تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

مراصد أميركيّة لـ«الانتهاكات الإعلاميّة بحقّ إسرائيل»

مصدر الصورة
السفير

تعتبَر شرائح واسعة من الجمهور العربي، انحياز وسائل الإعلام الغربية لـ «إسرائيل» من المسلمات غير المحتاجة إلى برهان. لكن يبدو أن هناك مَن يخالف هذه القناعة. فبعض المنظمات والمعاهد الأميركية والبريطانية تعتقد النقيض تماماً، وتجد أن وسائل الإعلام الغربية تحتاج إلى مراقبة على «مدار الساعة»، «لكشف رسائلها المعادية للسامية، والمناهضة لإسرائيل».

تُعَدّ «لجنة تقصّي الدقة في تغطية أخبار الشرق الأوسط في أميركا» (كاميرا)، من أبرز الجهات العاملة لحماية «سمعة إسرائيل من التشويه». تأسست اللجنة العام 1982، لتضمن، حسب قولها، «تغطيةً متوازنةً ودقيقةً لأخبار إسرائيل والشرق الأوسط، انطلاقاً من القناعة بأن الرأي العام يُشكّل في نهاية المطاف السياسات العامة». ترى «كاميرا» أن المعلومات المغلوطة حول «إسرائيل» تملأ مجلّات الموضة، والمطبوعات المعمارية، والكتب المدرسية، أدلة السفر، والقواميس. وأنّ كلّ المنشورات المذكورة، تقدّم أوصافاً غير دقيقة وتأجّج «مناهضة إسرائيل ومشاعر التحيّز ضدّ اليهود».

وبالرغم من أنّ هذه اللجنة لم تتوقّف منذ تأسيسها عن العمل الجاد لخدمة الكيان الصهيوني، نراها اليوم أكثر استنفاراً في ظلّ المستجدات الجديدة على الساحة الفلسطينية. فطاقم «كاميرا» يعمل من دون كلل لرصد كافّة «الزلّات والانتهاكات التي ترتكبها القنوات الأميركية بحق إسرائيل». وفي هذا الصدد، يهاجم تقرير أعدّه ستيفن ستوتسكي (22/10) قنوات «أن بي سي» و «أم أس أن بي سي»، لأنّها تكذّب عيون المشاهدين حين تعرض رواية مراسلها أيمن محيي الدين الذي أشار إلى أنّ القوّات الإسرائيليّة قتلت شاباً فلسطينيّاً أعزل. ترفق اللجنة تقريرها بصور تُظهر سكيناً بيد الشاب الذي أمسى شهيداً، لتثبت تحيّز القناة «للإرهابيين»، كما تدعوهم. ويتهم التقرير كذلك الموقع الإلكتروني لقناة «أن بي سي» بالترويج لـ «البروباغندا الفلسطينية» الذي يعرض العنف الفلسطيني «بطريقة مشوّهة تظهر إسرائيل بمظهر المذنب الذي يقتل أطفال فلسطين الفقراء الأبرياء».

وبتوجّه لا يبتعد كثيراً عن أهداف لجنة «كاميرا»، يهدف «معهد أبحاث إعلام الشرق الأوسط» (ميمري)، الذي تأسس العام 1998، إلى إثراء الحوار حول السياسات الأميركية في الشرق الأوسط. يتم ذلك عبر التعرّف أكثر «على الشرق الأوسط وجنوب آسيا من خلال رصد وترجمة المضامين المقدّمة في وسائل الإعلام المحلية في تلك المناطق». ومن المشاريع التي يعمل عليها معهد «ميمري»، «مشروع الجهاد والإرهاب» الذي يهدف «لتأمين الأبحاث اللازمة حول أيديولوجية الإسلام والمنظمات الإسلامية التي تهدّد الغرب». فيما يرصد «مشروع مناهضة السامية» جميع المقولات المعادية للسامية في الصحف العربية والفارسية والتركية. ويتفاخر معهد «ميمري» بامتلاكه أضخم أرشيف للمواد المترجمة حول الشرق الأوسط خلال العقد الماضي. وضمن «مشروع معاداة السامية» ذاته، نشر المعهد حديثاً (20/10) تقريراً بعنوان: «الحملة الدعائية لداعش: تشجع الفلسطينيين على تنفيذ عمليات الطعن الفردي». وضمن الوثائق التي يقدّمها التقرير، ملصقٌ إعلاني يقترح طرقاً متنوعة للتنكيل باليهود، منها النحر والحرق بالمولوتوف أو دسّ السم المُصنّع في الطعام أو الدعس بالسيارة. وفي موضعٍ آخر من التقرير، يستعرض المعهد مضمون ما يزيد عن عشرة فيديوات بثها «داعش» من أماكن متفرقة في العراق وسوريا في الآونة الأخيرة. تحض تلك التسجيلات الفلسطينيين على الجهاد حتى تحرير الأقصى، وكلّها مترجمة إلى اللغة الإنكليزية. على سبيل المثال، يحمل أحد التسجيلات عنوان: «رسالة إلى الجهاديين في بيت المقدس». وفي الشريط يهنئ أحد المجاهدين الفلسطينيين على عمليات الطعن الجديدة بحق الإسرائيليين، ويحثهم على زرع الخوف في قلوبهم، وجعلهم جثثاً هامدة. يأتي التركيز على هذا النوع من الفيديوات في سياق محاولات المطابقة بين تنظيم إرهابي كـ «داعش»، وبين المناضلين الفلسطينيين، لتبدو الهبّة الفلسطينية وعمليات الطعن استجابة لدعوات «داعش».

تلك ليست المنظمات الوحيدة التي تعمل لخدمة إسرائيل، فهناك أيضاً مشاريع رديفة مثل «بي بي سي وتش» التي ترصد، لسخرية القدر، انتهاكات «بي بي سي بحقّ إسرائيل».

قبل أيام عدة، نشر القائمون على مشروع «بي بي سي وتش» تقريراً (26/10) يهلل لعضو الكنيست يائير لبيد الذي هاجم مذيع القناة ستيفين ساكر، واتهمه بتجنب طرح الأسئلة الصعبة على ممثلي الطرف الفلسطيني في برنامجه. يؤكد القائمون على المشروع أن رصد برنامج ساكر على «بي بي سي» يثبت صحّة اتهام عضو الكنيست، ويدين المذيع المذنب بالتعاطف الضمني مع الفلسطينيين، ليكون هذا الاتهام غيضاً من فيض الاتهامات الموجّهة للقناة. فوسائل الإعلام الغربية، في نظر اليمين المتطرف الذي يحرّك مراكز الدراسات المذكورة، متهمة بأنها «لم تفعل ما يكفي لخدمة إسرائيل».

في ظلّ التوازنات الدولية الجديدة التي تتنبّأ باحتمالات تحقيق مكاسب سياسية حقيقية للفلسطينيين، سيكون أمام لجنة «كاميرا» ومعهد «ميمري» الكثير من العمل. فالمعاهد المماثلة ستكد ليل نهار لأرشفة وتوثيق الاتجاه المتعاظم والرافض لـ «إسرائيل» عالمياً، والذي سيظهر شيئاً فشيئاً في نشرات أخبار القنوات الغربية وتقاريرها.

نور أبو فرّاج

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.