تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

على تخوم إدلب

مصدر الصورة
وكالات

يونس السيد

يكشف الاشتباك السوري التركي في إدلب عن تعقيدات المعركة الدائرة مع اقتراب الجيش السوري من حسم الصراع في شمال غربي البلاد، واضطرار أنقرة لإرسال جيشها للدخول على الخط بشكل مباشر بعد أن عجز حلفاؤها من الفصائل المسلحة عن وقف زحف القوات الحكومية ما يجعل من معركة إدلب الراهنة بحق أم المعارك في إطار الصراع السوري المستمر منذ نحو تسع سنوات.

تركيا التي نفذت ثلاث عمليات عسكرية تحت مسميات مختلفة في شمال وشمال شرقي سورية دائماً ما كانت تتلطى خلف ذرائع واهية أهمها تقديم المساعدة للمعارضة «المعتدلة» التي تعتبرها ممثلًا للشعب السوري، لإخفاء احتلالها وأطماعها التوسعية في الأراضي السورية، والدور الذي ستلعبه مستقبلًا في البحث عن تسوية للأزمة السورية، بينما لا يوجد على أرض الواقع سوى فصائل مسلحة غالبيتها العظمى مصنفة إرهابية، إلى جانب آلاف المرتزقة الذين جندتهم أنقرة عبر الإغراءات المالية ومنحهم الجنسية التركية لنقلهم إلى حيث تريد وتوظيفهم في إطار نشر الإرهاب التركي سواء في ليبيا أو في سورية أو في أي مكان لخدمة مصالحها وصولًا إلى هدفها النهائي في إعادة إحياء «العثمانية الجديدة».

الغريب أن تركيا قررت، بعد الاشتباك الأخير في إدلب، اعتبار الجيش السوري في محيط نقاط المراقبة التابعة لها «هدفاً» معادياً وستتعامل معه على هذا الأساس، وكأنها هي صاحبة الأرض والدار بينما الجيش السوري قوات محتلة، ذلك أن نقاط المراقبة لا تحتاج إلى هذا الجيش الضخم ومئات الدبابات والآليات العسكرية لحمايتها، وكان يكفي تنسيق تحركاتها مع الجانب الروسي لمنع الصدام، وهي بالتأكيد لم تمنع تقدم الجيش السوري الذي أصبح على بعد ستة كيلومترات من مدينة إدلب ذاتها.

تتذرع أنقرة بأن روسيا لم تف بالتزاماتها عبر مساري «أستانا» واتفاقات «سوتشي»، لكن هذه الاتفاقات لم تمنع في أي وقت من الأوقات محاربة الإرهاب، ومنذ متى التزمت أنقرة أصلًا بهذه الاتفاقيات، فلقد أعطيت الفرصة تلو الفرصة لحل مشكلة «جبهة النصرة» وحلفائها حيث كانت تسيطر على معظم محافظة إدلب وأجزاء من محافظتي حلب واللاذقية، ونزع سلاحها وإخراجها من المنطقة العازلة لكنها لم تفعل، وفي معظم الحالات كانت «جبهة النصرة» وحلفاؤها هم من يبادر إلى شن الهجمات ضد القوات الحكومية مستفيدين من سلسلة حلقات وقف إطلاق النار التي أبرمتها أنقرة مع موسكو.

وعندما كانت هذه الفصائل تحرز تقدماً على حساب الجيش السوري لم نكن نسمع صراخ أنقرة على الإطلاق بقدر ما كنا نرى تعنتها تجاه دمشق والعودة للحديث عن «إسقاط النظام». اليوم يدفع عجز هذه الفصائل أنقرة إلى الزج بجيشها مباشرة لمحاربة الجيش السوري على أرضه في دعم واضح ومكشوف للإرهاب. لكن كل المؤشرات تدل على أن الجيش السوري الذي يقف الآن على تخوم إدلب لن يتوقف قبل استعادتها وإنهاء هذا الصداع مهما كان الثمن.

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.