تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

إيـران تتقدّم.. بالنقـاط..؟!!

مصدر الصورة
وكالات

لا يستعجل حائك السجاد الإيراني في عملية صناعة تحفته؛ ليس المهم عنده سرعة الإنجاز، بل جودته ونوعيته؛ المهم إتقان العمل؛ ولذلك لا يرتق قطبة مكان أخرى أو قبلها بشكل غير مناسب، ولا لوناً مكان آخر، حتى تكتمل الصورة المحددة لديه؛ يقوم بعمله بتأنٍّ وصبر وطولة بال؛ "الصبر الاستراتيجي" سمة حائك السجاد الإيراني، ومأخوذة من تراثه قبل أن تكون سمة السياسة الإيرانية في المحافل الدولية؛

سياسة الصبر الاستراتيجي الإيرانية، كما هو واضح، تعتمد على تنظيم واستخدام كل الموارد المتاحة بالشكل الأمثل، وبالتوقيت المناسب لكل منها بحساب دقيق ومتقن ومتزامن؛ إعلامياً ودبلوماسياً واقتصاديا وسياسياً وعسكرياً، وبما يعيد التأكيد دائماً أنّ إيران ليست وحدها في مواجهة الحرب الأمريكيةــ الإسرائيليةــ السعودية القائمة ضدها؛

إيران صمدت في مواجهة التهديدات والعقوبات الاقتصادية ومحاولات التخريب من الداخل والتحرشات الخارجية وتجميع الأساطيل، وحوّلت كل نقطة من هذه الضغوط، تقريباً، إلى فرصةٍ حقيقية لصالحها، تستفيد منها؛ واجهت الضغوط الاقتصادية بخطط مدروسة وأفقدتها قوتها وتأثيرها؛ اعتبرت تجميع الأساطيل في مياه الخليج نقطة ضعفٍ للعدو تمكّنها من استهدافه بسهولة بدل الذهاب إليه؛ أسقطت الطائرة الأمريكية المسيّرة التي حاولت اختراق الحدود الإيرانية وحققت بذلك إنجازاً كبيراً يُحسبُ لها؛ بدأت خطوات تراجعية عن الالتزام بالاتفاق النووي الموقّع مع الدول الست، على قاعدة بسيطة أنه يمكن التخلي عن الاتفاق الذي لا يحقق مصالحها، ولاسيما أنّ الطرف الآخر تخلّى عنه؛ احتجزت بواخر نفطٍ رداً على احتجاز باخرة نفط إيرانية؛ وهي تعلن كل يوم وتؤكد أنّ ردّها على أي عدوان عليها سيمتد من البحر المتوسط إلى المحيط الهندي، فمن ذا الذي يستطيع تحمّل ذلك؛ الهجومُ على منشأتي شركة "أرامكو" السعودية، الذي نسبه الأعداء إليها وحمّلوها مسؤوليته، وقالت إنه شرف لا تدّعيه، يقول أياً كان منفّذه؛ "مدنكم من بنزين والكبريت في يدي".. فاعقلوا واهدأوا.. واسحبوا شروطكم وتهديداتكم وكفّوا عن الصراخ قبل أن يتحوّل إلى عويل..!!

الانتقال الإيراني من الصبر والصمود والدفاع إلى الهجوم يتم بإدارة وحنكة كبيرتين؛ الأسلوب لافت؛ التدرج في إظهار نقاط القوة وعدم كشف كل شيء دفعة واحدة، هو علم بحدّ ذاته؛ التوقيت مهم في الانتقال إلى الهجوم المدروس؛ في سنة الانتخابات الأمريكية من يجرؤ على الدخول في حرب لا يعرف متى وكيف وأين تنتهي..؟! الجيش السعودي الذي تمرّغت سمعته بالتراب في حربه المديدة ضد اليمن الضعيف بعد فشله في إحراز أي نصر يحفظ كرامته، لم يكن ولم يعد في بال واهتمام أحد؛ الحلفاء ليسوا فقط في اليمن وجنوب لبنان وسورية والعراق؛ الحلفاء هم أيضاً الصين وروسيا الذيَن تقاتل عنهما إيران ضد الغرب بقيادة الولايات المتحدة؛ تحجيم الدور الأمريكي في الشرق الأوسط وإهانة أمريكا وكشف عجزها عن الرد يخدم مشروع الصين (حزامٌ واحد , طريقٌ واحد)، ويخدم الوجود الروسي في المتوسط والدور الروسي المتزايد في الشرق الأوسط ويعزز فرص أن تحلّ منظومات الـ "إس 400" مكان "الباتريوت" عديمة الجدوى و المتقادمة، وأكثر من ذلك..!!

إظهار الإمكانات الدفاعية والهجومية الإيرانية عكس/ بيّن قدرات إيران التكنولوجية "الهائلة" ومدى تقدّم أسلحتها وتطورها ودقتها، ورخص كلفتها مقارنة بسلاح الأعداء، وهي بدأت ترعب العدو وتجعله يعيد التفكير والتحسّب لما هو آتٍ من خطر؛ ولعلّ "الارتداع" يَظهر أكثر ما يظهر في ردود وتعليقات مسؤولي الكيان الإسرائيلي وتحليلات كتّابه ووسائل إعلامه التي لم تعد قادرة على تغطية فشل جيش الاحتلال وقصور خططه، ولا تجاهل التحدي الاستراتيجي الذي يواجهه هذا الكيان من خلال أبسط التقنيات وأقلها كلفة؛ فكيف بالصواريخ الطويلة المدى والباليستية.

ولكنّ "مبدأ إذا كنت تريد السلام.. فاستعد للحرب"، الذي تنتهجه الجمهورية الإسلامية، لا يمنع إيران من ترك الباب مفتوحاً للحل السياسي للقضايا والمشاكل العالقة، بل وتقديم المبادرات لتسهيل ذلك الحل، وتقديم سلم النزول للعدو للتراجع عن المأزق الذي زجّ نفسه به.. وللخروج من حالة الحرب والدمار إلى حالة الأمن والسلام والاستقرار للجميع..!!

                                                       بـديـع عفيـف

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية - خاص

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.