تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

العدوان التركي على سورية

مصدر الصورة
عن الانترنيت

محمد خليفة

العدوان التركي على سورية، وتحت أي مسمى كان، يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، فلا يحق لتركيا أن تنتهك حرمة الأرض السورية ولا أن تدّعي قتالها للجماعات الكردية الانفصالية.

منذ بداية الأزمة السورية عام 2011، كانت حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، شريكاً في تدمير سورية، فقد تم فتح الحدود لدخول عشرات الآلاف من المقاتلين من مختلف بقاع العالم تحت مسمى «نصرة الشعب السوري»، كما تمت سرقة مقدرات هذا الشعب في حلب، وفي سواها من المدن الأخرى، وتعمل تلك الحكومة وفق أجندة تهدف إلى إحياء النزعة العثمانية وإعادة سورية، وغيرها من البلاد العربية، إلى السيطرة التركية، وهي تستخدم تنظيم «الإخوان» في تنفيذ مشروعها. وكان لهذا التنظيم، ولا يزال، جماعات مسلحة تقاتل الدولة السورية تحت مسمّيات مختلفة، لكنها كلها تجمع على الولاء لتركيا، وتعمل على تنفيذ مشروعها التخريبي في سورية. وكم قتلت تلك الجماعات من الشعب السوري، وكم دمرت من منشآت ومؤسسات بنتها الدولة السورية على مدى الأعوام الطويلة الماضية.

وقد أدى التدخل التركي منذ البداية إلى تعقد الأزمة، لكن تركيا لم تكن وحدها، بل كانت ضمن حلف واسع تقوده الولايات المتحدة، ويضم دول الغرب، بهدف تغيير المنطقة برمّتها من خلال خلق ثورات مزعومة، ومن ثم إيصال تنظيم «الإخوان» المشبوه إلى الحكم في الدول العربية. ورغم أن المشروع فشل بعد سقوط حكم «الإخوان» في مصر عام 2013، لكن تركيا استمرت في محاولاتها لزعزعة استقرار سورية، واتخذت من النشاط العسكري الكردي مسوّغاً لها في ذلك، وكان الأكراد أقاموا منذ بداية عام 2014 ما سمي «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية» التي تعرف باسم «روج آفا» بالكردية، أي غرب كردستان، ويتولى إدارة هذه المنطقة التي تمثل نحو ثلاثين في المائة من مساحة سورية، ما يسمّى «قوات سوريا الديمقراطية» التي يُشكل الأكراد عمودها الفقري، وكانت هذه القوات تتلقى الدعم والمساندة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. وقد عملت الإدارة الذاتية الكردية على تمهيد الطريق لإقامة دولة كردية في تلك المناطق، حيث فرضت المنهاج الكردي في جميع المدارس والمجمعات التربوية الخاضعة لنفوذها. وفي مطلع عام 2018 قامت تركيا بتنفيذ عملية عسكرية ضد الحكم الكردي في عفرين، وشارك في تلك العملية فصائل الجماعات المسلحة الموالية لها.

وفي تطور مفاجئ، بدأت الولايات المتحدة، في 7 تشرين الأول، بسحب قواتها من الشريط الحدودي مع تركيا في شمال سورية، بعد ساعات من منح الرئيس دونالد ترامب، نظيره التركي رجب طيب أردوغان، الضوء الأخضر لشن هجوم ضد المقاتلين الأكراد. وفي الوقت عينه، أعلن هذا الأخير نية بلاده القيام بعملية عسكرية لدحر الأكراد لمسافة 30 كيلومتراً عن الحدود التركية، وكانت الحكومة السورية حذرت تركيا من مغبة شن عملية عسكرية في شمال سوريا ضد الأكراد، منددة بنوايا تركيا «العدوانية»، ومتوعدة بالتصدي للهجوم، ودعت في الوقت عينه الأكراد للعودة إلى الوطن. وقد أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة رفضها للتدخل التركي في سورية، وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش:«الإدانات العربية الواسعة للعدوان التركي على سورية ليست بالمستغربة، فالحد الأدنى للعمل العربي المشترك رفض العدوان على الفضاء العربي، وبالمقابل فالموقف الدولي الرافض للعدوان التركي ينبع من أسس القانون الدولي وإدراك مشترك بأن هذه الخطوة ستعقد المشهد المعقد أصلاً». وقد أدان مجلس وزراء الخارجية العرب، «العدوان التركي على سورية»، وحمّل المجلس أنقرة «مسؤولية تفشي الإرهاب». واعتبر المجلس، في قرار في ختام أعمال اجتماعه الطارئ بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية برئاسة العراق، في القاهرة، يوم 12 تشرين الأول «العدوان التركي تهديداً مباشراً للأمن القومي العربي وللأمن والسلم الدوليين». والواقع أن العدوان التركي على سورية، وتحت أي مسمى كان، يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، فلا يحق لتركيا أن تنتهك حرمة الأرض السورية، ولا أن تدّعي قتالها للجماعات الكردية الانفصالية، فلو كانت تركيا دولة صادقة، ولو كانت تحترم تعهداتها الدولية، لكانت قدمت الدعم للحكومة السورية لكي تتمكن من فرض القانون والنظام على كامل الأرض السورية، ومنها مناطق الكرد، فتدخّلها السافر في سورية يوحي بأنها تريد أن تنفّذ مشروعاً استعمارياً. وهناك دولة قائمة في سورية، وهي مسؤولة عن كل مواطنيها، ومسؤولة عن كل ذرة تراب من أرض الجمهورية العربية السورية.

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.