تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هل سيزيح المنتج الوطني«المستورد»؟! اهتمام حكومي للحماية والدعم وآراء قاسمها المشترك تقديم المحفزات

مصدر الصورة
تشرين

 

دائرة الاقتصاد:

حقيقة لا يختلف عليها اثنان بشأن أهمية المنتج المحلي في استقرار السوق، من حيث وفرة المواد والسلع من جهة وأسعارها من جهة أخرى, والأهم أن المنتج المحلي يشكل هوية الاقتصاد الوطني التي لا يمكن الاستغناء عنها, ويخطئ من يظن أن فتح باب المنافسة بين المنتج المحلي والمستورد يشكل حالة صحية في عالم الأسواق واستقرارها ينبغي العمل على تحقيقه والاستمرار به مهما كانت محفزات شراء المستورد من رخص في الثمن أو حتى بعض المفارقات في مقومات الجودة, لأن ذلك يشكل عامل ضغط على المنتج المحلي, على اعتبار أن المستورد غالباً ما يلقى الدعم من بلد المصدر, أو أنه يدخل بصورة غير شرعية إلى أسواقنا ويتهرب خلالها من الرسوم والضرائب التي يقدمها المنتج المحلي, وبالتالي هنا المنتج المحلي يفقد أهم مقومات عنصر المنافسة, لأن مقوماتها في كفة المنتج المستورد من ناحية الدعم ومن ثم المهرب والمتهرب من الضرائب والرسوم وبذلك نخسر باتجاهين، الأول منتجنا المحلي وتراجعه في السوق والثاني خسارة خزينة الدولة لمواردها..
والغريب في الأمر أن هناك أصواتاً كثيرة تعالت ترحب بالمستورد ضاربة عرض الحائط بالمنتج المحلي الذي يشكل عنصر استقرار وأماناً للسوق المحلية وخاصة إذا كان يلبي احتياجاتها.
والظروف الحالية التي يمر فيها اقتصادنا اليوم شبيهة بظروف ثمانينيات القرن الماضي الذي تعرض فيها لحصار اقتصادي وعقوبات أشد من الحصار, الأمر الذي فرض العودة إلى الاهتمام أكثر بالمنتج المحلي على اختلافه وتنوعه (الصناعي والزراعي) وتوفير كل أسباب ومقومات الدعم لتطويره وتأهيل مقومات إنتاجه, والحال ذاته اليوم، فالاهتمام بالمنتج المحلي مطلوب كضمانة وطنية لتأمين واستقرار السوق المحلية والاستغناء ما أمكن عن المستورد..
لكن ثمة أسئلة كثيرة تطرح عن قدرة المنتج المحلي على تأمين حاجة السوق المحلية من كل السلع, والاستغناء بصورة كلية عن المنتجات المستوردة في ظل ظروف حصار اقتصادي وعقوبات, وآثار سلبية فرضتها سنوات الحرب والتدمير الممنهج على المكونات الأساسية للاقتصاد الوطني..

