تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

جورج قرداحي: في رثاء الإعلام بعد «الربيع العربي»

مصدر الصورة
السفير

قلب برنامج «من سيربح المليون» المقاييس حين عرض للمرة الأولى بنسخته العربيّة عبر قناة «أم بي سي» في العام 2000. حقّق البرنامج نجاحاً جماهيرياً واسعاً على امتداد الوطن العربي، وقيل الكثير عن سبب ذلك النجاح. إلّا أنّ النقّاد والمشاهدين أجمعوا على أنّ تميمة حظ البرنامج تمثّلت بمقدّمه الإعلامي القدير جورج قرداحي. انتقل البرنامج اليوم إلى شاشة «أو أس أن» حيث عرضه الشهر الماضي. وبدلاً عن المليون في النسخة الأولى، يحظى الفائز بالنسخة الجديدة بمليونين في حال الإجابة عن خمسة عشر سؤالاً بشكل صحيح.

يقول قرداحي إنّ عودة البرنامج إلى الشاشة ناتجة من كون «مَن سيربح المليون» يتخطّى الزمن ويجمع الكثير من الصفات التي تخوّله أن يكون برنامجاً ثقافياً دائماً لكل الفصول وعلى مرّ السنوات. يقول: «لطالما طالب الناس بعودته، هناك عناصر تشويق عدّة في البرنامج وهو حائز جماهيرية كبيرة»، مؤكّداً أنّ عودة البرنامج هي بمثابة تجديد الثقة به من قبل «أو أس أن» التي اشترت حقوق البرنامج. «هي أيضاً تأكيد على النجاحات التي قدّمتها خلال الخمس عشرة سنة الأخيرة، فضلاً عن أنّه لم يستطع أي برنامج مسابقات منافسته على مر هذه السنوات».

بجانب انطلاق «من سيربح المليون»، يعمل قرداحي حاليّاً على برنامج «أهل القمّة» الذي حكي عنه الكثير ولم يَرَ النور حتى اليوم. يقول: «هذا مشروع «أو أس أن» ايضاً، ونحن حالياً نعمل عليه ليصير جاهزاً للعرض، خصوصاً أنّ صيغته جاهزة، لكنه يحتاج إلى هدوء في الأوضاع العامة ليصار إلى السير قدماً فيه، فلوائح الضيوف جاهزة، والمحطة أجلّت تنفيذه بسبب الأوضاع فقط لا غير، لا سيما أنّ من بين الضيوف أهل قمّة في السياسة، العلم، الاقتصاد، والفنون، وهم عرب وأجانب ومن الممكن استضافة رؤساء دول». وعن برنامج «المسامح كريم» يقول قرداحي إنّ البرنامج مستمرّ في موسمه الرابع الذي سيصوّر قريباً «يعنيني جداً هذا البرنامج في بعده الاجتماعي وتعنيني المساهمة في إجراء المصالحات».

نسأل قرداحي عن واقع الإعلام الحالي فيجيب «رثيت الإعلام منذ بدء ما سمّي بالربيع العربي، لأنّ الإعلام خيّب أملي، وقد وجدنا أنّ محطات الرأي والرأي الآخر دخلت في زواريب السياسة بشكل غير موضوعي، وكلّ محطة تدعم وبخفّة مخجلة وسطحيّة وابتذال ولا مهنيّة شريحة ضدّ الأخرى بعيداً عن الحقيقة وتجييشاً للعصبيات والمذهبيات. هذا على صعيد الأخبار والبرامج السياسيَّة، أمّا بالنسبة إلى أنواع البرامج الأخرى ففيها ما هو مخجل، وفيها ما يشكّل اعتداء سافراً على المشاهدين. بات ما أراه عبر الشاشات يزيدني حزناً وأسفاً على الوضع الذي وصل إليه الإعلام في العالم العربي، ولكن هذا لا ينطبق بشكل عام على الصحافة المكتوبة التي جهدت بعض منابرها في الحفاظ على كرامتها، أمّا الإعلام المرئي فهو الكارثة بحد ذاتها، وبما أنّ الإعلام مرآة المجتمع فعلينا إصلاح مجتمعاتنا، وهذا لن يكون قبل أن يكون الاستقرار هو المدماك الأساس في المجتمع وقبل أن تتحرّر وسائل الإعلام من استئثار القوى السياسية بها».

