تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

متى نشهد انخفاضاً في أسعار السلع وتحسناً في جيب المواطن؟! تسعير سعر الصرف بـ435 ليرة في موازنة 2019 وإقبال الأردنيين على الليرة يرفع أسهم عملتنا المحلية....

مصدر الصورة
تشرين

يشهد سعر صرف الليرة استقراراً نسبياً، مع تقلبات طفيفة لصالحها أحياناً وأخرى لصالح الدولار حسب تطورات الأوضاع القائمة وتبدلات السوق، لكن تسعير سعر الصرف في موازنة عام 2019 بـ435 ليرة بعد أن كان في موازنة العام الحالي بـ500 ليرة، إضافة إلى إقبال الأردنيين على الليرة السورية بعد فتح معبر نصيب، بهدف شراء المنتجات على اختلاف أنواعها من الأسواق المحلية، شكلا حالة من التفاؤل عند السوريين، لعل ذلك يسهم في تحسين وضع ليرتهم واسترداد بعض قوتها رغم أن الطلب المفاجئ، الذي يمكن عدّه «فورة» بعد إغلاق المعبر لعدة سنوات وخنق الاقتصاد الأردني أكثر منه السوري، قد لا يكون ذا تأثير كبير في الليرة السورية حالياً, وخاصة أن حجم الأموال المصرفة لا يشكل رقماً كبيراً قياساً بحجم الاقتصاد السوري، لكنه يشكل نقطة إيجابية في مسيرة استرجاع الليرة قيمتها وخاصة في ظل تحسن الظروف الاقتصادية عموماً وعكس ذلك ولو على نحو تأشيري في موازنة العام القادم، لكن يبقى التحدي الأكبر في تخفيض الأسعار على نحو يحقق بعض الرضا المعيشي للمواطن.
ما الجدوى؟!
لا يمكن نكران أن حال الليرة السورية طرأ عليه بعض التحسن قياساً في فترات سابقة، علماً أن الاستقرار والابتعاد عن التذبذب يعدان مؤشراً هاماً لطالما طالب بها أهل التجارة والصناعة والتصدير والاقتصاد، وعموماً يتوقع حصول انفراجات مرتقبة على وضعها بعد بدء تحسن الأوضاع الاقتصادية، لكن الملاحظ عدم عكس هذا التطور الإيجابي على حال الأسواق عبر تخفيض الأسعار، الذي ينتظره المواطنون بفارغ الصبر، ما يقلل من أهمية زيادة أسهمها, كما يرغب كل سوري بسبب عدم انعكاس هذه الفائدة على جيوبهم، فما الجدوى من انخفاض سعر الصرف إذا بقيت قوتهم الشرائية على حالها وخاصة في ظل استمرار مسلسل الغلاء المتواصل؟.
نظرة تفاؤلية!
زيادة الطلب على الليرة السورية في السوق الأردنية وتسعير سعر الصرف في موازنة 2019 بـ435 ليرة نظر إليه الخبراء الاقتصاديون بعين واقعية وتفاؤلية في الوقت ذاته، لكن في المقابل لا يمكن تجاهل حالة التغير غير المنطقي في الأسعار صعوداً، وتهريب بعض السلع وخاصة المدعومة بشكل زاد همّ المواطن المعيشي هماً، أمر لا يجده الباحث الاقتصادي د.عابد فضلية ذا تأثير كبير ويكاد لا يلحظ تداعياته على واقع السوق، وخاصة إذا نظر للأمر من ناحية انعكاسه مستقبلاً على الاقتصاد المحلي، نافياً وجود ارتفاع في الأسعار، وخاصة أنه ليس تضخمياً وإنما سببه زيادة الطلب على السلع سواء من الجانب الأردني أو تجهيزها للتصدير إلى الأردن بعد فتح معبر نصيب، معتبراً أن زيادة السلع عشر ليرات ليست مسألة كبيرة مادامت هناك فائدة على الاقتصاد المحلي ككل عبر زيادة القطع الأجنبي، الذي سيشهد تحسنا ًعلى المدى المتوسط والطويل بشكل ينعكس لاحقاً على المواطن، وخاصة أن فتح معبر نصيب دليل تعافٍ وانعكاس إيجابي على اقتصاد البلدين، حيث يعطي فتحه مؤشراً على عودة الأمور إلى ماكنت عليه قبل الحرب.
وأكد فضلية أن الطلب على الليرة من قبل الأردنيين لا يشكل رقماً كبيراً ليكون له تأثير ملحوظ عليها، علماً أن الأردنيين عند شرائهم الليرة سيضخونها في السوق عبر شراء السلع من السوريين، لكن عموماً ربط معبر نصيب بقيمة الليرة ربطاً عاماً، فلا تأثير على الليرة لكنّ هناك تأثيراً إيجابياً على الاقتصاد، أقله تأكيده على أن الأمور بدأت ترجع إلى طبيعتها تدريجياً، مشدداً على أن سعر الصرف حالياً يعد سعراً توازنياً مع توقعات بانخفاضه خلال العام القادم وخاصة بعد اعتماد سعر 435 ليرة في الموازنة، الذي يعد سعراً تأشيرياً ينظر إليه بحالة من التفاؤل يمكن عكسه على أرض الواقع في وقت لاحق.