تنوع في المستلزمات
وبهذا المجال أكد الدكتور أسامة أبو فخر المدير العام للمؤسسة العامة للصناعات الكيميائية أن القطاع الصناعي بشقيه (العام والخاص) قادر على تأمين حاجة السوق المحلية من المنتجات والسلع الضرورية وخاصة التي تشكل حاجة يومية للمواطنين، وذلك انطلاقاً من هوية الصناعة الوطنية المتنوعة التي في معظمها تعتمد في موادها الأولية ومستلزماتها الإنتاجية على مصادر محلية سواء الزراعي منها أو الحيواني, وحتى الصناعات الأخرى كالكيميائية والهندسية يمكن أن تحقق الاستقرار للسوق المحلية وتأمين متطلباتها من السلع الضرورية, انطلاقاً من تنوع المصادر ومقومات الإنتاج وبمواصفات جيدة في أغلب الأحيان وأسعار مناسبة بالقياس للحالة التي تشهدها الأسواق وعدم استقرار أسعارها وتوافر منتجاتها بسبب سنوات الحرب وتدمير معظم النسيج الاجتماعي وخروج آلاف المنشآت والورش الصناعية من ميدان الإنتاج أثر بشكل كبير في وجود المنتج المحلي وحل محله منتجات مستوردة، أغلبها دخلت تهريباً وبطرق غير شرعية والبقية دخلت الأسواق وفق الأصول القانونية, لكن حالة التهريب هي الأغلب في ظاهرة السلع ووجودها في الأسواق وظهور مواد وسلع مهربة متنوعة ومختلفة في المصدر، مستغلين حاجة البلد للسلع الضرورية وانعكاس ذلك سلباً على وجود المنتج المحلي الذي يفتقد لعنصر المنافسة نتيجة ارتفاع الأسعار التي تعود بدورها لزيادة تكاليف مكونات العملية الإنتاجية ومستلزمات الإنتاج التي تدخل التركيبة السلعية, وهذه مسألة لا يمكن تجاهلها أمام المقارنة بما هو مماثل من منتجات مستوردة أم دخلت تهريباً للأسواق.
عودة تدريجية
وشاطره الرأي المدير العام للمؤسسة العامة للصناعات الهندسية أسعد وردة مؤكداً قدرة المنتج المحلي على تغطية حاجة السوق المحلية وخاصة الضروري منها, شريطة عودة المنشآت الصناعية التي دمرت خلال سنوات الأزمة والتي تعرضت لتخريب ممنهج من قبل العصابات الإرهابية المسلحة وداعميها لتخريب هذا النسيج الصناعي بعد استقراره ووصول منتجاته للعديد من دول العالم والتي زاد عددها لأكثر من 80 بلداً نشطت منتجاتنا في أسواقها, ولاسيما المنتجات النسيجية والغذائية, وبالتالي تحقيق ذلك يكون بشكل تدريجي لعودة المنشآت الصناعية الخاصة والعامة لميدان الإنتاج ومن ثم الأسواق.
الأغلبية للمهرب
وأضاف وردة إن الواقع الحالي للصناعة الوطنية لا يسمح لها بتأمين كافة احتياجات السوق المحلية, لذلك نجد في الأسواق الكثير من المنتجات المماثلة منها دخل تهريباً والآخر يدخل بصورة نظامية بشكل مستوردات, إلا أن الأغلب فيها المهرب, مستغلين الحالة الأمنية وحاجة السوق المحلية نتيجة انحسار السلع المحلية بسبب التخريب للمنشآت المنتجة من جهة, وعدم توافر المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج من جهة أخرى, وبالتالي يمكن الخلاص من هذه الظاهرة من خلال تقديم الدعم المطلوب للصناعي المحلي (عام وخاص) سواء على المستوى المادي, أو مستوى الخدمات ومستلزمات الإنتاج والإعفاءات المالية والضريبية التي يمكن تقديمها على المواد الأولية الداخلة في تركيبة المنتج وتقديم التسهيلات اللازمة التي تكفل بقاء المنتج في السوق المحلية والاستغناء عن المستورد بصورة تدريجية ريثما تستكمل دورة الإنتاج الصناعي ودخول كل المنشآت الصناعية المدمرة ميدان الإنتاج, وبهذه الصورة يمكن تأمين البدائل.
الاعتبارات موجودة
لكن علينا الأخذ بالحسبان أن هذا التأمين في ظل الظروف الحالية قد يكون صعباً بعض الشيء وتعيش أسواقنا حالة من النقص في بعض السلع الرئيسية وخاصة في ظل العودة التدريجية للمنشآت والورش الصناعية, وبالتالي لابد من توفير البديل تحت سلطة القوانين التي تسمح باستيرادها بصورة نظامية, ولا نترك السوق مفتوحة أمام السلع المهربة والتي تغزو الأسواق في الوقت الراهن, وتعرض الخزينة العامة لخسارة المليارات من الليرات التي يمكن تحصيلها، في حال دخلت القطر بصورة نظامية, وهذا يستدعي مكافحة التهريب بصورة نهائية, والخطوة الأولى في المكافحة توفير البديل من المنتج المحلي عبر حلقات الدعم التي ينبغي تقديمها للمنتج بصورها المختلفة.
