تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الولايات المتحدة بين الهجوم.. والدفاع السلبي..؟!!

مصدر الصورة
وكالات

قالت رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، لزملائها النواب الديمقراطيين إنها لم تكن تنوي تمزيق خطاب حالة الاتحاد للرئيس دونالد ترامب، لكنها قررت ذلك عندما لم تجد فيه صفحة "لا تضم كذبة".

بالطبع ليس قليلاً في بلد يدعي نشر وتعليم الديمقراطية للآخرين، أن تمدّ رئيسة مجلس النواب الأميركي يدها لرئيس البلاد ثم يرفض الرجل مصافحتها، ولا أن تقوم السيدة بيلوسي بتمزيق خطاب الرئيس، والذي يفترض أنه "وثيقة مهمة" في الدولة الأقوى في العالم؛ ولكن المسؤولة الأمريكية الرفيعة، رأت أن الخطاب "مليء بالأكاذيب"، وأنها عندما قرأت ربع النص قالت للمشرعين، بحسب أحد المعاونين (سكاي نيوز 6/2/2020)، "فكرت، أتعلمون.. إنه يبيع مشروع قانون سلع مثل بائع زيت ثعابين. لا يمكننا السماح بذلك.. لذا.. بدأت في جمع أوراقي بطريقة تجعلها قابلة للتمزق".

لقد خرجت الخلافات والاختلافات إلى العلن، ويبدو أنه لا يمكن لأي من الطرفين التراجع، لاسيما قبل الانتخابات الرئاسية التي أصبحت على الأبواب، ولكن للجميع أن يتخيل ويتصور المستوى المنحدر الذي هبطت إليه الحال الأمريكية..؟!

على أنّ الخلافات الأمريكية الداخلية بين نصفي الولايات المتحدة، لها مثيلاتها مع الخارج؛ بين البلاد وبقية دول العالم؛ بدءاً بالأصدقاء، حيث لا توفر الولايات المتحدة أحداً منهم، سواء دول ومملكات النفط الذين تبتزهم الإدارة الأمريكية، أو حلفاء واشنطن في حلف "الناتو" بدون استثناء تقريباً؛ الخلافات والضغوط مع فرنسا، ومع ألمانيا، ومع تركيا وأخيراً ما يرشح عن الخلافات مع بريطانيا ــ التي حصلت أخيراً على الطلاق مع الاتحاد الأوروبي ــ بشأن رفض لندن طلباً من ترامب بحظر دخول شركة "هواوي" تكنولوجي الصينية في مجال تطوير الجيل الخامس من شبكات الاتصالات ذات النطاق العريض في بريطانيا..!!

ولا تقلّ الخلافات الأمريكية شأناً مع دول تصنفها واشنطن في خانة الأعداء والمنافسين، مثل إيران والصين وروسيا؛ وغني عن التفصيل الضغوط القصوى التي تمارسها إدارة ترامب ضد طهران لابتزازها، بعد انسحاب الإدارة الأمريكية من الاتفاق النووي، وقيامها باغتيال القائد الإيراني الشهير قاسم سليماني، والرد الإيراني بقصف القواعد الأمريكية في العراق؛ ولا تغيب عن البال أيضاً الحرب التجارية التي بدأتها إدارة ترامب ضد الصين واقتصادها المزدهر، مدفوعة بالخوف من التطور الصيني العلمي والتكنولوجي والاقتصادي الذي بدأ ينتشر ويتوسع في بقاع العالم مهدداً الزعامة الأمريكية، حتى أن المسؤولين الصينيين لفتوا إلى محاولة واشنطن استغلال موضوع انتشار فيروس كورونا بشكل سيء وعدواني؛ ولا يفوت الحديث عن العقوبات التي تفرضها واشطن ضد غريمتها موسكو وتهديدها للدول والشركات المتعاونة مع روسيا والعاملة فيها.

بالمحصلة، فإنّ السلوك الأمريكي الداخلي والخارجي، والممارسات الأمريكية، والعقوبات التي تفرضها الإدارة الأمريكية.. كل ذلك يعكس حقيقة أنّ الولايات المتحدة ليست في أحسن حالاتها، وأنها لا تشعر بالثقة الكافية بنفسها؛ الولايات المتحدة تتصرف بدافع الخوف لأنها بدأت تدرك أنّ مرحلة الأحادية القطبية التي تزعمتها قد انتهت؛ ولأنها بدأت تستوعب أنّ نظاماً عالمياً جديداً بدأ يتشكل، وأنها لا تستطيع منع حدوث ذلك، لذلك تحاول تأخيره قدر المستطاع.

الولايات المتحدة تتصرف بشكل سلبي وبطريقة ردّ الفعل لأنها فقدت القدرة على التأثير والفعل الإيجابي، ولأنها تشعر أنها لم تعد النموذج العالمي الذي يرغب العالم بمثله أو بتقليده؛ وربما الأهم من كل ذلك، أن سبب تصرف الولايات المتحدة بعدائية تجاه الآخرين هو تيقنها أنّ الساحة الدولية أصبحت تضم الكثير من المنافسين الذين لم يعودوا يولوا الكثير من الاهتمام للسيد الأمريكي، بل يبحثون عن أدوارهم ومصالحهم وتثيبت أحجامهم في عالم معقد يسير نحو مستقبل ضبابي لا أحد يستطيع التكهن بأي اتجاه وإلى أي مكان تمضي وتتحول العلاقات الدولية وموازين القوى..؟!!

                                      بـديـع عفيـف

 

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.