تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

«قنبلة» داخل «الناتو»

مصدر الصورة
عن الانترنيت

مفتاح شعيب

فجر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قبل أيام، قنبلة صوتية داخل حلف شمال الأطلسي «الناتو»، عندما أعلن أن هذا الحلف «مات دماغياً» بسبب غياب التنسيق الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وشركائها، موجهاً انتقاداً شديداً لنظيره الأمريكي دونالد ترامب متهماً إياه بجعل الحلف أشبه بالمشروع التجاري لدر المال والصفقات لصالح واشنطن.

تصريح ماكرون الجديد، استتباع لمواقف أوروبية دأبت على توجيه سهام النقد إلى الحلف الأطلسي والعلاقة مع واشنطن. وكان الطرح الفرنسي لبناء قوة دفاع أوروبية مقدمة لحملة تشكيك مستمرة في قدرة الحلف الأطلسي على مواكبة التحولات الجيو سياسية العاصفة والتي تعيد توزيع موازين القوى في العالم. وربما يكون تصريح ماكرون، الذي نشر بالتزامن مع زيارته إلى الصين، تعبيراً عن هذا الوعي، وفضلاً عن الولايات المتحدة، أشار الرئيس الفرنسي إلى سياسة تركيا، العضو في «الناتو»، وتدخلها في الشمال السوري وما يمكن أن ينجم عنه من مأزق للحلف إذا اندلع صراع عسكري واسع تورطت فيه أنقرة، لاسيما أن هذا العضو له سوابق في تهديد سياسة الحلف، ومنها الأزمة التي اندلعت عام 1974، عندما غزت القوات التركية جمهورية قبرص وأنشأت فيها دولة «قبرص التركية». وعندما تصبح الدول الأعضاء في الحلف غير منضبطة وتتجاوز صراحة القانون الدولي، فإن مصداقية هذا التكتل العسكري الواسع تصبح على المحك.

مثلما يقول الرئيس الأمريكي إن «الناتو» يمثل عبئاً على بلاده ويطالب الشركاء بتقاسم التكاليف، يقول الأوروبيون الشيء نفسه، إذ كثيراً ما تحول الحلف إلى ذراع عسكرية موازية لوزارة الدفاع الأمريكية. وتم جره إلى حروب كثيرة عادت بالفائدة الأكبر على واشنطن، ولم يتحقق الأمن الدولي المطلوب بدليل النتائج الراهنة في أفغانستان، ثم لاحقاً في ليبيا. وبسبب هذا الإخفاق وغياب الاستراتيجية الواضحة، تصبح مراجعة سياسات هذا الحلف ومجالات عمله أمراً مشروعاً، ويجب ألا يتعرض ماكرون إلى حملة شرسة لأنه تجاسر وقال ما يراه الحقيقة، مع العلم أن الموقف الفرنسي من «الناتو» تاريخي، وسبق للزعيم الراحل شارل ديجول أن سجل انسحاباً مدوياً عام 1966 احتجاجاً على هيمنة واشنطن ولندن، وسبق ذلك الانسحاب سجال عنيف بسبب الإصرار الفرنسي على قطع الصلات مع هذا التحالف، بل إن وزير الخارجية الأمريكي في الستينيات دين راسك لم يستبعد آنذاك أن يأمر ديجول سحب «جثث الجنود الأمريكيين المدفونة في مقابر فرنسا».

الغرب لم يعد على ما يرام، والأدلة على ذلك كثيرة، فمثلما هناك من يراجع بناء الاتحاد الأوروبي، هناك من يطالب بتصحيح العلاقة بين أوروبا والولايات المتحدة، وحديث ماكرون عن «الناتو» لا يخرج عن ذلك، بل يؤكده ويعززه في انتظار مزيد من التحولات المؤثرة.

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.