وأضاف وردة: أولى صور الدعم عودة الأيدي الخبيرة المنتجة والفنية إلى العمل وتشجيعها بقصد استثمارها في تطوير المنتج على المستوى الفني والسعري والمواصفة بكل تأكيد, عندها نستطيع تأمين البديل من جهة, والوفرة السلعية من جهة أخرى.
المنتج المحلي موجود
رغم كل الظروف التي تخوضها البلد، ورغم ما لحق من ضرر بالعديد من قطاعات الإنتاج السوري، مازالت سورية قادرة على أن تأكل مما تزرع وتلبس مما تصنع، حسبما أكد لـ«تشرين» مدير مؤسسة الصناعات النسيجية الدكتور نضال عبد الفتاح، وإن الصناعات النسيجية في سورية بقطاعيها العام والخاص، قادرة على تغطية احتياجات السوق المحلية كافة، موضحاً انطلاقة القطاع الخاص بالعمل، وعودة العديد من منشآت القطاع العام نتيجة تعافيها، إذ لا رجوع للوراء، كما أن القطاع العام هو الداعم للقطاع الخاص بتأمين المواد الأولية لإنتاجه على سبيل المثال الغزول القطنية. مضيفاً: إن المادة الأولية المتمثلة بالقطن متوافرة، رغم وجود صعوبة تأمينها، لكن مع تحرير جيشنا المستمر للأراضي الزراعية من الإرهابيين تضاف مساحات زراعية عديدة كل يوم، ما ينعكس بشكل إيجابي على توافر القطن، فقبل الحرب على سورية كان إنتاج القطن 600 ألف طن، واليوم تمت عودة 30% من هذا الإنتاج ولكن المفارقة التي نشهدها هي زيادة الإنتاج التي تُلمس كل يوم بشكل جيد. وعن تحديد الإنتاج في السوق بناءً على تحديد زراعة القطن.
دعم وتنسيق
كما نوه عبد الفتاح بأن التنظيم بين وزارتي الزراعة والموارد المائية، يحدد المساحات المزروعة، مع إدخال وسائل حديثة بالري، ما يساعدنا على المحافظة على زراعتنا وتطويرها، فالقطن يحقق قيمة مضافة تصل لثمانية أضعاف من قيمته. مشدداً على فتح باب التهريب على مصراعيه بحجة عدم توافر المواد الأولية، وهذه حجة واهية، لأنه رغم قلة هذه المادة إلا أن العمل مستمر بشكل كبير وملبٍ لحاجة السوق، إضافة لعودة العديد من المنشآت الصناعية للعمل، والتسهيلات الكبيرة التي قدمتها الدولة للصناعيين للمساهمة في توافر المادة الأولية، من ضمنها الإعفاءات من بعض الرسوم، للقطاعين الخاص والعام. وعن استيراد بعض المواد، بذريعة أنها لا تُنتج محلياً، أكد عبد الفتاح قدرة الاستغناء عن هذه المواد، فهي حجة واهية أيضاً لفتح باب الاستيراد، إذ هناك أولويات في الاستيراد، فمن الصواب منع استيراد 20% من الحاجيات والاعتماد على 80% من الإنتاج المحلي لحماية القطع النقدي وبالتالي دعم منتجاتنا.
