تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

طلال أبو غزالة: مؤشرات الاقتصاد السوري تدعو للتفاؤل ونعمة المعاناة صقلت التجربة

مصدر الصورة
sns - البعث

 

محطة أخبار سورية

رغم أن الحديث مع رجل الأعمال العربي طلال أبو غزالة لم يكن سياسياً بمضامينه إلا أن المبادرة التي أطلقها وذيّلها بتوقيعه، تبدو جديرة بأن نختارها لاستهلال الحوار الذي أجريناه مع الرجل في دمشق والتي يؤكد أنه يخصها كعاصمة عربية ويخص سورية عموماً بمشاعر دافئة بذات الدرجة التي يشعر بها مواطنو البلد ذاتهم، فهو سوري " الهوى والانتماء".

 

أما المبادرة فبقدر ما هي طريفة تبدو هامة، وتتمثل بدعوة الجميع لمساعدة المهجرين اليهود في فلسطين والأخذ بأيديهم للخروج والعودة إلى بلدانهم الأصلية، لأن فلسطين ليست بلدهم بل هي ملك لآخرين هجروا منها وسيعودون إليها لأنها بلدهم وعنوانهم.

 

وفي الاقتصاد كان الحديث مع رئيس مجموعة طلال أبو غزالة الدولية التي تحمل اسمه حافلاً بالأفكار التي تستحق أن يؤشّر تحتها بخطوط عريضة.

 

وقد تعمدنا أن نركز في أسئلتنا على الحالة السورية والاقتصاد السوري، لأننا وجدنا أنفسنا أمام خبير يهمنا أن ننقل رؤاه إلى القارئ، خصوصاً وأنه يبني وجهات نظره على وقائع ومؤشرات فنية وليس مجاملات، في مضمار لا يحتمل المجاملة كالمضمار الاقتصادي.

 

ولن نعرّف الرجل لأنه معروف وباختصار هو طلال أبو غزالة الذي كان معه هذا الحديث.

 

على خارطة الأزمة

* اختلفت الآراء حول آثار الأزمة العالمية على الاقتصاد السوري، فالبعض قلل من صدى الأزمة  هنا، والبعض الآخر ذهب إلى الحديث عن فضائل الأزمة، كيف ترى كخبير ومراقب عن قرب، ما رتبته الأزمة على الاقتصاد السوري؟

 

** أعتقد أن سورية من بين دول المشرق العربي التي لم تتأثر كثيراً بالأزمة المالية العالمية، أولاً لأنها ليست شريكاً للاقتصاد الغربي لعدم فتح أسواقهم للمنتجات السورية، ثانياً وبعيداً عن المجال الاقتصادي، السياسة السورية لم تكن مرغوبة من قبل الحكومات الأوروبية والأمريكية لعقود طويلة من الزمن، مما انعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد السوري ما بعد عام 2007، أي فترة وقوع أغلب الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية بأزمة مالية خانقة، ولأنها لم ترتبط أصلاً بأي علاقات مالية أو تجارية تذكر مع معظم هذه الدول، وذلك على خلاف دولتي مصر والأردن اللتين تربطهما علاقات وثيقة مع اقتصاديات هذه الدول سواء مع الاقتصاد الأساسي أو الاقتصاد الموازي (أي سوق المال)، بينما نستطيع القول ان منطقة الخليج بأمان كامل وما تعثر لديها هو أسواق المال التي تعتبر وهمية وما نلاحظه أن جميع دول الخليج العربي لديها عجز في الميزانية لأنها تنفق كل إيراداتها على بناء الدولة.

 

وبالعودة إلى سورية نجد أن قدرتها على الاكتفاء الذاتي تزداد عاماً بعد عام في الغذاء واللباس والصناعات الأساسية وكل ذلك يعود لأسباب طارئة  للمعاناة الناتجة عن الحصار الاقتصادي المفروض عليها، وأجزم الآن أن سورية باتت قادرة على إغلاق حدودها والعيش من دون أي مساعدة خارجية.

 

 حصاد الإصلاح

* كيف تقومون حصاد الإصلاح الاقتصادي في سورية، وكيف تقرؤون مؤشراته من الناحية الفنية البحتة؟

 

** أرى أن عملية الإصلاح تسير بشكل سليم ومتأن وهي مستمرة بهدف تحقيق التنمية المستدامة كما أنها مطلوبة دائماً بسبب الحاجة للتغيير المستمر، وخاصة في هذه المرحلة التي يشهد فيها العالم أزمة مالية كبيرة وطويلة.. أزمة من يقول أنها انتهت فهو غير صادق ويجهل ما يمر على الكثير من دول العالم من انكماش في اقتصادياتها وكساد أيضاً.

