تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الكذبة الأكثر استمراراً..!

مصدر الصورة
البعث

“الماركات هي أكبر كذبة تسويقية صنعها الأذكياء لسرقة الأغنياء، فصدّقها الفقراء”..!.

تلخّص هذه القاعدة المستنبطة من علمي النفس والتسويق، قشور المجتمع المزيفة والمتصلة بأوهام البريستيج وحبّ الظهور، ولعل مقتضيات المرحلة تقتضي كتابة هذه القاعدة بماء الذهب وإبرازها إعلامياً، في بلد أُتخمَ بالمتناقضات..!.

ففي الوقت الذي بات فيه اقتصادنا بأمس الحاجة إلى القطع الأجنبي وتأمين أسس وأولويات المعيشة اليومية، يتسابق هواة البزنس الصوري من دعاة الاستيراد إلى المناداة بتغذية أسواقنا بمنتجات ذات أبعاد كمالية تفتح المجال لماركات عالمية تغوي “المستقرطين من الفقراء” أكثر من الأرستقراطيين الفعليين..!.

تحضرنا في هذا السياق حادثة حصلت قبل الأزمة مع أحد مسؤولينا من المطلعين على خفايا تجارنا ومستوردينا، حيث دخل ذلك المسؤول متخفياً إلى أحد المحال التجارية المعنية بتلبية حاجات المستهلكين من طبقة الـVIP، وسأل عن سعر ربطة عنق مستوردة موجودة على واجهة المحل، فأجابه صاحب المحل –آنذاك- بأن سعرها 8000 ليرة سورية..! فطلب منه أن يبيعه 1كغ منها..!، عندها عرف البائع أن المتحدث معه ليس زبوناً تقليدياً بل هو من ذوي الخبرة ومطّلع على حيثيات وتفاصيل التجارة استيراداً وتصديراً، الغائبة تماماً عن زبائنه المعروفين المغرمين بأسماء الماركات المستوردة، والمهووسين بالمنتجات الأجنبية المستوردة، لإرضاء غرورهم أمام جمهور الصالونات وسهرات الخمس نجوم، في ظل تحرّر الأسعار وغياب نظام الفوترة الذي ينظم تداول السلع والمنتجات المحلية منها والمستوردة.

وللتوضيح نبيّن أن هذا النوع من ربطات العنق الذي لا يضاهي كثيراً المُصنّع محلياً –إن لم نقل يوازيه- يستورد بالكيلوغرام وليس بالقطعة، ومبيع القطعة منه بسعر 500 ليرة سورية للمستهلك –في ذلك الوقت- يحقق هامش ربح ليس بالقليل لبائع المفرق، فما بالك بتاجر الجملة والمستورد، مع العلم أن نظيره المحلي المصنّف بعالي الجودة كان يتراوح سعره بين 300 – 500 ليرة، مع الإشارة هنا إلى أن مفهوم “الكغ” ما زال مستمراً..!.

رغم أن أسعار المنتجات والماركات البرّاقة تصل إلى أضعاف مضاعفة مقابل نظيرتها السورية ذات المواصفات الجيدة نجد أنها المفضلة لدى بعض شرائح المجتمع السوري، ومردّ ذلك عدم قدرة المنتجين السوريين على إقناع المستهلك المحلي بجودة منتجه أولاً، وانجذاب المستهلك ثانياً –وخاصة النساء اللواتي لا يمتلكن القدرة على اقتناء المستورد- وراء كل ما يروّج له خارجياً رغبة منه بالوصول إلى مستوى من البريستيج الاجتماعي ولو على حساب ثقافة الادخار المشهودة للمواطن السوري.

ربما كان من المقبول أن تحوي أسواقنا ماركات عالمية زمن الرخاء الاقتصادي، أما الآن فنعتقد لدرجة الجزم أنها جريمة اقتصادية بامتياز، وخاصة إن كان لها نظير محلي كالألبسة، ولا نرى ضيراً بسنّ قانون صارم بهذا الخصوص، إن كنّا فعلاً نصبو إلى تحقيق مؤشرات تنموية..!.

حسن النابلسي

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.