تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الدور الموجود.. أم المطلوب..؟!

مصدر الصورة
البعث

لم يعُد عالم المال والأعمال يحكم الاقتصاد، بل أصبح عالم الإعلام يبزّه ويفوقه هيمنة وفقاً لرأي مختصين من كلا الجانبين، نظراً للدور الرئيس الذي أضحى يتمتع به الأخير في تقدم الاقتصاد العالمي والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة.

قد يستغرب الكثير ذلك، لكننا نؤكد أن هذا ليس ادعاء وإنما حقيقة تؤكدها زيادة الاهتمام بالإعلام ودوره المؤثر والفاعل في صيرورة العلاقات الاقتصادية.

ولا أدل على ذلك من ازدياد المؤتمرات التي تحمل العديد من العناوين الصريحة في بيانها للمكانة التي وصل إليها الإعلام عبر ما يعوّل عليه من دور، ومنها مؤخراً مؤتمر تحت عنوان “دور الإعلام في تنمية الاقتصاد العربي” لمجابهة التحديات الواقعة على المنطقة وتعزيز شراكة الإعلام والاقتصاد.

هذا على الصعيد الكلي العربي، أما على الصعيد الجزئي المحلي، فتمثل بتلك اللفتة الذكية لغرفة تجارة دمشق التي خصّصت اليوم وضمن فعاليات أربعائها ندوة حول “دور الإعلام في تطوير العمل الاقتصادي”.

دور ليس من فراغ، لكن من تجارب وخبرات ونتائج دول متقدمة سبقتنا سنين “ضوئية” في فهمها للحراك الاقتصادي والمجتمعي والعلاقة بينهما والعوامل المؤثرة في صياغتهما وبالتالي في توجهاتهما داخلياً وخارجياً. ولعل ما شهدته منطقتنا العربية في نهايات العقد الأول من هذا القرن خير شاهد، فالأحداث الأخيرة من الأزمات “الربيع العربي”، انعكست بشكل كبير على اقتصادات دول المنطقة ما أدّى إلى تردّي نمو الاقتصاد. ولو أخذنا العراق وسورية أنموذجاً، لأدركنا أنه ونتيجة الإرهاب الذي يواجهانه دمّرت البنية التحتية، إذ بات اقتصاد الأولى أحادي الجانب يعتمد على سوق النفط، والثانية ورغم تنوّع اقتصادها، أصبح يعاني مشكلات عديدة ما تسبّب في عرقلة العملية التنموية، وهذا دليل على أن الحروب التي يمران بها هدفها استنزاف الاقتصاد الوطني وبالمحصلة العربي.

من هنا يأتي دور الإعلام باعتباره السلطة الرابعة، ليؤثر في عملية صنع القرار بكل أشكاله والتعريف بالتحديات التي تواجه عملية التنمية وخاصة مشكلة الفساد الإداري والمالي، كما العمل على تحديد عناصر القوة والضعف ووضع استراتيجيات تنموية شاملة تخاطب الرأي العام بهدف إقناعه بالمشاركة الإيجابية في عملية التنمية والإصلاح الاقتصادي.

ولو تطلعنا إلى ثورة الاتصالات والإعلام الاقتصادي والاجتماعي، فسنجد أنها أصبحت أحد أبرز مظاهر الإعلام الجديد الذي أنتجته وساعدت على ظهوره شبكة الانترنت، فهذا الإعلام أسهم في تطور الاقتصاد الإلكتروني وزيادة التجارة البينية عن طريق وسائل الإعلام الاجتماعية.

لذا لا بد من تأكيد أهمية تطوير مبادئ الإعلام والاقتصاد خدمة لمصالح المجتمع واقتصاداته من خلال الوصول إلى إعلام متميز في تخصصه ودوره وتأثيره، ولأجل ذلك لابد من مساحة للحرية في الحصول على المعلومة للإعلام من أجل استكمال رسالته خدمة لقضايا الوطن، وهذا ما يستدعي تدريب كوادر إعلامية متخصصة في الإعلام الاقتصادي، ووضع تشريعات عصرية تخدم هذا النوع من الإعلام.

إن العالم اليوم يعتمد في تطوّر اقتصاده على قدر الصورة الإعلامية التي تتشكل في أذهان المجتمعات، وهذا ما يعكس أهمية الإعلام والاقتصاد، ولبناء إعلام اقتصادي تنموي صالح يجب العمل على نشر الثقافة الاقتصادية والتنمية في المجتمع، وإيجاد استراتيجية مهنية واضحة تقوم على أسس البحث العلمي في التحليل والاستقراء وتدفق المعلومات بشفافية واضحة، كي يكون للاقتصاد وزنه الإعلامي والعكس صحيح.

هامش: كنا تناولنا هنا زاوية بعنوان: “حين يتحالف إعلامنا ومالنا..” واليوم نؤكد في سياق مبادرة “تجارة دمشق” ضرورة تحالف الإعلام والاقتصاد خدمة للوطن والمواطن.

قسيم دحدل

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.