 

أما بالنسبة للسياسات الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة السورية فأرى أن سياسة الدعم الحكومي في الفترة الراهنة إجراء غير سليم لأن المنتج أو الشركة أو القطاع المدعوم أصبح وجوده غير تنافسي.

 

ومن ناحية ثانية أنا منذ السبعينيات أدعو كافة الدول العربية لإلغاء قوانين تشجيع الاستثمار الأجنبي وأن تعطى الأولوية للاستثمار الوطني، وللأسف كل الدول العربية لديها قانون التشجيع هذا، وبذلك تمنح الأجنبي ميزة على الوطني وهذه كانت إجراءات أدت إلى هروب المستثمر المحلي وإلى ضعف ثقة المواطن باقتصاده.

 

ومن السياسات الاقتصادية التي أعتقد أنها غير ملائمة للظروف العالمية ألا تدعم الدول منتجيها، بل على العكس إن عدم المساعدة تمنح القوة المناسبة للقدرة التنافسية، أنا أؤمن بالتنافسية الحقيقية، وبشكل أوضح إذا كان هذا التاجر لايستطيع الوقوف على قدميه ويعكس قدرته الذاتية حتماً يكون فيه شيء من الخطأ، وأؤكد ومن خلال خبرتي ومتابعتي الدائمة أن إجراءات دعم الصادرات ستلغى في جميع الدول التي تعمل بها لأنها ستجد مشكلة في موازناتها الحكومية، فهي لن تستطيع الاستمرار بدعم الصادرات على حساب عجز في الموازنة، وهي مشكلة تعاني منها معظم دول العالم وخاصة الكبرى في ظل الأزمة المالية العالمية، أزمة تعاني منها جميع الحكومات وبالتالي يفترض علينا أن نفكر بعقلية الاقتصاد والاقتصاد المتكامل.

 

تفاؤل موضوعي

 

* هل تدعون المراقبين إلى التفاؤل بأحدث المؤشرات الاقتصادية في سورية وعلى ماذا ترتكزون بذلك؟

 

** جميع المؤشرات إيجابية، مثلاً لا يوجد عجز تجاري يذكر و 120 مليار ليرة سورية ليست عجزاً والعجز الحقيقي عندما يكون العجز بحجم الاقتصاد، وكذلك حجم العجز في ميزان المدفوعات والموازنة أرقام لا تذكر والبطالة بمعدل 10 ٪ ليست خطيرة فهذه النسبة وصلت في أوروبا إلى 20 ٪ بالمئة، ونسبة النمو في سورية تلامس 6 ٪ بينما في بعض الدول الأوروبية صفر ومادون الصفر، أي هناك انكماش، هم لديهم انكماش ونحن لدينا نمو، هذه المؤشرات الاقتصادية السورية مؤشرات إيجابية ودلالة على وضع اقتصادي جيد بكل المعايير، وأنا أشرت سابقاً إلى أن ذلك حصيلة إصلاح وإصلاح مستمر، ومن خلال الصلات والعلاقات التي تربطني بالقيادة السورية المسؤولة عن الاقتصاد، فهمت أن التأني وأخذ الوقت في إصدار أي قرار هي السياسة الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة السورية، وأن السرعة مطلوبة ولكن بحسب الوقت المناسب تتخذ السرعة، ليس على برنامج زمني يفرض من الخارج، ومن المؤكد أن اتخاذ قرار سريع في قضايا اقتصادية هامة يؤدي إلى خسائر فادحة بالنسبة لدولة، وأنا أعرف ذلك وأقدره بحكم عملي كرئيس لمجموعة طلال أبو غزالة.

