تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

السقف الأمريكي والسقف الإيراني..!!

الطائرة الأمريكية المسيرة كما عرضتها إيران
مصدر الصورة
وكالات

أعلن المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة للحوثيين، العميد يحيى سريع، أنّ لديهم "تقنيات متطورة لا تستطيع المنظومات الاعتراضية الأمريكية وغيرها المنتشرة في السعودية التعامل معها... صواريخنا الباليستية والمجنحة والطيران المسير بأنواعه بإمكانها ضرب أي هدف على طول وعرض الجغرافيا السعودية".

وليس بعيداً عما يجري بين اليمن والنظام السعودي، فكل التقارير التي تتحدث عن إسقاط إيران للطائرة الأمريكية المسيّرة Global Hawk"" تؤكد أنّ إسقاطها يشكّل منعطفاً حقيقياً في العلم العسكري وفي جزء من الصناعة العسكرية الأمريكية، وهذا بطبيعة الحال يحمل رسائل ميدانية وسياسية، منها؛ كيف وبأي سلاح تمكنت إيران من إسقاط هذ الطائرة المكلفة والحديثة التي قيل إنها تمثل فخر التكنولوجيا الأمريكية التي تجمع بين الصناعة الفضائية والصناعة العسكرية المحضة، ومخصصة للخدمة للعقود المقبلة؟ ثمّ، لماذا سارعت إيران لإسقاط الطائرة في أول فرصة للاشتباك مع الولايات المتحدة؟ وأين الكيان الإسرائيلي مما يحصل؟ ما هو البعد الإقليمي والدولي في هذا الاشتباك؟ ما موقف الصين وروسيا وتركيا وبقية دول الغرب..؟! ما يجري يبيّن أنّ العالم لم يعد منفصلاً، كل ما فيه مترابط؛ الشّر الأمريكي، المتمثل بالإدارة الأمريكية المتمثلة بالرئيس الأمريكي يطوف العالم ويحاول إغراقه، والجميع يتحضّر للرد..!!

في الحرب الأمريكية الإسرائيلية ضد إيران وحلفائها، والتي بدأت منذ زمن بعيد؛ منذ الحرب على المقاومة، ومنذ بدء الحرب الاقتصادية والسياسية والميدانية على سورية، ومنذ بدء العقوبات على إيران ومروراً بإلغاء الاتفاق النووي من قبل الرئيس ترامب ومن جانب واحد؛ في هذه الحرب يتعدى الأمر صراع النفط أو الغاز والمصالح؛ المسألة صراع إرادات وكرامة، والأهم، صراع وجود، ولذلك تكون الخيارات قليلة وضيقة وصعبة..!!

السقف الأمريكي في هذه الحرب منخفض ومحصور بالضغوط الأمريكية على إيران وشعبها للاستسلام؛ إما الاستسلام والركوع والخضوع للأمريكي والإسرائيلي، وإما استمرار الحصار والموت جوعاً تحت ضغوط الحصار والعقوبات والتهويل والتخويف، وإذا اقتضى الأمر القيام ببعض الضربات الجوية والاعتداءات الاستعراضية لإنجاح العقوبات والحصار والعودة إلى الاستسلام؛ هكذا فكّر الأمريكيون، على ما يبدو، عندما أعلنوا الحرب ما قبل العسكرية على إيران..!!

في المقابل، فإن الأمة الإيرانية العريقة لا تحتمل ولا تتحمّل هذه العقوبات والضغوط والاستفزازات الأمريكية ولا ترضخ للعقوبات والحصار الخانق؛ الشعب الإيراني يريد العيش بكرامة وحرية، ومن حقّه استخدام واستثمار طاقاته وموارده وبناء مستقبله بالشكل الذي يريد، لا كما تملي ذلك الإدارة الأمريكية؛ ولذلك فإن القيادة الإيرانية أمام خيار استخدام كل الوسائل ــ وعليها القيام بذلك ــ لردع المعتدي ومواجهة الحرب الظالمة، وتحت هذا السقف المفتوح، يندرج فتح كل الجبهات لإسقاط خطط الولايات المتحدة وحلفائها وليس طائرة مسيّرة فحسب..!!

الرضوخ الإيراني أمام العدوان الأمريكي الإسرائيلي لا يقلّ خطراً وضرراً عن مواجهته حتى ولو كلّف ذلك الدخول في حرب واسعة مع العدوين اللدودين. وربما أدركت الإدارة الأمريكية التصميم والاستعداد الإيراني للمواجهة وعدم التراجع، بعكس ما بنت عليها خطّها التصعيدي، فوقعت في حالة من الإرباك وقلّة الحيلة وضيق الخيارات.

ولكنّ هذا الإرباك ترتسم صوره وتتجلّى بشكل أوضح في حالة الكيان الإسرائيلي؛ فالحرب ضد إيران ستطال وجوده وتهدد مستقبله وتنسف أسطورته وأسس بقائه؛ أما عدم الحرب فسيسقط إلى الأبد مظلة الردع الإسرائيلي والأمريكي التي يحتمي بها، وهذا لا يقلّ سوءاً، بل ربما أكثر.  ناهيك عن أنّ رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو شخصياً، يواجه أكثر من ورطة في الداخل، وآخر ما يحتاجه هو حرب لا يعرف متى تنتهي وكيف، وماهي خسائرها وأضرارها ونتائجها. ولعل الحديث عن طلب إسرائيلي من الرئيس ترامب، عدم القيام بالرد على إسقاط الطائرة الأمريكية المسيّرة من قبل إيران لا يجافي الحقيقة أبداً.

وربما لذلك أيضاً، بدأ الهروب الأمريكي للأمام والحديث عن تأجيل الردّ وليس إلغائه، والبحث عن ذريعة للنزول عن الشجرة المرتفعة التي صعدها ترامب، حتى لا يظهر تراجعه ويفقد مصداقيته، وبدأ حديث آخر عن مكان للرد على الفعل الإيراني، قد لا يكون على الأراضي الإيرانية، وعن ممارسة المزيد من الضغط المعنوي والسياسي على إيران لدفعها إلى التراجع عن حزمها وإبداء الاستعداد للتجاوب مع عروض الرئيس الأمريكي للتفاوض. ولعل الوقت الآن أصبح أكثر ملاءمة للدبلوماسية لإنقاذ الموقف المتأزم.. والأيام القادمة تكشف ما نحن بإنتظاره..؟!!

 

                                                              بـديـع عفيـف

 

 

 

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.