تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تركيا في مواجهة العقوبات

مصدر الصورة
عن الانترنيت

يونس السيد

العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على تركيا، والعقوبات المنتظرة قريباً أيضاً من جانب الولايات المتحدة، ليست في النهاية، سوى محصلة لسياسة البلطجة والغطرسة التي ينتهجها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن كان على صعيد تدخلاته الإقليمية واعتداءاته على دول المنطقة، أو على صعيد إصراره على حل الأزمات الأخرى بالتحدي والمواجهة مع القوى العالمية بدلاً من الحوار والبحث عن تسويات عادلة لها.

بفضل هذه السياسة، التي تستند أساساً إلى مطامح شخصية للحاكم المستبد، في إعادة إحياء «أمجاد» دفينة من نوع بعث إمبراطورية اندثرت ولم يعد لها مكان في عالم اليوم، ها هو يجر البلاد كلها إلى سلسلة من الأزمات المركبة، ويضعها في مواجهة العقوبات تلو العقوبات، دون أن يدرك أن بلاده هي من تدفع الثمن، وأنه يغامر بمصيره الشخصي الذي يبدو أنه أصبح على المحك.

التدخلات الفظة في قضايا المنطقة واحتلال قواته، أجزاء من الأراضي في بعض دولها، كانت تقوم على معادلة هشة ومؤقتة، لكنها أوحت لأردوغان بإمكانية البوح بأهدافه الدفينة في السيطرة والتوسع والهيمنة على المنطقة، ومنحته نوعاً من القدرة الخادعة على المناورة وحجز مكان له في تقرير مصيرها. غير أن هذه السياسة ظلت مكشوفة وتعاني من تصدع الجبهة الداخلية واقتصاد يوشك على الانهيار، حتى تحولت إلى مجرد «قفزة في الهواء» من المؤكد أنها ستنتهي إلى الفشل الذريع. هذه السياسة نفسها هي التي دفعت أردوغان، استناداً إلى أوهامه بأنه أصبح لاعباً إقليمياً، إلى محاولة التمدد أكثر والتنقيب في مياه قبرص اليونانية الإقليمية، في تحدٍّ مباشر للشرعية الدولية والمجتمع الدولي، غير أنه ووجه بموقف صلب وحاسم من جانب الاتحاد الأوروبي الذي لم يتردد في فرض عقوبات صارمة ومؤثرة كدفعة أولى قد يتبعها عقوبات أخرى إذا لم يتراجع عن هذه السياسة. ومن بين هذه العقوبات خفض التعاون الأوروبي مع تركيا، وتقليص المساعدات المقدمة إليها للعام 2020، وتعليق المفاوضات حول النقل الجوي، وعدم عقد مجلس الشراكة.

على الجانب الآخر، تواصل إدارة ترامب دراسة خيارات فرض عقوبات متفاوتة الشدة على تركيا، رداً على صفقة صواريخ «إس - 400» الروسية، وفي مقدمتها منع تركيا من الحصول على طائرات «إف - 35» التي تعتبر نفسها شريكاً أساسياً في تمويلها، وهو ما يفاقم الأزمة في العلاقات المتدهورة بين الجانبين، بدءاً من شرقي سوريا والخلاف حول الأكراد و«المنطقة الآمنة» وصولاً إلى أزمة «إس - 400» ومخاوف واشنطن وحلف «الناتو» من كشف الرادارات الروسية أسراراً عسكرية، ما يحمل على الاعتقاد أن تركيا قد تضطر في نهاية المطاف إلى مغادرة حلف شمال الأطلسي، ومثل هكذا سياسات لن تقود إلا إلى سقوط أصحابها وعلى الأرجح أن ذلك سيكون مسألة وقت.

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.