 

وأشير هنا إلى أن سورية بحاجة إلى مزيد من التحرير المصرفي في قطاع المصارف  وإلى التحول إلى مجتمع معرفي من خلال استعمال تقنيات المعلومات،  وقد اقترحنا على بعض مسؤولي الدوائر الحكومية والقطاع الخاص ( بحكم عملنا معهم) الدخول إلى المجتمع المعرفي بأسرع وقت ممكن وكذلك سورية بحاجة إلى تحرير الخدمات، ووضع خطة حمائية للمنتجات الوطنية إجراء كان مستهجناً في السابق وأرى الآن أن جميع دول العالم تتجه للعمل به، لأنهم يؤمنون بأن السياسات تبنى على أساس الوقائع، وبالتالي نحن في سورية أو الوطن العربي لا يجوز أن نستمر بالحديث عن تحرير تجاري واقتصادي بينما دول الجوار والعالم تعمل على تفعيل الإجراءات الحمائية، وأول المعلنين عن هذه الحمائية ( التي تعني دعم المنتج الوطني) منذ بداية بروز الأزمة كانت الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك على لسان رئيسها أوباما عندما قال: إن حكومته ستضخ 13 تريليون دولار في السوق المحلي للاستثمار في البنية التحتية وخلق مليوني فرصة عمل، قرار أوباما هدف إلى استعمال منتجاتهم لتحريك العجلة الاقتصادية، وتابع أوباما قائلاً: إنهم لن يسمحوا بأن يكون أي جزء من هذه الخطة لمنتجات وخدمات أجنبية، وهنا كان رئيس أمريكا يعلن وبشكل رسمي الحمائية الكاملة للمنتجات المحلية، وفي نفس الوقت لا يعارض مبادئ تحرير التجارة، التي تؤكد ضرورة معاملة المنتجات الأجنبية كمعاملة المحلية المماثلة، فأعضاء الاتحاد الأوروبي عارضوا مضمون تحرير التجارة عندما اتفقوا على حق أي دولة بأن تتخذ الإجراءات التي تراها مناسبة لحماية اقتصادها، أؤكد مرة أخرى أن العالم الآن متجه إلى اتخاذ إجراءات حمائية بسبب أوضاعه الاقتصادية الصعبة، وأن تقارير صادرة عن منظمة التجارة العالمية والبنك الدولي والأمم المتحدة كلها تشير إلى أن الدول النامية وليست المتقدمة الأكثر تحريراً لاقتصادها وفتحاً لأسواقها، وأعتقد أن اتخاذها لهذه الإجراءات في المرحلة السابقة كان صحيحاً لأنها أعطتها فرصة لبناء اقتصاد حر، أما في المرحلة الراهنة التي تشهد انكماشاً في الاقتصاد العالمي الذي سيتحول لاحقاً إلى كساد ليس من الصواب الاستمرار بتحرير التجارة، في وقت الدول المتقدمة تعمل على إغلاق أسواقها نتيجة الركود وتطلب في الوقت نفسه من الدول الأخرى فتح أسواقها لهم لتسويق منتجاتهم الكاسدة.

 

القطاع الخاص

* هذا ما يجب على الحكومة فعله، لكن ماذا عما هو منتظر من القطاع الخاص بماذا تطالبون القطاع الخاص السورية وأي المسؤوليات ترونها على عاتقه؟

 

 ** يطلب من القائمين على القطاع الخاص تغيير في تركيبة التفكير، لأن جل تفكيرهم بكيفية تصدير منتجاتهم إلى دول أوروبا وأمريكا، ولم نسمع أحداً يقول سأصدر إلى أفريقيا أو شرق آسيا، وهذا التوجه في التفكير ناتج عن قرارات اقتصادية تؤخذ بناء على اعتبارات سياسية، ليس عندنا فقط فالولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي جميع  قراراتها الاقتصادية مبنية على أسس سياسية، أما الصين فتأخذ قرارتها بناء على المصلحة الاقتصادية، وأجمع الكثير من خبراء المال في العالم على أن هذه الطريقة في التفكير هي سبب ازدهارها.

 

