تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الأهرام: عن الصحافة والصحفيين

مصدر الصورة
الأهرام

فتـحي مـحـمود

قبل أن يصدر الجزء الأول من هذا الكتاب «الوثيقة»، لم يستطع صاحبه نشره فى أي صحيفة لأنه ببساطة فضح «شلة المصالح » المسيطرة على الصحف والقنوات الخاصة فى مصر قبل وبعد ثورة 25 يناير، ولذلك لجأ فى البداية إلى نشر أجزاء منه على الانترنت.

وفى مارس 2011 كتبت فى عمودى الأسبوعي بالأهرام : (البغاء الصحفي) مجموعة مقالات مهمة للزميل أشرف عبدالشافي، يكشف فيها بالوقائع حقيقة الدور الذي قامت به الصحف الخاصة من أجل دعم توريث جمال مبارك والمشاركة في منظومة الفساد.. المقالات موجودة علي الإنترنت لأن لوبي المصالح المشتركة في الصحف لن ينشرها.

والحقيقة أنه بعد صدور الجزء الأول من الكتاب انطلق لوبى المصالح المشتركة فى الصحافة والإعلام لمحاربة كل من يجرؤ على استضافة المؤلف أو حتى الإشارة له، لدرجة أنه تم منع برنامج الإعلامي محمد ناصر «من هنا ورايح»، الذي كان يقدمه في قناة «المحور» المملوكة لرجل الأعمال حسن راتب، والذي توقف بعد الحلقة التي استضاف فيها المؤلف ليتحدث عن كتابه، ليهرب هذا الإعلامي بعد ذلك إلى حضن الإخوان !

وبسبب هذه الواقعة لم يصدر الجزء الثاني من الكتاب بعد شهور من الأول كما كان مقررا، واعتذر عبد الشافي بالقول: «لن أملك القدرة على تشغيل من يتم تسريحهم من القنوات أو الصحف إن تجرأ أحدهم وتحدث عن الكتاب أو جاب سيرته، كما أنني لا أريد شهرة مجانية تأتي من معارك عبثية».

وأخيرا، ومنذ أيام قليلة صدر الجزء الثانى تحت اسم «فودكا» ليستكمل قصص وحكايات ووقائع عالم الصحافة والصحفيين، وخاصة من استغلوا الصحف الخاصة فى التمهيد لتوريث جمال مبارك، ثم ركبوا الموجة ليصنعوا من أنفسهم ثوارا وأبطالا يتحدثون باسم الجماهير ويقدمون القرابين لكل من يصل إلى الحكم.

إن هذا الكتاب «الوثيقة» عن الصحافة والصحفيين فى مصر، يذكرنا بموضوع آخر مهم للغاية، ويخص كل المعنيين بحرية الرأي والإعلام ، ويجعلنا نتساءل: هل نحن الآن فى دولة «مؤسسات» أم دولة «أشخاص»، وهل للدولة ـ التى نسعى لتثبيت أركانها ـ أجندة تشريعية محددة لمعالجة الأوضاع الحالية فى القطاعات كافة، أم أن الأمور تسير «بالبركة» ووفقا للتقديرات الشخصية ؟!

تساؤلات كثيرة فى هذا السياق بدأت تظهر نتيجة تجاهل حكومة المهندس شريف إسماعيل لقانون الصحافة والإعلام، رغم أنه كان من المفترض أن يناقش فى آخر اجتماع لمجلس الوزراء برئاسة المهندس إبراهيم محلب، وبالتالى كان من الطبيعى أن تكون له الأولوية فى نشاط الحكومة الجديدة.

لقد تأخر صدور هذا القانون لفترة طويلة جدا منذ الموافقة على الدستور وحتى الآن، نتيجة أسباب كثيرة تتحمل جزءا كبيرا منها نقابة الصحفيين بمجلسيها السابق والحالى والمجلس الأعلى للصحافة وماتسمى باللجنة الوطنية للتشريعات الإعلامية، وقد كتبنا فى ذلك من قبل بشكل مفصل، ولم تعد الأوضاع فى سوق الإعلام بشكل عام والمؤسسات الصحفية القومية بشكل خاص تحتمل مزيدا من التأخير.

صحيح أن هناك خلافات على بعض مواد مشروع القانون الموحد المقدم لمجلس الوزراء، بل وعلى طريقة تشكيل اللجنة التى أعدته أيضا، وقد فصلنا ذلك من قبل، لكن ذلك لا يعنى أن نتغاضى عن المماطلة فى إصدار القانون لإبقاء الأوضاع الحالية على ماهى عليه ـ رغم أنف الدستور ـ أو أن نفاجأ بقانون آخر لا نعلم عنه شيئا من الأصل، بل اننا مع سرعة صدور القانون لتصحيح الأوضاع وفقا للدستور، مع السعى وحتى آخر دقيقة لدي كل الجهات المعنية لتصويب المواد الخلافية فى هذا القانون لضمان حقوق الصحفيين كاملة.

وفى حواره لمجلة المصور الأسبوع الماضي كشف نقيب الصحفيين يحيي قلاش عن معلومات خطيرة تتعلق بمصير هذا القانون فقال: كنا تقدمنا للمهندس محلب بمشروع القانون وكانت هناك خطوات جادة فى دخوله مجلس الوزراء وإقراره قبل البرلمان، وعندما حدث التغيير الوزارى توقفت الأمور بعض الوقت، لكن الأستاذ جلال عارف (رئيس المجلس الأعلى للصحافة) التقى المهندس شريف إسماعيل وكان المحور الأساسى هو الحديث عن القانون وتقدم إليه بنسخة جديدة وطالب رئيس الوزراء بملخص ما جرى من اتصالات بين اللجنة وبين أعضاء الحكومة الذين كلفوا بمراجعة مشروع القانون.

والخطير فى حديث النقيب يحيي قلاش كشفه عن محاولة البعض قصر معالجة القانون على فكرة تشكيل 3 هيئات فقط دون التطرق لمعالجة المشكلات الحقيقية للصحافة، فيضيف: اعتقد أن الحديث عن وجود 3 هيئات مستقلة بالدستور وجهة نظر يدفع بها البعض عن طريق وزير العدل، وليس عجيبا أن نقول إن الاستاذ أسامة هيكل وزير الإعلام الأسبق يتبنى وجهة نظر معادية للجماعة الصحفية ويتصور أنه بذلك يدافع عن مشروع قانون قام بإعداده فى غرف مغلقة ولم يُعرض للحوار، كما أتصور بشهادة بعض أعضاء الحكومة أنهم لم يجدوا مشروعا حقيقيا يتعاملون معه إلا المشروع الذى تقدمت به اللجنة.

مرة أخرى نكرر، إن تحفظنا على بعض مواد مشروع القانون الموحد، لا يعنى اننا سنوافق على بقاء الأوضاع الحالية غير الدستورية بالصحافة والإعلام على ما هى عليه، أو سنقبل بقوانين مجهولة الهوية لا نعرف عنها شيئا.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.