تساؤلات منطقية!
تحاول الباحثة الاقتصادية د.رشا سيروب النظر إلى الأمر من زاوية اقتصادية بحتة، طارحة عدداً من التساؤلات المحقة والواقعية، حيث أكدت أنه في حال وجود تحسن فعلياً في سعر الصرف لأي اعتبار، ما مدى تأثيره في الأسعار؟ وهل سعر الصرف فعلاً قائم على العرض والطلب؟، وهنا تؤكد أن هذا الكلام غير صحيح، بدليل أنه منذ عامين الأوضاع مستقرة وسعر الصرف لا يتغير، وذلك بسبب عدم خضوعه للاقتصاد وإنما لقرار فقط لا غير. ولفتت سيروب إلى أنه تحت ذريعة تشجيع الصادرات وتأمين القطع الأجنبي يتم التصدير من دون وجود منتجات تكفي حاجة السوق المحلية، كما أن المنتجات المصدرة لا تمتلك الجودة المطلوبة للتصدير، لافتة إلى أن التضخم في أسعار السلع أدى إلى ارتفاع سعر الصرف، حيث ارتفعت السلع أكثر من سعر الصرف، علماً أن عدم انخفاضها سببه عدم وجود منافسة، فلو كانت هناك منافسة حقيقية كان التجار اضطروا إلى تخفيض أسعارها لكن بسبب عدم وجود منافسة ورقابة إدارية وعدم تدخل التجارة الداخلية لتكون منافسة للتجار تستمر أسعار السلع على تعنتها لكون مقومات المنافسة غير موجودة أساساً في أسواقنا، وخاصة أن الاقتصاد المحلي اليوم قائم على التجارة وليس الصناعة، وعلى مقولة «اضرب واهرب»، مشيراً إلى أن من تعود على الأرقام الخيالية الربحية لن يرضى بأرباح هامشية، ولأجل هذا كله تؤكد سيروب أن المواطن لن يشعر بتأثير فتح معبر نصيب في سعر الصرف لأنه ليس خاضعاً للعرض والطلب، لكن سيكون تأثيراً ولو طفيفاً على سعر المنتج المحلي.
قرار مسبق
وتتابع د.سيروب حديثها قائلة: تخفيض سعر الصرف يحدد من مصرف سورية المركزي، لذا لن يكون هناك أي تأثير للمعبر في سعر الصرف، لكن في بداية العام قد نشهد تحسناً في سعر صرف الليرة، بدليل اعتماد سعر 435 ليرة في الموازنة، ما يدل على وجود قرار مسبق على تخفيض سعر الصرف، أي هناك نية للمركزي لتخفيض سعر الصرف، والسبب ليس معبر نصيب وإنما هو قرار واضح ظهر في اعتماد سعر أقل من موازنة العام الفائت، لذا سيكون هناك انخفاض في سعر الصرف في بداية العام.
المعاملة بالمثل اقتصادياً!
ولفتت سيروب إلى نقطة مهمة عند السؤال عن العملة السورية الموجودة في الخارج، عبر التساؤل عن قيمة الأموال بالليرة السورية خارج الحدود، حيث يفترض عدم الاستهانة بهذا الموضوع أبداً، وخاصة أن هناك إشارات استفهام كبيرة حولها، نظراً لوجود كتلة نقدية كبيرة سيكون لها تأثير في سعر الصرف في حال تصريفها داخل الحدود وليس خارجه، مشددة على ضرورة المعاملة بالمثل اقتصادياً مع الدول المجاورة وخاصة أن عدم اتخاذ هذا الإجراء تسبب في ضياع احتياطات كبيرة من القطع الأجنبي.
المراقبة ضرورية!
سيترك فتح معبر نصيب انعكاساً إيجابياً على الليرة خلال الفترة القادمة، حسب الخبير الاقتصادي د.سنان ديب، الذي توقع تحسن سعر صرفها لاحقاً، فعلى الرغم أن التأثير قد لا يكون كبيراً بسبب الاحتفاظ السابق بها لكن لاحقاً ستتأثر أمام الدينار والدولار، فهذا المعبر يعد الرئة الاقتصادية للبنان والأردن، والإقبال الأردني الكبير أثبت أن الأردن كانت محاصرة وليس سورية عبر دخول عشرات الآلاف من الأردنيين، الذين تسوقوا من السوق السورية وخاصة من درعا، ما شكل ضغطاً على بعض السلع، ما يوجب ضبط وتحديد جداول المرور مع وضع رسوم جمركية مقبولة، مشيراً إلى أنه في يوم واحد فقط صرف حوالي ١٠٠ مليون ليرة بعضها صرف والآخر احتفظ به، لذا احتمالية تحسن واقع الليرة مستقبلاً وارد وحتمي. وشدد د.سنان على المؤشرات الاقتصادية الجيدة التي ستنعكس على الاقتصاد المحلي وتحديداً الليرة بعد فتح معبر نصيب لكن ذلك يحتاج أيضاً مراقبة ومتابعة لتسرب البضائع السورية بما لا يشكل ضغطاً أو نقصاً ويقوض أي ارتفاع للأسعار وخاصة لأن الأسعار في سورية أخفض من مثيلاتها في الأردن.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.