وهنا أذكر ما جاء في تقرير لأحد مراكز الدراسات الأمريكية السرية يشير إلى أن الثروة تنتقل من الشمال إلى الجنوب ومن الغرب إلى الشرق، هذا يعني أننا عشنا الازدهار كله في دول الشمال والغرب وما هو قادم يشير إلى أن دول الجنوب والشرق ستزدهر مستقبلاً، إذاً الغرب يدرك أن الخير هنا ونحن ما زلنا نعتقد أن الخير هناك عندهم، ونحن لا ندعو إلى عدم العمل مع أمريكا بل نقول اعمل ولكن لديك أسواق أجدى وأوسع وقدرتك التنافسية عليه أفضل، يمكنك المنافسة في إفريقيا وشرق آسيا وهي أقرب لك ( أرخص من حيث شحن البضائع)، وبالمقابل أقول ليس من الصحيح من يدعي أن بضائعنا ستنافس مثيلاتها الألمانية والإيطالية والفرنسية واليابانية، ومن هذا المنطلق اقترح على التجار السوريين والعرب الآخرين أن يعيدوا صياغة خطتهم التجارية بالتدقيق بالشراكة وقبل ذلك استكشاف أسواق دول الجنوب والشرق، ومن باب المعرفة أشير إلى أن عدد المشاريع الاستثمارية الصينية في قارة إفريقيا وصلت إلى ألفي مشروع، سياسات اقتصادية جعلت من أمريكا تصرخ خوفاً من سيطرة الصين على جميع الأصول في إفريقيا، بعد أن أعلنت عن سيطرة الصين على صناعة الحديد والصلب في العالم.

 

رأس المال المهاجر

 

* ماذا تقول لرجال الأعمال والمتمولين السوريين الذين يستثمرون بإفراط خارج وطنهم؟؟

 

** أقول لهم إن أفضل استثمار هو في بلدكم أولاً، ومن ثم في الوطن العربي وبالدرجة الثالثة في محيطكم الإقليمي، وهنا أشيد بالسياسة الحكيمة للسيد الرئيس بشار الأسد بالانفتاح الاقتصادي على تركيا وإيران أكبر دولتين في المنطقة، حيث يشكل سوق الأولى ما يعادل نصف حجم السوق العربي، هذه السياسة فتّحت عيون الحكومات العربية على فتح العلاقات الاقتصادية والتجارية مع هاتين الدولتين الكبيرتين بمنطق التاريخ والجغرافيا، هذه النتيجة خلصت بها من خلال احتكاكي بصانعي القرار في دول الخليج العربي، وأنا شخصياً أكدت بأكثر من مقابلة صحفية مع وسائل إعلام خليجية أن لامصلحة اقتصادية من معاداة إيران ونحن جميعاً مع الإمارات في إعادة جزرها الثلاث من إيران ولكن للمصلحة الاقتصادية الأولوية.

 

الحكومة الالكترونية

* بما أن مجموعتكم ذات خبرات طويلة  وعميقة في مجال الحكومة الالكترونية، كيف تقومون ما حققته سورية في سيرها نحو توطين التجربة بشكل متكامل؟

 

** هذا المشروع طويل والحكومة السورية متأنية وما هو واضح أن العملية التقنية في جميع القطاعات والوزارات تسير باتجاه صحيح، وأريد أن أبيّن في هذا الموضوع أن برنامج الحكومة الالكترونية غايته تحسين خدمات الدولة للمواطن عن طريق استعمال تقنية المعلومات، تعمل على توسيع الخدمات من الدولة للمواطن عن طريق شبكة الإنترنت.

 

وقد واجهت سورية عدة صعوبات أبطأت من خطواتها في هذا الميدان،  ومنها منع  تزويد سورية بالتقنيات لفترة زمنية طويلة نتيجة فرض الحصار، قيود فرضت على تصدير التقنية، وأنا أرى أن هذه الإجراءات الظالمة تفسح حافزاً أكبر للتغلب على هذه المقاطعة لبناء القدرات الذاتية، في مجال صناعة التقنيات بهدف امتلاكها، وهذه الصناعات تحتاج إلى معدات وبرامج ما يخص الأولى تستطيع سورية إنتاج (الكمبيوتر) الحاسوب بالتقنية الكاملة الموجودة في الغرب، وأكبر مثال على إمكانية ذلك الصين التي تستحوذ على 50 ٪ من صناعات الحاسوب في العالم رغم كل الحظر والحصار المفروض عليها، وبالنسبة للبرامج تعد الهند أكبر منتج في العالم للبرامج ولكن من يسوّقها شركات أمريكية مثل مايكروسوفت، ووصلت الهند إلى ذلك بقدرات ذاتية إنتاجية.

 

أنا أقول:  إن سورية وبعض دول المنطقة، مؤهلة لأن تصبح مركزاً وقائداً لنفسها وللمنطقة في مثل هذه الصناعات وخاصة المعدة بالتزامن مع هيئة الكوادر البشرية من تدريب واكتساب الخبرات، وهي باتت ملحة لاننا بحاجة الى التطور في مجالي المعلوماتي والمعرفي لأن العالم يتغير فكرياً واقتصادياً ولا بد من مواكبة هذه التغيرات للوصول الى عالم المعرفة.