انعكاس سلبي
وعند السؤال عن جودة المنتج المحلي، أوضح عبد الفتاح عدم الخلو من بعض المنتجات قليلة الجودة، ولكنها ليست سمة مميزة للمنتج، ولا ذريعة لانتشار التهريب أو الاستيراد. أما ما يتعلق بالانعكاسات السلبية للعقوبات أُحادية الجانب المفروضة على سورية، فشدد د.عبد الفتاح أن هذه العقوبات أرخت أثقالها على القطاع النسيجي كما العديد من القطاعات الأخرى، ولُمس ذلك بشكل كبير. فمن الصعوبة اليوم تصدير موادنا، إضافة لصعوبة الحوالات، والضغط ممارس على القطاع العام بشكل خاص، ورغم ذلك تم تقديم العديد من التسهيلات، والسماح للمصدرين بالاستجرار من الشركات من خلال البيع بالعملة السورية، وحتى إن كانت هناك إمكانية لحوالات بقطع أجنبي فلا مشكلة بذلك، تسهيلاً لعملية بيع المنتج. إضافة للعقوبات على التوريد وتأمين القطع التبديلية، وتأمين المواد الأولية، والمواد اللازمة للعملية الإنتاجية، إضافة للعقوبات على تصدير بعض المنتجات وخصوصاً الغزول، فهي حرب موجودة، وعقوبات فُرضت على الصناعة من أجل التضييق على البلد والمواطن بشكل خاص.
الألق من جديد
وضمن الإطار ذاته أكد رئيس اتحاد الحرفيين ناجي الحضوة عودة تألق القطاع الحرفي، بعودته للسكة الصحيحة بعد إعادة تأهيل معظم منشآت الحرفيين، بدعم من القطاع الحكومي أو بمجهود ذاتي، حيث عاد 75% من ألق هذا القطاع, من دون أن ننسى أن مقومات العمل الأساسية كانت تقدم للقطاع الحرفي أينما كان على امتداد القطر، من خلال توفير حوامل الطاقة للمناطق الصناعية برغم صعوبة ذلك، ودعم هذه المناطق بمبالغ مالية ضخمة. فعمل الحرفيين، حسب رأي الحضوة، يعد الجيش الاقتصادي الداعم لقوة الاقتصاد الوطني، فتمت المواظبة على تحقيق الأمن المهني من خلال تأمين متطلبات السوق من كل المنتجات والخدمات الحرفية. فتوافر المادة الأولية للمنتج الحرفي أو المهني، أدى لتوافر الحرف بكافة أشكالها بكل الأوقات في السوق المحلية، والتوجه اليوم نحو مشاركات بمعارض خارجية لعرض المنتجات الحرفية السورية، سواء كانت تراثية وتقليدية أو منتجات أخرى، وبالتالي كل ذلك يصب في حماية المنتج المحلي وتعزيز وجوده في السوق المحلية بما يلبي أذواق المستهلكين على اختلاف شرائحهم.
ارتياح صناعي
والأمر ذاته عند الصناعيين فحالة الارتياح تبدو واضحة المعالم في الوسط الصناعي لخطوة الحكومة الإيجابية ضد المهربات وإعلان سورية خالية من المهربات بالمطلق خلال العام الحالي، وهو ما يشير إليه المهندس مجد الدين ششمان عضو اتحاد غرف الصناعة السورية وعضو مجلس إدارة غرفة صناعة حلب، الذي بيَّن بدايةً أنه مع سياسة الانفتاح الاقتصادي التي شهدته سورية منذ عام ٢٠٠٠ وحتى عام ٢٠١٠، حيث بدأت المواد والمنتجات الأجنبية تغزو الأسواق المحلية بوفرة، ولكن رافق هذا نمو اقتصادي ملحوظ ونمو في القطاع الصناعي بشكل خاص، ما عزز من دخل الفرد وارتفعت القوة الشرائية للمجتمع بشكل عام، ولكن مع بدء الأزمة والحصار الاقتصادي والعقوبات القسرية أحادية الجانب انخفض دخل الفرد بشكل كبير وتراجع دور القطاع الصناعي بسبب تدمير وسرقة الكثير من المصانع من قبل الإرهابيين وهجرة الصناعيين إلى الخارج، كما أن الحدود أصبحت مشرعة لدخول المهربات من المواد الأجنبية والتركية إلى الداخل، ما أثر بشكل كبير في المنتج المحلي الذي يعاني أصلاً من صعوبات كبيرة، أهمها ارتفاع التكلفة ونضوب المواد الأولية المنخفضة التكلفة بسبب العقوبات وصعوبة الوصول وانعدام أسواق التصدير وإغلاق المعابر التصديرية أمام تلك المنتجات، لذلك أمام كل هذه الصعوبات – والحديث للمهندس ششمان – يعاني المنتج الوطني هزات عنيفة بسبب إغراق الأسواق بالبضائع المهربة، كما أن التجار اعتادوا على المهربات لسهولة الوصول وانخفاض السعر بسبب أن معظم تلك المهربات هي بقايا عقود أو ستوكات أو مواد منتهية الصلاحية.
