسم ملا مح خريطة طريق لتوضيح الحقائق وتحسين صورة البلاد فى الخارج الآن قبل الغد، بشرط توافر الجدية والحسم لدى صانع القرار وأجهزة الدولة والحكومة، لبدء العد التنازلى للإصلاح بعيدا عن الروتين والبيروقراطية القاتلة فى مصر.

وبالتالى حان الوقت لنعترف بأننا لا نملك منصات فضائية ولا مكاتب إعلامية فى الخارج حيث ثبت بالدليل القاطع والحقائق الجازمة، أن تجربة المكاتب الإعلامية ودور الهيئة العامة للاستعلامات تجربة فاشلة وحسنا فعلت الحكومة فى الفترة الأخيرة، بإغلاق غالبية هذه المكاتب حيث كان الإغلاق بسبب جرعة التقشف وليس بسبب رداءة الأداء والمحتوى الإعلامى، وبالتالى هناك حالة تململ وضجر لدى الغالبية من المصريين، كما الرئيس بضعف الأداء ورخاوة الدور المطلوب لهذه المكاتب المتبقية وبالتالى لابد من الإسراع بإغلاق المتبقى منها فى العواصم الكبرى، ونعيد النظر فى استراتيجية التوجه الإعلامى لمصر بشكل كامل فى الخارج.

ولتكن البداية بعد إغلاق هذه المكاتب ونسف هذا الكهنوت الإعلامي، أن تنقل وتحال قضية التبعية والآداء الإعلامى لمصر فى الخارج إلى سفارات مصر فى الخارج، وبإشراف كامل عليها من وزارة الخارجية، بحيث يكون من ضمن أدوات سفاراتنا هيئة أو قسم للإعلام يديره السفير أو الدبلوماسى الأرفع فى السفارة، بجانب عمله السياسى والدبلوماسي، خاصة بعد أن أصبح الإعلام الغربى أسير الدعايات المضادة ضد مصر حاليا فى عمومه، ولنا تجربة نجاح فى هذا الشأن كان بطلها السفير المصرى فى ألمانيا بدر عبدالعاطي، الذى كان متحدثا ناجحا واستثنائيا حتى الأمس القريب للخارجية المصرية، حيث استطاع بالرغم من وصوله إلى ألمانيا منذ عدة أسابيع معدودة فقط، أن ينقل ويغير الصورة الكاملة عن مصر فى أعين الصحافة والإعلام المرئى والمسموع فى ألمانيا، وبلغ ذروة نجاحه، كما أبلغنى أحد الأشخاص الذين تابعوا أداء عبدالعاطى عن قرب فى ألمانيا، عندما وقع حادث مقتل عدد من سائحى المكسيك فى منطقة الواحات بسبب دخولهم المنطقة بالخطأ، ودون تنسيق مع الأجهزة المعنية بمطاردة وملاحقة الإرهابيين فى تلك المنطقة، حيث تصدى السفير بدر عبدالعاطى لكثير من الحقائق والمعلومات المغلوطة التى نقلها من أسف إعلام ألمانيا حول هذا الحادث ورددها.

وقيل لى إن السفير عبدالعاطى المعروف عنه براعة الأداء والحوار والتكتيك الدبلوماسى نجح أن يستغل ويسخر كل تلك الأدوات لتصحيح الصورة حتى إنه زار صحف وقنوات تليفزيونية ودشن ندوات ومحاضرات لكبار الإعلاميين والسياسيين الألمان، حيث بلغ حجم مشاركته الإعلامية لهذا الغرض من أجل تبييض صورة مصر أكثر من 55 لقاء وحوارا صحفيا وتليفزيونيا فى أيام معدودة، بالرغم من أن أحدهم فى مصر كتب وانتقد دون علم ومعطيات أداء السفير عبدالعاطى وظهوره فى الإعلام الألمانى بهذه الصورة، ولجوء بعض وسائل الإعلام المصرية لنقل تصريحات وأحاديث عبدالعاطى عن الإعلام الغربى والألماني، وبدلا من الثناء والإشادة والتقدير لشخصه انتقده وهو غير مدرك ما كان يحتاج إليه الملعب الإعلامى والساحة السياسية الألمانية من جهد لتعديل وتصحيح مسار السياسات والتوجهات الألمانية ضد مصر، وما بذله الرئيس السيسى من جهد لاختراق تلك المواقف الألمانية بزياراتها، وجاء بعده السفير بدر عبدالعاطى للبناء وتكملة الجهد نحو تحسين صورة مصر فى ألمانيا وتغيير سياساتها ومواقفها ضد مصر، خاصة أن أول توصية من وزير الخارجية المصرية وأجهزة الدولة هنا لعبدالعاطى قبل مغادرته، هى الاهتمام بالتعاطى بدأب واهتمام وعناية مع الإعلام الألماني، وقد فعل الرجل ونجح خلال أسابيع معدودة.

وبالتالي، علينا فى الدولة أن نتخذ من سياسة وجهد ومبادرة عبدالعاطى الإعلامية والدبلوماسية فى ألمانيا نموذجا حيا واستثنائيا يتم التعاطى به وتعميمه على سائر سفاراتنا فى الخارج، اذا كنا نريد تصحيح الصورة والمسار بدلا من كهنوت إعلام المكاتب الإعلامية الفاشلة وليكن لنا فى أداء ونجاح عبدالعاطى فى ألمانيا نموذجا وأسوة حسنة قابلة للتطبيق ونطوى أداء إعلام ودبلوماسية الماضى الرخوة الضعيفة فى مقبرة الذكريات، وإلا سينتظرنا سيناريو إعلامى كارثى فى الخارج.

أشرف العشري

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.