 

وفي هذا السياق أشير إلى أن مجموعة طلال أبو غزالة وقعت اتفاقية مع اليونسكو لاقامة موقع الكتروني حول مجتمع المعرفة بكل بلد عربي لاعطاء مؤشرات عن كل قطاع في حقبة محددة داخل كل دولة، وبالتالي معلومات عن الخطوات اللازمة للتطوير والتوصل الى مراحل متقدمة، وأوضح ان هذا الموقع الدائم المتحرك متواجد في كل دائرة ويبيّن ماذا عملت من أشياء إضافية وما هي المعلومات المتوفرة عن سير الحكومة الالكترونية في كل دولة عربية.

 

كما أكشف لكم ومن خلال صحيفة"البعث" عن إنتاج مجموعة أبو غزالة لأول حاسوب محمول/لاب توب/ عربي باسم/lab tob/(طلال أبو غزالة) سيعلن عنه رسميا في 29 من تموز الجاري، حاسوب بنفس المواصفات العالمية لماركات سيمنس وأيسر"وال جي", لقد تعاقدنا مع نفس الشركة الصينية التي تصنع مثل هذه الحواسيب ونحن الآن بمرحلة التوقيع مع ما يكرو سوفت بهدف إعطائنا برامجهم بسعر التصنيع، أي حاسوب مع برامج بسعر رخيص، وهي المرة الأولى التي تعطي شركة مايكروسوفت لجهة عربية برامج خاصة توضع على حاسوبها الخاص ، كنا نعتقد أن هذه الصناعة يسيطر عليها الغرب وأننا لا نستطيع منافسة أمريكا وأنها لن تسمح لنا بدخول السوق للمنافسة، واتضح لنا الآن أن كل هذه المعتقدات ليست صحيحة، وتبيّن أن كل مصانع أمريكا وألمانيا وفرنسا تصنع في الصين، إذاً، لماذا نحن كعرب لا نصنع في الصين ومن هنا جاءت الفكرة؟

 

خارطة الأزمة العالمية

 

* لكم رأي أوسع وأكثر تفصيلاً حول الأزمة العالمية وحدودها ومطارح العدوى ما هي نظرتكم لخارطة الأزمة بما أنكم ترون أنها بدأت اقتصادياً؟

 

** ما زال العالم في الأزمة المالية، ووسائل الاعلام لم تركز على الأسباب الرئيسية لتفاقم الأزمة التي تمت بانتقالها من القطاع الخاص إلى العام وأصبحت مشكلة الخاص هي نفسها مشكلة العام لأن الثاني ضخ أموالاً وطبع عملات صعبة واقترب ليشتري موجودات شركات فاسدة، أقصد أن المشكلة هي في انتقال الأزمة من القطاع الخاص إلى العام.

 

إذا أخذنا اليونان على سبيل المثال، فهي أكثر دولة دعمت الشركات المالية والسياحية المتعثرة، وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي ضخت أموالاً ضخمة في أسواقها/عن طريق الاستدانة/، وبذلك أصبح الدين العام يوازي ميزانية الدولة كلها، وهذا بدوره أدى إلى عجز كبير في موازنتها، وما وصلت إليه بعض الدول مثل اليونان من عجز عن استمرار في تقديم أبسط الخدمات لمواطنيها، يؤكد أنها أصبحت دولة مفلسة، ودلائل هذه الدولة هي باتخاذها عدة اجراءات انكماشية مثل خفض الرواتب، إلغاء الضمان، صرف الموظفين من العمل، التوقف عن مشاريع البنية التحتية مثل إصلاح الطرق، وفي الحديث ذاته أذكر أن مبرر وجود الدولة هو تقديم الخدمات للمواطن وإن أصبحت عاجزة عن تقديمها فهي مفلسة، والآن أغلب الدول الأوروبية تمر بهذه المشكلة لأن جميعها وقعت بأزمة الديون العالية أي أنها باتت دولاً مقترضة وبالنتيجة ومع مرور الزمن تفرض عليها فوائد إضافية تضاف على ميزانية الدولة والموازنة.