إجراءات حكومية
لكن حسب ششمان إنه الآن مع الإجراءات الحكومية بإحلال المستوردات وتخفيض العبء على نزيف القطع الأجنبي، قامت الحكومة برفع شعار سورية خالية من التهريب عام ٢٠١٩، تلك الخطوة الإيجابية تعزز من حماية المنتج الوطني وإعادة الثقة إلى السوق به، ولكن هذا يتطلب إجراءات عديدة وذكية من الحكومة، أهمها حزمة من التشريعات التي تتعلق بتحفيز على الإنتاج ودعم المنتجين بتخفيض تكاليف الإنتاج ورفع عائدات التصدير وتخفيض تكاليف الإقراض وتعزيز مفهوم الجودة لكي يرتقي المنتج المحلي إلى مستوى المستورد، وذلك يتم عن طريق إقامة دورات وندوات تدريبية للصناعيين باعتماد طرق مراقبة المنتج ورفع كفاءة المنتج الوطني وتمكينه من منافسة المستورد باعتماد طرق حديثة في الإنتاج، كما يجب إحداث تغييرات جذرية في هيكل الاقتصاد الوطني التي يجب أن تؤدي إلى زيادة ملحوظة ومستمرة في معدل الدخل القومي بحيث تؤدي هذه الزيادة إلى التغلب على المشكلات التي تواجهها الدولة وخاصة القطاع الصناعي، ما يؤدي إلى ارتفاع في مستوى معيشة الأفراد.
مشروع وطني
لا شك، هناك توجه حكومي حازم لدعم الانتاج الوطني وإحلال المستوردات والقضاء على المهربات، وهذا المشروع الوطني لتحدي الحصار والاعتماد على الذات لنلبس مما نصنع ونأكل مما نزرع، حسب رأي الصناعي فراس تقي الدين، الذي أكد أن تنفيذه يتطلب تعاوناً من الحكومة والصناعي والتاجر والمستهلك والموظفين الحكوميين بالنسبة للحكومة في حال لم تقتصر الحملة على منافذ التجزئة فقط وتم بحزم وبشكل شمولي مكافحة كل أشكال التهريب الحقيقي ومعابره وأشكاله وبمسمياته المختلفة كالبالة والبضائع المفتولة وغيرها، عندها لا شك في أن الحملة ستؤتي ثمارها وسيكون دور الحكومة والصناعي متكاملاً لتأمين السلع البديلة للمواطن السوري بأسعار منافسة، لذا المطلوب حسب تقي الدين من الدولة لدعم الصناعة، وهذا أضعف الإيمان على سبيل المثال وليس الحصر، تخفيف عبء الجباية غير المدروسة في بعض الأحيان وبأشكالها المختلفة ورفع عبء بعض القرارات البيروقراطية المعطلة عن كاهل الصناعي الذي أنهكته الحرب وحان وقت دعمه للنهوض واستعاده دوره وواجبه لتلبية السوق المحلية كبداية ومن ثم ليعود قادراً (بعد اشتداد عوده محلياً) على المنافسة إقليمياً ودولياً – الاجتهاد لتأمين الكهرباء وحوامل الطاقة البديلة التي من دونها لا يمكن الحديث عن نهضة صناعية ودور الصناعي أن يتمتع بالحس الوطني وأن يسارع لتلبية حاجات المستهلك بالجودة والأسعار المنافسة، فهذا زمن وقوف مع البلد وليس زمن صنع الثروات ودور التاجر الذي اعتاد على العمل بالمستوردات أو المهربات أن يدير دفة تجارته لتسويق المنتجات الوطنية وبالتالي دور المستهلك هنا أن يقف مع بلده في محنتها ويبادر لتشجيع المنتج الوطني على حساب منتجات أعداء البلد ومن يساهم في إنهاكه وحصاره ودور بعض الموظفين الحكوميين أن يخففوا من تغليب مصالحهم الشخصية على تيسير أمور الصناعيين، ما يساهم في عرقلة عجلة الإنتاج الوطني، الذي يعد طوق النجاة لنا جميعاً أبناء هذا البلد من الحصار الجائر.