بدأ قرداحي حياته المهنيّة مراسلاً للأخبار في «تلفزيون لبنان» ثم استلم مهمّتي تحرير وتقديم الأخبار وصولاً إلى تبوّئه مناصب إدارية عدّة في إذاعات عربية وعالميّة. هو عاشق للسياسة، وقد أعلن عن إمكانيّة ترشّحه للانتخابات النيابيّة أكثر من مرة. يقول إنّ مهنته دفعته إلى أن يكون قريباً من المواضيع السياسية العربية، «أمّا اليوم فالسياسة تشعرني بالاشمئزاز، لذلك لا يعنيني تقديم برنامج حواري سياسي بالمعنى المتعارف عليه».

هاجس قرداحي هو الاستمراريَّة في مجال الإعلام. «مهنتي هي الإعلام ومن خلالها أحبّني الناس وصدقّوني ولا أفكّر في أيّ منصب سياسي، أمّا في حال عرض عليّ منصب ووجدت أنني أستطيع أن أخدم الناس فيه فأنا موجود. لا أريد الوجاهة من خلال منصب سياسي، فالوجاهة موجودة لديّ من خلال الإعلام، ولا طموح لديّ في هذا المجال. جلّ ما أطمح إليه هو صناعة وطن قابل للحياة فيه بكرامة وحريّة من دون تفرقة، ويمكننا صناعة وطن مهما كانت مهنتنا».

يرى قرداحي أنّ عدم عمله في الصحافة المكتوبة يعود إلى الكسل فقط لا غير، مع أنّ الصحافة المكتوبة هي الأبقى والأعمق. «أركّز وقتي على متطلّبات عملي التلفزيوني، والنشاطات التي ترافق عملي، لكنني أعلن جهوزيتي للعمل في أي صحيفة مرموقة ومحترمة في حال عرض عليّ». يستذكر قرداحي كتابته الشعرية وهو على مقاعد الدراسة. «توقّفت عن كتابة الشعر وبتّ أستمتع بقراءة الشعر أكثر من كتابته، وأقدّر كلّ أنواع الكتابات وأعجب بالأفكار المنظّمة للكتّاب وبأساليبهم. وعن مشروعه المقبل يقول: «هناك فكرة كتاب عن قصتي مع المليون يجب أن يبدأ العمل عليها لترى النور».

وعن تعيينه سفيرًا للشرق الأوسط في حملة شرطة الإنتربول الدولية لمكافحة الجريمة المنظّمة، يقول قرداحي إن المنصب فخري ويتضمّن المشاركة في نشاطات ترمي إلى رفع الوعي العام حول مختلف تشعّبات الجريمة المنظمة، من تجارة المخدرات والاتجار بالبشر والتزوير وجرائم الانترنت، إلى الخطف والجرائم في حق الأطفال والفساد في مجال الرياضة. كلّها جرائم غالباً ما تكون متصلة في ما بينها، ومنها ما يستخدم في تمويل أنشطة إجرامية أخرى. يُذكر أن قرداحي أول عربيّ يعيّن في هذا المنصب، وتضمّ حملة الإنتربول التي سُمِّيت «القضاء على الجريمة» إلى جانب قرداحي، فرناندو ألونسو وكيمي رايكونين بطلَي سباقات الفورمولا وان، والممثلين شاه روخ خان من الهند وجاكي شان من هونغ كونغ، ولاعب كرة القدم الأرجنتيني ليونيل ميسي، ونادي «يوفنتوس» الإيطالي.

يختم قرداحي حديثه بمجموعة من الأماني على رأسها أن يصبح لبنان دولة، وأن تنتظم فيه الحياة السياسيّة بشكل يضمن حقوق المواطنين بعيداً عن أيّ منفعة شخصيّة لأي سياسي، وأن تنتهي الحرب في سوريا وأن تبقى البوصلة الأساسية فلسطين.

فاتن حموي

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.