 

وبالتالي تصبح عاجزة عن تقديم الخدمات والاستمرار في أدائها وما نتج عن الأزمة المالية عدم امكانية هذه الدول من أن تدعم الاقتصاد من خلال الاستثمار في البنية التحتية أو المشاريع، وهذا يؤدي الى انكماش الاقتصاد وبالتالي الى تزايد معدلات البطالة، وهنا أتساءل عما ينشر في معظم صحف هذه الدول من أخبار تروج إلى بوادر انتعاش، وأقول كيف يكون هناك انتعاش ونسبة البطالة وصلت الى 20٪ في كثير من هذه الدول وبعضها بلغ العجز لديها 13 تريليون دولار، لذلك أعتقد أن العالم الغربي سيمر في أزمة اقتصادية صعبة جداً وطويلة قد تصل إلى 10 سنوات لمعالجة آثار هذه الأزمة، طبعاً جميع هذه الدول عدا ألمانيا لأنها الدولة الوحيد ةالتي تطبق نظام رقابة الدولة على الاقتصاد على عكس النظام المعمول به في الولايات المتحدة الأمريكية حيث لا رقابة على أي مجال أو قطاع مهما كانت درجة أهميته وحساسيته بالنسبة للحكومة، وهذا ما كشف عنه جورج بوش الابن عندما قال في كلمة له في المدينة المصرية شرم الشيخ: ارفعوا أيديكم عن الاقتصاد لأن الاقتصاد ينظم نفسه ولا يحتاج الى رقيب، وبعد وقوع الازمة قال بوش مقولة عجيبة خلال خطاب له: لن نسمح بأن يستفيد من هذه الازمة المالية أحد، وكان يقصد أنهم لن يدعوا أحداً ينجو من الازمة، وفي ظل الازمة استلم باراك أوباما السلطة في أمريكا ليعلن بكل وضوح عن نظرية اقتصادية جديدة وذلك عندما قال: إن انتعاش أمريكا يعتمد على ازدهار الصين والجميع يعرف أن النظرية السابقة كانت تقول: إذا عطست أمريكا يصاب العالم جميعه بالزكام، وبما أن مقاييس التقدم اختلفت فإن النفط مازال المعيار الأكثر دقة لمستوى درجة التقدم، هذا المؤشر يبين أن روسيا أصبحت المنتج الأول للنفط في العالم والصين المستورد الثاني وتعني زيادة الحاجة إلى النفط أن استهلاكه يرتفع من قبل المصانع والمعامل وفي البنية التحتية، وبالإضافة إلى روسيا والصين هناك دول هامة أخرى تظهر على الساحة الاقتصادية مثل الهند والبرازيل وبالمقابل ستواجه أمريكا والدول المتأزمة مزيداً من الكساد الكبير والطويل زمنياً بسبب معايير الاقتصاد التي تغيرت نتيجة تطور تقنية المعلومات والاتصالات وسرعة انتقال المعلومة كل ذلك سيؤدي إلي حجم أكبر للأزمة.

 

أولويات

 

* كيف ترتب أولويات الحكومة السورية في المرحلة المقبلة من وجهة نظرك؟

 

** أولاً التوجه إلى اتخاذ إجراءات حمائية وننادي بحماية منتجاتنا الوطنية كما تفعل الآن معظم دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وثانياً: يجب أن نتوقع استمرار الحصار وأتمنى ألايستمر ولابد من التفكير ببدائل طويلة الأمد وأقصد هنا مدى أهمية إقامة صناعة معدات معلوماتية وبرمجيات معلوماتية عن طريق حض جميع مراكز البحث التركيز على كيفية صناعة البرامج وهي صناعات لايستطيع أحد في الدنيا منع أي دولة أو شركة من العمل بهذا المجال، ونحن قادرون بقدراتنا الذاتية وبموجب الأدوات المتوفرة في العالم أن ننهض بمثل هذه الصناعات المتطورة، وثالثاً لابد من تغيير أنظارنا الاقتصادية والتجارية من الشمال إلى الجنوب ومن الغرب إلى الشرق لأن الخير هناك وكما ذكرت سابقاً جميع مراكز البحوث والدراسات تظهر في أحدث تقاريرها، انتقال الثروة إلى هاتين الوجهتين لأنهما المستقبل من جهة ولأن الغرب سيستمر بانكماشه لفترة طويلة من جهة ثانية.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.