تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

بانتظار ما يلوح بالأفق..!

مصدر الصورة
البعث

ثمّة حراك ملحوظ يدور ضمن أروقة وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية على عدة مستويات وفي معظم مفاصلها، ما يرفع منسوب التفاؤل لدينا باتجاه القول: إن شيئاً ما يلوح في الأفق، وتحديداً ضمن سياقين أساسيين.

الأول له علاقة بتحريك عجلة الإنتاج من خلال العمل على تفعيل الصادرات، ولعل التصريحات الأخيرة الصادرة عن الوزارة بهذا الخصوص تنبئ بتحوّل –لن نقول مفصلي وحاد- ولكن قد يكون –على أقل تقدير- ملحوظاً من جهة زيادة حجم الصادرات ولو نسبياً، ولعل تعهّد هيئة تنمية ودعم الإنتاج المحلي والصادرات، بتصدير ألف طن من المنتجات الزراعية يومياً إلى روسيا خلال الأشهر القليلة القادمة، يندرج ضمن إطار هذا الحراك.

وكذلك توجّه الهيئة نحو اصطفاء الشركات السورية الجادة بالتصدير للمشاركة في معرض دبي للصناعات الغذائية Gul food، يعني بشكل أو بآخر المراهنة على اتساع دائرة التصدير لأن هذا المعرض هو أكبر معرض سنوي على مستوى العالم للأغذية والضيافة، حيث تتلاقى النكهات العالمية معاً للشركات الرائدة على مستوى العالم، ويتوقع أن تكون قيمة العقود المبرمة فيه كبيرة جداً، وبالتالي على المشارك أن يكون بالفعل منتجاً ومصدّراً في آن معاً.

ويتمحور السياق الثاني حول العمل على إعطاء زخم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ولعل ما تدأب عليه الوزارة من دراسة واقع هذه المشروعات في قطاعي المفروشات والزراعة، وإجراء مسح وتقييم للاحتياجات ودراسة الصعوبات التي تعترضها ووضع المقترحات اللازمة كخطوة تمهيدية للبدء باتخاذ الإجراءات المناسبة، يبشّر بانطلاقة مدروسة لهذه المكونات، التي تعتبر بمنزلة الشرايين الحقيقية لاقتصادنا الوطني.

سبق أن واجهت الوزارة انتقادات كثيرة خلال سنوات الأزمة الفائتة، يتمحور مجملها حول عدم تأثيرها في المشهد الاقتصادي تارة، وغيابها كلاعب أساسي كفيل بتوجيه بوصلة الاقتصاد إلى بر الأمان تارة أخرى، ومردّ هذه الانتقادات ينبع من أن الوزارة هي سيدة الوزارات الاقتصادية بامتياز، وربان السفينة المعنيّ بالخلاص من أمواج العقوبات وتوقف أو تراجع عمليات الإنتاج المحلية…!.

ورغم تبريرات بعضهم لغياب الوزارة وانكفائها إلى النسق الثاني كلاعب أساسي -وفق تعبيرهم– ليترك المجال واسعاً أمام التجار وتسليمهم دفة القيادة بتغذية السوق المحلية بالسلع والمواد الأساسية، وبأن مردّ هذا الغياب هو تجريد الوزارة من أدوات كانت تمكّنها في العقود السابقة من رسم الخطوط الرئيسة لملامح اقتصادنا الوطني مثل (المصارف – هيئة التخطيط والتعاون الدولي – الإشراف على مجلس النقد والتسليف) لتبقى الوزارة معنية بأحكام التجارة الخارجية ممثلة بالمؤسسة العامة للتجارة الخارجية إلى جانب بعض المؤسسات غير الاستراتيجية وغير المؤثرة، إلا أن هذه التبريرات لم تغفر للوزارة غيابها الجزئي عن المشهد وبقيت محطّ انتقاد..!.

نعتقد أن الوزارة اليوم تحاول استعادة المبادرة وإعادة التوازن للعملية الإنتاجية، ولكي تحصل على الزخم المطلوب بعملها وتكمل بالتالي سلسلة حلقات العملية الإنتاجية وصولاً إلى التصدير، ما يخوّلها بالفعل أن تكون اللاعب الأساسي في رسم السياسات الاقتصادية الاستراتيجية، لابد لها من تفعيل ما بقي لديها من أدوات وعلى رأسها المؤسسة العامة للتجارة الخارجية، بحيث تكون اللاعب الأول في السوق من جهة تأمين المواد والسلع الأساسية، بمعنى أن تأخذ دور التاجر الوطني بامتياز.

حسن النابلسي

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.