تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

أوروبا بين القواعد الأمريكية والغاز الروسي..!!

مصدر الصورة
وكالات

        دشن الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين، والصيني، شي جين بينغ، قبل أيام، بدء ضخ الغاز الروسي إلى الصين عبر أنابيب "قوة سيبيريا". واعتبر السيد بوتين المشروع حدثاً مهماً لسوق الطاقة العالمية وللشعبين الروسي والصيني، فيما أعرب الرئيس الصيني عن سعادته بتدشين هذا المشروع، مؤكداً أن هذا المشروع الكبير شاهد على العلاقات الاستراتيجية والتعاون بين روسيا والصين. (يبلغ الطول الإجمالي لخط أنابيب "قوة سيبيريا" حوالي 3 آلاف كيلومتر، وسينقل خط الأنابيب الغاز من مركزي إنتاج الغاز في إيركوتسك وياقوتيا، إلى الشرق الأقصى الروسي والصين)؛ فما هو دور "الغاز" في تكريس الحضور الروسي على الساحة الدولية؟

        للإجابة عن هذا السؤال يمكن الحديث عن إطارين مهمين؛ الأول، العلاقات الروسية الصينية المتنامية، حيث يعتقد الكثيرون أنّ الغاز الروسي إضافة إلى مشاريع أخرى سبقته وأخرى لاحقة يُرسّخ العلاقات الروسية – الصينية. وحقيقة، فقد أصبح البلدان أمام أفق جديد من العلاقات، سيحمل، كما أكد بوتين، التعاون الاستراتيجي بينهما إلى مستوى مختلف تماماً، لاسيما وأنّ المشروع يأتي في سياق تطوير العلاقات وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين واعتماد عملتي البلدين (اليوان والروبل) في التبادل التجاري بينهما. ومما لاشكّ فيه أنّ المشروع الضخم سيُساهم في إحكام سيطرة روسيا على سوق الغاز العالمية، كونه يتزامن مع مشروعين كبيرين آخرين، سيجري تدشينهما تباعاً، هما: خطّ "نورد ستريم 2" الروسي - الألماني، وخطّ "تورك ستريم" الروسي – التركي، وهذا ينقلنا إلى الإطار، ونعني العلاقات الروسية الأوروبية.

        فلقد بات واضحاً أنّ العقوبات الأوروبية على روسيا أصبحت مضرّة للاقتصادات الأوروبية والشركات الأوروبية أكثر من ضررها للاقتصاد والشركات الروسية، ولذلك بتنا نسمع أصواتاً متزايدة في أوروبا تتحدث عن ضرورة إعادة النظر بالعلاقات الأوروبية الروسية وإنْ كانت تضع تبريرات متنوعة وشروط غير مقنعة لذلك؛ إذ أنه تحتَ وحول القواعد العسكرية الأمريكية ومخازن السلاح المنتشرة في أوروبا، سوف تنتشر خطوط الغاز الروسية؛ وبالطبع فإن الأوروبيين بحاجة للطاقة والتدفئة أكثر من حاجتهم للأسلحة والطائرات الحربية. وهم بدأوا فعلاً بالحديث عن موت حلف الأطلسي "ناتو" دماغياً"، وعن ضرورة الانفتاح على روسيا والصين، متخطّين منطق الحرب الباردة.

        حاولت الولايات المتحدة عرقلة نمو العلاقات الروسية الصينية المتزايد وفشلت؛ وبالطبع ستحاول الولايات المتحدة عرقلة إمداد خطوط الغاز الروسية إلى أوروبا ولكنها لن تكون قادرة على فعل الكثير، فقد تأخر الوقت كثيراً، وهي أصلاً غير قادرة على المنافسة لأسباب اقتصادية بحتة قبل كل شيء آخر، وعدم قدرتها على تأمين البديل المناسب والمنافس. ومن الواضح أنّ تركيا ـ المثال الأقرب ـ تقترب أكثر من روسيا والصين لأسباب اقتصادية ولالتقاء المصالح الاقتصادية مع موسكو وبكين، فيما يقاوم شركاؤها في "الأطلسي" هذا التعاون ويمنعون عنها الميزات التي تساعد استقرار وتطوير اقتصادها المتراجع. روسيا، (وكذلك الصين) تتقدم على صعيد العلاقات الدولية على رافعة الاقتصاد والتكنولوجيا وسياسة التعاون ومدّ خطوط الاتصال، وليس الابتزاز والاستعمار، ولذلك فإن المستقبل يؤكد أنّ التعاون مع روسيا سيكون حاجة وضرورة لا يمكن تجاهلها أو الاستغناء عنها، وألمانيا وفرنسا يقدمان مؤشراً مهماً في هذا السياق..!!

                                                                   بـديـع عفيـف

 

 

 

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية - خاص

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.