تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هل يكون جونسون آخر رئيس وزراء للمملكة المتحدة..؟!!

مصدر الصورة
وكالات

هل يكون جونسون آخر رئيس وزراء للمملكة المتحدة؟! سؤالٌ قد يبدو أنه سابق لأوانه وغير منطقي حتى الآن، ولكن مهمتنا في التحليل أن نضع كل الاحتمالات نصب أعيينا وأن نضيء عليها لشرح القضايا التي نتناولها قدر الإمكان. وقبل الخوض في التفاصيل، أودّ الإشارة إلى أنني تساءلتُ في صفحتي على الفيس بوك، يوم قرر رئيس وزراء المملكة المتحدة الأسبق ديفيد كاميرون إجراء الاستفتاء على خروج المملكة من الاتحاد الأوروبي؛ هل ديفيد كاميرون منفصل عن الواقع؟ وسخر أحد الأصدقاء العرب المقيمين في المملكة المتحدة من سؤالي، لأنّ "الانفصال عن الواقع" تهمة غربية يوصف بها القادة العرب فقط. ولكن كانت نتيجة الاستفتاء الذي تم في 23 حزيران 2016 أن صوّت 51.9 في المائة لصالح الانسحاب والخروج من الاتحاد، كما خرج كاميرون بدوره من رئاسة الوزراء، وكان فعلاً منفصلاً عن الواقع.

بالطبع كنتُ جدياً يومها فيما كتبت، وقد أثبتت الأيام أنْ ليس كاميرون وحده الذي كان منفصلاً عن الواقع، فحسب، بل أيضاً السيدة تيريزا ماي التي أعقبته في رئاسة وزراء المملكة المتحدة، وهي بالطبع من حزب المحافظين الذي ينتمي إليه كاميرون، وكانت تطمح أن تكون مارغريت تاتشر الحديدية الثانية... ولكن لا الظروف هي نفسها ولا المملكة المتحدة هي المملكة المتحدة ذاتها، وأقل ما يمكن أن توصف به فترة حكم السيدة ماي: الفشل الذريع..!!

ونعود إلى الواقع الجديد في بلاد الضباب، فقبل يومين خلَفَ بوريس جونسون السيدة ماي في رئاسة الوزراء في المملكة المتحدة؛ فهل يستطيع الرجل الذي وُصِف "بالمهرّج" وبأنه "جرو ترامب" انتشال المملكة العجوز من محنتها؟! سؤال صعب، لم يبدِ كثيرون تفاؤلهم بقدرة الرجل الإجابة عنه إيجاباً أو إنجاز المهمة الموكلة إليه، ولكن لماذا..؟!

أولاً، لقد وصل جونسون إلى رئاسة حزب المحافظين بفارق قليل في التصويت؛ وهذا يعني أنّ المشكلة الأولى التي عليه تخطيها هي توحيد حزبه أولاً وقيادته بقوة ليتمكن من تأمين الدعم اللازم له في المسائل والقضايا الخلافية الكثيرة التي ستعترضه. ولم يكن أمر التمثيل غائباً عن أعين المعارضة، حيث شكك جيرمي كوربين رئيس حزب العمال بشرعية جونسون وأنّه يجب العودة للشعب البريطاني لاستفتائه ونيل موافقته فيما يخص مستقبل المملكة المتحدة؛ بالطبع، ليس قليلاً في أقدم وأعرق الديمقراطياًت أن تطعن المعارضة بشرعية رئيس وزراء البلاد..؟؟!!

ثانياً، على جونسون بعد توحيد حزبه، أن يعمل على توحيد المملكة المتحدة؛ البلاد منقسمة بشكل حاد جداَ حول العديد من المسائل، لكنّ أخطرها هو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "البريكزت"؛ الإنقسام حول "البريكزت" يهدد مستقبل وحدة البلاد لأنه شطرَ مواطني المملكة المتحدة إلى قسمين متساويين تقريباً، وهذا سبب جوهري للصعوبة التي ستواجه إعادة توحيدهم؛ المشكلة الأساس هنا أنّ الانقسام ليس بين مواقف الأحزاب البريطانية نفسها فقط، بل هو يمتد ليكون بين المقاطعات أو الأقاليم التي تتشكّل منها المملكة المتحدة، والتي تختلف فيما بينها بين مؤيد للبقاء في الاتحاد الأوروبي وآخر مؤيد للخروج منه، بل ومن وحدة المملكة المتحدة ذاتها.

والمشكلة الأخرى التي لا تقلّ أهمية في هذا السياق، هي عدم وجود رؤية واضحة للمرحلة التالية، لمستقبل المملكة المتحدة، سواء غادرت الدولة الاتحاد الأوروبي باتفاق مع الاتحاد أو بدون اتفاق، أو حتى إن لم تغادر وتراجعت عن "البريكزت"؛ ماذا بشان الاقتصاد، ماذا بشأن الفقراء، الأوروبيين الموجودين في البلاد، مواطني المملكة المتحدة الموجودين في أوروبا، وتكاليف إنجاز الطلاق مع أوروبا... الخ، كمّ هائل من الأسئلة والمشاكل والقضايا والتحديات التي على حكومة جونسون مواجهتها وحلها، وفي فترة محددة وقصيرة جداً.

ثالثاً، لاشك أنّ الدور الخارجي سيكون فاعلاً ومؤثراً؛ فإذا كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يريد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي ويدعم ـ كما أعلن ـ  توجهات السيد جونسون الإنفصالية، فإن هذا الدعم ليس بدون مقابل، وهو سلاح ذو حدين في ظل رفض قسم كبير من سكان المملكة المتحدة للتقارب مع ترامب ورفضهم لإهاناته المتكررة لبلادهم ومحاولته تقزيم دورها؛ ثم ماذا عن موقف كل من الاتحاد الأوروبي والصين وروسيا، وكيف سيكون تعامل هذه الأطراف مع الدولة التي لطالما شكّلت صداعاً مزمناً بسياساتها وتحالفاتها..!!

ليس من سبب يدعو للتفاؤل بمستقبل أفضل للمملكة المتحدة، ومع ذلك، فقد يكون لدى الرجل الـ"fool"، وليس الـ"foolish" كما قال شكسبير، القدرة على استنهاض القدرات الكامنة وتوظيفها بشكل أفضل، أو توظيف خوف البريطانيين وقلقهم لتحقيق المهمة المستحيلة.. الأيام ستكشف ما ننتظر الإجابة عنه قريباً..؟!!

                                                                                      بـديـع عفيــف

 

 

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.