تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

مشهد أمريكي ممزق

مصدر الصورة
عن الانترنيت

مفتاح شعيب

أن تبادر رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، بتمزيق نسخة من خطاب الاتحاد بعد أن ألقاه الرئيس دونالد ترامب، فذلك يعني أن القطيعة باتت عميقة جداً بين المؤسسات الأمريكية، وتحديداً بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، على وقع مجريات محاكمة العزل في مجلس الشيوخ، والانتخابات التمهيدية للاستحقاق الرئاسي في تشرين الثاني المقبل.

تمزيق الخطاب، بالصورة التي بدا عليها، يمثل سابقة في تاريخ الولايات المتحدة، ويؤشر إلى مشهد ممزق، ومعركة مفتوحة، بلا ضوابط. فطوال الثمانين دقيقة، تباهى ترامب بإنجازاته الاقتصادية والاجتماعية، وعرج على كل الملفات الخارجية، مدلياً فيها بما يعرفه الجميع عن مواقفه المعلنة. وفي مرات عدة ضجت القاعة بالتصفيق الحار من الجمهوريين، بينما ظل الديمقراطيون صامتين، وبدت بيلوسي متبرمة، وغير آبهة بما يقول الرئيس، أو يردد، وكان ردها البليغ في لحظة محرجة وتاريخية وغير بروتوكولية، بتمزيق نسخة من الخطاب.

وقد علل بعض المراقبين الحركة بأنها رد على تجاهل الرئيس مصافحة يدها الممدودة، لكن ما بين ترامب وبيلوسي أكثر من تجاهل مصافحة، لأنهما يعيشان منذ أشهر في خلاف محتدم حول قضايا عدة، وصولاً إلى المحاكمة في مجلس الشيوخ.

ولا يبدو أن المواجهة ستتوقف عند هذا الحد، بل ستمتد إلى السباق الانتخابي، ما يجعله معركة غير تقليدية، ستشهد خطابات عنيفة جداً، وغير مألوفة في أي ديمقراطية معاصرة. ويمكن في المقام الأول التوقف عند ردود الفعل الأولية على حادثة التمزيق، خصوصاً تغريدة بيلوسي التي ردت بها على من لامها على فعلها بقولها «كان تصرفاً مهذباً بالنظر إلى الخيارات الأخرى»، متوقعة أن يكون للولايات المتحدة رئيس آخر بعد تسعة أشهر.

لم تعرف الولايات المتحدة في تاريخها الحديث مثل هذه الأجواء السياسية المتوترة بين قطبي السلطة بواشنطن، إذ شهدت العلاقة بين الحزبين الكبيرين خلافات وصراعات عدة، ولكنها لم تستخدم خطابات التجريح، والتقريع، والاستهزاء، مثلما هو الحال اليوم، ولولا بعض الضوابط الديمقراطية الصامدة إلى الآن، ربما تنزلق البلاد إلى «حرب أهلية»، كان ترامب قد حذر منها مرات عدة، حين اتهم خصومه الديمقراطيين باستهدافه، وتعمّد تشويه إدارته.

وفي المقابل، يتهم الديمقراطيون الرئيس الجمهوري باعتماد سياسة عامة تقوم على تقويض نسيج البلد، وتمزيق منظومة العلاقات الدولية للولايات المتحدة، بما أضر بمصالحها، ومصالح حلفائها التقليديين.

ما حدث في الكونجرس يُدخل النظام الأمريكي في مرحلة من عدم اليقين في الفترة المقبلة، لاسيما بعد تصويت مجلس الشيوخ في قضية عزل ترامب بتبرئته من التهمتين الموجهتين إليه، ما يعني حرباً مفتوحة بين الديمقراطيين والجمهوريين. وبقطع النظر عن نتائجها، فإن الكلفة ستكون عالية على المؤسسات الدستورية، وعلى سمعة الولايات المتحدة في الخارج، بما يضرب موقعها كزعيمة للعالم الحر، كما كان يتردد منذ عقود.

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.