تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الاحتلال لا تروقه الحقيقة: حملة إسرائيليّة شرسة على الإعلام الفلسطيني

مصدر الصورة
السفير

بعد ساعات من اقتحام قوّات الاحتلال الإسرائيليّ مقرّ قناة «فلسطين اليوم» في مدينة البيرة (الضفة الغربيّة)، أدرك الجميع أنَّ «إسرائيل» بدأت حرباً جديدة ضدّ الإعلام الفلسطيني. تبع اقتحام القناة محاولات حثيثة لإغلاق قناة «الأقصى»، ووقف بثّها الفضائي، إضافة إلى اعتقال عدد من الصحافيين.

نتنياهو: الحملة مستمرّة

فجر يوم الجمعة الماضي، اقتحمت قوّات الاحتلال مقرّ «فلسطين اليوم»، ودمّرت ممتلكاتها، وصادرت معدّاتها، واعتقلت مديرها فاروق عليات، واثنين من صحافييها. جاء ذلك تنفيذاً لأمر من الجيش بتعليق عمل القناة وإقفال مكتبها بحجّة «التحريض على العنف». واقتحمت قوّات الاحتلال أيضاً منزل عليات في رام الله، وخرّبت محتواه في حملة تفتيش واسعة. تواصلت الهجمة حتّى صباح أمس الأحد، إذ اعتقل الاحتلال الصحافي إبراهيم جرادات، ليكون المعتقل الثالث من «فلسطين اليوم» خلال أيّام.

لم يكن اقتحام «فلسطين اليوم» مفاجئًا، إذ جاء بعد ساعاتٍ قليلة من اتخاذ المجلس الوزاري الإسرائيليّ المصغّر مجموعة قرارات عاجلة، تصدّرها قرارٌ بوقف وسائل الإعلام الفلسطينيّة «التي «تحرّض» ضدّ الجيش والمستوطنين»، حسب قوله. في هذا الإطار، أوقفت شركة «يوتل سات» الفرنسيّة بثّ قناة «الأقصى» الفضائيّة التابعة لحركة «حماس» بعد ساعات من اقتحام «فلسطين اليوم». وقال مدير «الأقصى» عماد زقّوت، عبر صفحته على «فايسبوك»، إنّ تهديدات الشركة الفرنسية بحجب القناة زادت خلال الأسبوع الماضي، بحجة «التحريض على قتل اليهود». عادت «الأقصى» بعد ساعاتٍ قليلة للبثّ، بشعارٍ جديد، فيما أكَّدت «يوتل سات» أنّها ستوقف بثّ القناة مرّةً أخرى، عقب اتصالٍ هاتفي من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند. كما أكّد نتنياهو في تصريحات أمس، استمرار العمل لوقف القنوات الفلسطينية التي اتهمها بـ«التشجيع على قتل الإسرائيليين».

استنكرت الجهات والتنظيمات الفلسطينيّة كافّة اقتحام «فلسطين اليوم» التابعة لـ «حركة الجهاد الإسلامي»، وعدّت الأمر محاولة لتمرير الجرائم بصمت، في ظلّ مساهمة القناة بفضح السياسة الإسرائيلية، وجرائم جيش الاحتلال. كما أعلن مئات الصحافيين في كافّة القنوات والوكالات الفلسطينيّة، عن تضامنهم مع القناة، وفي مقدّمتهم العاملون في قناة «الأقصى»، وعدد من الإذاعات المحليّة.

التهمة «تحريض»

يقول المراسل في «فلسطين اليوم» يوسف أبو كويك لـ «السفير» إنّ اقتحام المكاتب لم يكن مفاجئاً، خصوصاً أنّ «الاحتلال يوقف منذ بدء الانتفاضة الوسائل الإعلاميّة والإذاعات الفلسطينيّة، تحت ذريعة التحريض، في تهمة توجّه إلى كلّ فلسطيني يفضح الجرائم الإسرائيلية بحقّ الفلسطينيين».