منتج منافس
ويشاطر في الرأي الصناعي محمد الصباغ مؤكداً أن الصناعة المحلية هي عمود الاقتصاد الوطني ويحتاج تعزيزاً حقيقياً من قبل الحكومة، ليكون قادراً على المنافسة في السوق المحلية والأسواق المجاورة والعربية، كما يجب علينا جميعاً حماية هذه الصناعة وحماية المنتج المحلي وأضاف إنه لإيجاد منتج منافس للمستوردات والمهربات وبجودة جيدة وأسعار مناسبة، يجب تفعيل قانون حماية المنتج الوطني وإعادة دراسة وتخفيض أسعار حوامل الطاقة وإعفاء المواد الأولية الداخلة في التصنيع من الرسوم الجمركية، إضافة إلى تفعيل دور وزارة النقل في تثبيت أسعار الشحن الداخلي على جميع الأراضي السورية والسماح بنقلها من دون أي تكلفة، وكذلك دعم الشحن الخارجي عبر عائدات التصدير وتدفع بشكل مباشر للصناعي عند التصدير ولجميع الصناعات المنتج محلياً، مع إلزام الجهات المعنية بالتعاقد على منتجات تكون مستوفية نسبة المكون الصناعي السوري سواء لعقود مشروع أو لعقود شراء من القطاع الخاص وتفضيل المنتج المحلي في العقود الحكومية وحصراً للصناعيين.
رأي اقتصادي
وفي ظل الظروف المعقدة ومحاولة حصول الدول المتآمرة بالإرهاب الاقتصادي لتدمير وتهديم التنمية التي وصلت لها سورية عبر تدمير وسرقة الآلات والمحاصيل ومحاولة قطع إمدادات الطاقة ومحاولة الإغراق ببضائع بأقل من تكلفتها أو بأرخص من المنتج المحلي، ظهر التوجه الحكومي لصناعة بدائل للمستوردات، حيث بدأت بقطاعات معينة ومنها الورق وغيرها، حسب رأي الدكتور سنان ديب باحث اقتصادي، الذي أكد وجود حاجة ماسة لتلبية الطلبات بسبب التدمير والفوضى والحصار وكذلك التغاضي عن بعض المستوردات ولكن ضمن متابعة ومراقبة الحكومة لمنتجاتنا المحلية بالوصول لأسعار عادلة بين الصانع والقوى الشرائية للمواطن ووفق جودة مناسبة.
ترتيب الأولويات
وشدد على ضرورة التعاون لإعادة إطلاق المنتج المحلي لما له من فوائد ومنعكسات وخاصة على صعيد توفير القطع الأجنبي وفرص العمل ومنع تحكم الحصار الاقتصادي بلقمة عيش المواطنين واقتصادهم، فمثلاً كيف نستورد «سيراميك» في ظل توفر الإنتاج المحلي ذي المواصفة الجيدة، وكيف نستورد أو نتغاضى عن تهريب ألبسة في ظل تفوقنا المطلق في هذه الصناعة، وكذلك الحال بالنسبة للزيوت والأسمدة وغيرها، مؤكداً أن ذلك يتطلب ترتيب الأولويات لا أكثر مع ضرورة التعاون والتنسيق مع كل الجهات المعنية، مع وجود متابعة دائمة وحثيثة من الحكومة للوصول إلى أسعار مناسبة ونوعية جيدة للمواد، إضافة لتقديم تسهيلات ومحفزات للصناعيين عبر توفير مستلزمات الطاقة وتخفيض الضرائب حسب الحاجة، وتسهيل التقييدات البيروقراطية ومواجهة أي حالات لعرقلة بشرية لغايات مختلفة.