لم يسعَ الإعلام الفلسطيني منذ بدء الانتفاضة مطلع تشرين الأوّل، ليكون مجرّد ناقلٍ للخبر، إنّما نجح في دحض الرواية الإسرائيلية للأحداث، كما يرى أبو كويك. سبب الهجمة الحاليّة برأيه هي أنّ «الاحتلال لا تروقه الحقيقة»، مشيراً إلى عدد من الاستهدافات الإسرائيليّة للصحافيين، منها اعتقال مراسل «فلسطين اليوم» مجاهد السعدي، تحت بند الاعتقال الإداري، منذ أشهر، إضافةً إلى مراسل قناة «المجد» محمّد القيق الذي كان أضرب عن الطعام احتجاجاً.

يقول الصحافي رمزي أبو جزر، أحد العاملين في «فلسطين اليوم»، في اتصالٍ مع «السفير»: «يظنّ الاحتلال أنّه من خلال إغلاق مكتب القناة سيغيّب الحقيقة، لكن بات هناك وسائط عدّة لبثّ صور الانتفاضة. «فلسطين اليوم» انحازت لقضايا شعبها، والاحتلال يريد أن يحاكمنا بتهمة الإرهاب ويشرعن قراراته ضدّ الفلسطينيين». ويؤكّد أبو جزر أنّ الصحافي الفلسطيني «سيبقى حاضرًا في خطّ المواجهة، أمام الاحتلال الإسرائيلي، لأنّ هذه هي مهمة الإعلام المقاوم».

من جهته يلفت يوسف أبو كويك إلى أنّ غالبيّة الصور التي نُقلت منذ بدء الانتفاضة، التقطت بواسطة الهواتف الحديثة، لذلك «فإنّ تكسير الكاميرات وإغلاق المكاتب، لن يُبعد العالم والمواطن عن الحدث، ولن يغيّب الجرائم بحقّ الفلسطينيين». ويضيف: «في الحرب الأخيرة على قطاع غزّة، كانت كافة مقرّات القناة خالية تحسّبًا لأيّ قصف، لكن رغم ذلك فإنّ البث لم يتوقّف لحظةً واحدة، وكانت تبثّ الصورة من غزّة أوّلًا بأوّل».

سياسة إفلاس

بعد ساعاتٍ من اقتحام قناة «فلسطين اليوم»، فوجئ الإسرائيليّون، بتوقُّف بثّ القناة العبرية الثانية، إذ انقلب البث إلى عرض صورٍ من عمليات الشبّان الفلسطينيين، بجانب عبارات تدعم «انتفاضة القدس»، وتدعو الإسرائيليين للخروج من فلسطين.

الحملة الإسرائيليّة المستجدّة ضدّ القنوات الفلسطينيّة، ليست الأولى، فمنذ بدء الانتفاضة شهدت بعض الإذاعات اقتحام وإغلاق مكاتبها من قبل جيش الاحتلال. وقد هاجمت القوّات الإسرائيلية إذاعة «منبر الحرية»، مطلع شهر تشرين الثاني الماضي، في مدينة الخليل، وإذاعة «الخليل» المحليّة أواخر الشهر نفسه، وعاثت بمكاتبهما خرابًا، ودمّرت ممتلكاتهما ومصادرة بعضها، وعلّقت إخطاراتٍ بوقف العمل فيهما.

لكنّ الحملة الأخيرة التي بدأت يوم الجمعة، ويبدو أنّها مستمرّة، تتميّز بشراستها، إذ أنّها لم تكن مجرّد قرارات عسكريّة من قبل قيادة الجيش، إنما جاءت بعد إعلانٍ سياسيّ من قبل الحكومة الإسرائيلية، في اجتماعها الأربعاء الماضي. ذلك ما يصفه البعض بـ«الإفلاس الإسرائيلي»، بعد فشل الاحتلال في وقف عمليّات الطعن، ما يدفعه لمحاولة تحقيق انتصارات وهميّة على جبهة الإعلام، مع انتشار صور الجرائم الإسرائيلية على أوسع نطاق، عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ، ومبادرات الإعلام الشعبيّ.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.