قرار حكومي شعبي
كذلك يتطلب الأمر تعاوناً إعلامياً لتبيان الفائدة الوطنية من رفض البضائع المهربة أو المستوردة وانعكاساتها على الأمن والأمان والسيادة والاستقلال الاقتصادي وعلى العائد الاقتصادي للوطن ومؤشراته التي ستنعكس على مستوى معيشة المواطن، إضافة إلى ضبط الحدود ومراقبة الأسعار، ومنع الاحتكار مهما كان، كما أن إصلاح القطاع العام أصبح أمراً لا مفر منه في ظل الحاجة لتفعيل كافة مرتكزات الاقتصاد الوطني وضبط الاستيراد لضروريات العملية الإنتاجية والابتعاد عن الكماليات مهما كانت وتوجيه المتوفر من القطع الأجنبي لدعم العملية الإنتاجية، موضحاً أن تحقيق هذه الغاية تتطلب تعاوناً بين الحكومة والقطاعات الإنتاجية خاصة وعامة، إذ لا يمكن الوصول لمعادلة منتج وطني من دون قرار حكومي شعبي بالتعاون مع المنتجين، وفي حال عدم الإجماع على هذا الهدف الوطني سيكون تنفيذ هذا الطرح ضعيفاً، مشدداً على وجوب أن يكون الجميع مع المنتج الوطني وضد من يحاول تقويضه أو منع انطلاقته واستمراريته.
المكون الرقابي
وأمام ذلك لابد من أن يكون للمكون الرقابي رأي بشأن المنتج المحلي وحمايته وتمكينه من المواجهة أمام السلع الأجنبية التي تغص بها الاسواق المحلية, حيث أكد المهندس جمال شعيب معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بأن الاهتمام في حماية المنتج ليس بالضرورة بالطريقة التي نعمل بها, وإنما تكمن في مسائل أخرى ينبغي العمل من خلالها، في مقدمتها تدعيم المنتج الصناعي المحلي من خلال توفير المستلزمات من جهة, وتشجيع الصناعي على البقاء في السوق من خلال المحفزات المادية والمعنوية التي تكمن في الإعفاءات الضريبية والرسوم الجمركية على مدخلات الإنتاج والتي تسمح بزيادة الإنتاج كماً ونوعاً, من دون التغاضي عن قضايا جوهرية تحفظ الاستمرارية والديمومة للمنتج المحلي للبقاء في الأسواق ليس المحلية, بل الخارجية أيضاً والتي تكمن بعنصري الجودة المطلوبة والسعر الذي يتناسب مع الجودة من جهة ويناسب المستهلكين من جهة أخرى.
وأضاف: عند ذلك يبدأ دورنا كرقابة لحماية المستهلك والمنتج على السواء من الغش والتدليس, لإضعاف هوية المنتج المحلي والتأثير فيه بتأمين حاجة السوق المحلية وترك الباب على مصراعيه أمام المنتج الخارجي للدخول بطرق مختلفة, وبالتالي هذه الرقابة لا تتوقف عند حماية المستهلك في رأي (شعيب) بل على الرقابة الأخرى ممارسة دورها بصورة نظامية وخاصة الجمارك في حماية المنافذ الحدودية ومنه دخول المهربات من السلع، عندها نستطيع الحفاظ على منتجنا المحلي وتمكينه من تأمين المطلوب للسوق المحلية.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.